المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي السابق بالتلفزيون الجزائري محمد بوسيحة    اختتام شهر التراث: السيدة مولوجي تشرف على تسليم شهادات تكوين وتأهيل وتكريم باحثين    الجزائر- بلجيكا: التوقيع على اتفاقية شراكة في مجال التكفل الطبي    حزب العمال يعلن عن ترشيح أمينته العامة لويزة حنون لرئاسيات 7 سبتمبر المقبل    إصدار طابعين بريديين خاصين بالإحصاء العام للفلاحة    أولاد جلال : حجز 15 ألف كبسولة من المؤثرات العقلية بسيدي خالد    البنك الوطني للإسكان يدخل رسميا حيز النشاط    خلال موسم الاصطياف : جلاوي يمنع التخييم في الغابات وكراء "الباراسول"بشواطئ عنابة    الجزائر تحتضن أشغال المؤتمر ال36 للاتحاد البرلماني العربي يومي 26 و27 مايو    أوتشا يعلن عن نفاد جميع مخزوناته الإغاثية في قطاع غزة    العدوان الصهيوني على غزة : 15 شهيدا في قصف للاحتلال على مخيم جباليا    دراجات /طواف الجزائر-2024/ : "الطواف يضمن الفرجة للجماهير وحظوظ الدراجين الجزائريين بالتتويج قائمة"    ألعاب القوى لذوي الهمم /مونديال 2024 (رمي القرص): صافية جلال تقتطع تأشيرة التأهل الى الألعاب البارالمبية بباريس    الأمم المتحدة تحيي ذكرى النكبة الفلسطينية للعام الثاني على التوالي    المجلس الأعلى للشباب يحتفي بالذكرى ال68 ليوم الطالب بالقطب الجامعي لسيدي عبد الله    رئيس الجمهورية يهنئ فريق مولودية الجزائر بمناسبة تتويجه بلقب الرابطة المحترفة الأولى    أوبرا الجزائر: افتتاح الطبعة ال13 للمهرجان الدولي للموسيقى السمفونية    وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف يتلقى اتصالا هاتفيا من نظيره الصربي    الوزير بلمهدي مُنتظر ببومرداس اليوم    التحضير لإنشاء مناطق حرة بجيجل والطارف وتبسة    الزراعة المائية بالطاقة الشمسية كفيلة بتحقيق الأمن الغذائي    مذكرة تعاون بين الجزائر والصين    اختبار لوكلاء اللاعبين بالجزائر    رونالدو يتصدر قائمة أعلى الرياضيين أجراً    بوغالي يقترح إنشاء لجنة برلمانية استشارية    شركات آسيوية عملاقة تسعى للاستثمار في الجزائر    قافلة تضامنية لفائدة المسنين    الخبز الأبيض خطر على صحة الإنسان    مصنع فْيَاتْ بوهران لم يُغلق    المخزن يرتبك في الأمم المتحدة    القضية الفلسطينية بحاجة لأمّة قوية    الحجاج مدعوون للإسرع بحجز تذاكرهم    مهنة الصيدلي محور مشروع مرسوم تنفيذي    الخطوط الجوية الجزائرية: دعوة الحجاج إلى الإسراع بحجز تذاكرهم عبر الأنترنت    الرئيس تبون يعول على استصلاح مستدام للأراضي بالجنوب    قدم عرضها الشرفي ببشطارزي عشية المنافسة: "زودها الدبلوماسي" تمثل الجزائر في مهرجان "ربيع روسيا الدولي"    بونجاح "التاريخي" يتجه للّعب في السعودية الموسم المقبل    قرار فرنسي يسدي خدمة من ذهب للفريق الوطني    وناس يسخر من مسؤولي ليل ويبحث عن وجهة جديدة    أوبرا الجزائر بوتقة للتميز الإبداعي    هذا جديد ملف تصنيع المركبات في الجزائر    تأخر كبير في ربط تيارت بالطرق المزدوجة    الكيان الصهيوني يستخف بتهمة الإبادة الجماعية    الدفع بالتعاون الجزائري- القطري في مجال الابتكار    توقيف سارقي عتاد محطات البث الهوائي    غريق بشاطئ مرسى بن مهيدي    سقوط ثلاثينيّ من علو 175 متر    عمداء الموسيقى العالمية يلتقون بالجزائر    حلقة أخرى في سلسلة "الثورات" الاقتصادية    تسييج "بورتيس ماغنيس".. ضمانة الأمان    باحثون متخصّصون يشرعون في رقمنة التراث الثقافي    نظام تعاقدي للفصل في تسقيف الأسعار    بشار/أيام الموسيقى ورقص الديوان: حفل تقدير وعرفان تكريما لروح الفنانة الراحلة حسنة البشارية    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يجري في تركيا؟
نشر في أخبار اليوم يوم 27 - 12 - 2013


بقلم: ياسر الزعاترة
ليس من حق الذين عادوا أردوغان (بعدما طبّلوا طويلا لتجربته الإسلامية المستنيرة كما كانوا يصفونها)، عادوه لمجرد أنه وقف إلى جانب شعب ضد طاغية (في سوريا)، بعدما استنفذ جهده في النصح له بإصلاح الموقف والاستماع إلى شعبه، ليس من حق هؤلاء أن ينظّروا عليه فيما ينبغي عليه أن يفعل، لأن ما يعنيهم أصلا هو وقوفه في المعسكر الذي يريدون (معسكر بشار)، ولو كان كذلك وجرى له الذي جرى، لقالوا إن مؤامرة صهيونية تحاك ضده، ولربما شتموا الغرب الذي انتقد تعاطيه مع متظاهري تقسيم وحديقة (غيزي) من قبل.
هل دفع أردوغان ثمن سياسته في سوريا؟ لا شك في ذلك على الإطلاق، وهذا ما يمنحه وسام شرف عند من يفهمون لغة الأخلاق والقيم، فالذين أشعلوا النار وألقوا الأشواك في دربه إنما كانوا يتحركون على أساس طائفي، فضلا عن حزبي وأيديولوجي.
لو كان النجاح السياسي والاقتصادي يلغي الحساسيات العرقية والطائفية والأيديولوجية، لكان الطبيعي أن يحصد أردوغان في الانتخابات الماضية 90 في المئة من أصوات الأتراك، وليس 48 في المئة فقط. فما حققه كان أسطورة بكل المقاييس، ومن يذهب إلى تركيا، ويرى الامتيازات التي حصل عليها الناس خلال فترة حكمه سيصاب بالذهول، والذين يهجونه الآن لأسباب معروفة، هم أنفسهم من كان يتغزلون بتلك الإنجازات، ومن ضمنهم نظام بشار نفسه الذي كان يرقص فرحا بسبب تطور علاقاته بتركيا.
نعم، أردوغان يدفع في شق مما يحدث له ثمن موقفه من سوريا، وهو موقف صحيح من الناحية الأخلاقية، وقد وقفه من منطلق أخلاقي، ولم يفكر أبدا في قصة العثمانية التي يهذي بها طائفيون ومرضى وشبيحة من كل صنف ولون، بل إنه تردد شهورا عديدة قبل أن يحسم موقفه من الثورة، وبعد مساعي حقيقية مع النظام لكي يصلح، لاسيما أن الخسائر التي ستترتب على الموقف كانت واضحة منذ البداية في ظل تطور العلاقة بشكل كبير مع سوريا خلال الفترة التي سبقت، بخاصة على الصعيد الاقتصادي. صحيح أن الأمور لم تسر كما كان مخططا، لكن الضاغط الأكبر كان أخلاقيا، لاسيما أن صورة أردوغان في الوعي الجمعي للمسلمين كانت ستنتهي لو وقف إلى جانب الطاغية، فضلا عن صدامه مع القطاع الأعرض من المجتمع التركي ممن انسجموا مع غالبية الأمة في التعاطف مع الشعب السوري.
على أن ما لا يذكره أولئك الشبيحة من كل صنف ولون هو أن جزءا معتبرا من الثمن الذي يدفعه أردوغان الآن، إنما يأتي من تصنيفه عدوا في الدوائر الصهيونية (معسكر الثورة المضادة عربيا يتآمر عليه أيضا). وفتح الله غولن الذي أعلن الحرب على أردوغان له صلات معروفة بالمحافظين الجدد الذين يعرف الجميع ولاءهم للكيان الصهيوني، وينسى هؤلاء وهؤلاء أن رحلة الخصام مع غولن قد بدأت حين انتقد الأخير بشدة موقف أردوغان القوي حيال الجريمة الصهيونية ضد سفينة مرمرة، وتبعا لها عموم تعاطي أردوغان مع الشأن الفلسطيني.
لم يكن حضور جماعة غولن في القضاء والشرطة نتاج تقاسم أدوار أو مواقع كما يزعم البعض، بل هي الحقيقة التي كانت موجودة قبل أردوغان، وهؤلاء القوم بنفسهم الصوفي ليست لديهم أية خطوط حمر في عالم السياسة، فقد تنقلوا من تأييد حزب إلى آخر، وليس لهم هدف سوى حماية نفوذهم ومكتسباتهم. صحيح أن تحالف أردوغان معهم قد أفاده في تقليم أظافر العسكر، لكنهم أرادوا بعد ذلك أن يظلوا دولة داخل الدولة، وأن يسيطروا دون واجهة سياسية، وقد عرض عليهم أردوغان تأسيس حزب وخوض الانتخابات مثل الآخرين، لكنهم أرادوا المضي في ذات اللعبة، وجعل غولن من نفسه شخصا يوازي سلطة رئيس الوزراء المنتخب.
نأتي الآن إلى قصة الفساد الأخيرة، وهنا يمكن القول إن أحدا لم يجد حرجا في الربط بينها وبين الصراع مع جماعة غولن، حتى لو صحّ أن ثمة فسادا بالفعل، وما من حكومة في الأرض محصنّة تماما ضد الفساد، لكن الأمر كان مدبرا، ولو أعلم أردوغان بوجود فساد، لما تهاون معه بأي حال، لكنهم أرادوها ضربة للحكومة وله شخصيا، بل إن الحقيقة الأوضح هي أن محاولة انقلاب كانت تطبخ بالفعل، وجرى إجهاضها.
هل سيتأثر أردوغان والحزب بما جرى؟ مؤكد. لكن السؤال هو كم حجم التأثير؟ الجواب: لن يكون كبيرا، لاسيما أن التحقيقات قد لا تسفر عن شيء ذي قيمة كبيرة، وسيتضح حجم النكاية في القضية. لكن الأهم من ذلك كله هو سؤال رئيس الحزب القادم (رئيس الوزراء)، وعلاقة أردوغان بالوضع الجديد، وهي أسئلة لا تزال معلقة إلى الآن، ولا بد أن يجدوا لها حلا.
أيا يكن الأمر، فقد كانت تجربة الرجل طوال سنوات حكمه فريدة، وإنا لا أسميها تجربة إسلامية بالمعنى الواقعي للكلمة، لأنها تجربة حزب يقوده متدينون قادوا البلد بنفس قيمه السابقة، مع إتاحة المجال لحرية التدين، ومن الصعب لنجاح بهذا الحجم الكبير أن ينتهي سريعا، اللهم إلا إذا وقع انقلاب عسكري جديد، وهذا مستبعد، وإن لم يكن بشكل حاسم، بدليل القضية التي نحن بصددها، والتي اعترف أردوغان بأنها كانت محاولة انقلابية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.