السيد عطاف يستقبل وزير خارجية نيجيريا    السيد زيتوني يقف على التحضيرات تحسبا لمعرض التجارة البينية الإفريقية 2025 بالجزائر    الصحراء الغربية: الإعلام الدولي يواصل تسليط الضوء على تداعيات تصوير فيلم سينمائي في الداخلة المحتلة    تواصل موجة الحر بجنوب الوطن وارتفاع الامواج بعدد من الولايات الساحلية وأمطار في أخرى    عين تموشنت: مصنع تحلية المياه بشط الهلال يتجاوز مليار م3 من المياه المحلاة منذ بداية الاستغلال    وهران: استزراع 20.000 وحدة من صغار البلطي الأحمر    فلسطين: ارتفاع حصيلة ضحايا مجزرة الاحتلال بحق منتظري المساعدات شمال غزة إلى 51 شهيدا    الرئيس الإيطالي يندد بالوضع الإنساني في غزة ويدين جرائم الكيان الصهيوني في القطاع    البطولة الإفريقية للمحليين-2024 (المؤجلة الى 2025) /تحضيرات: المنتخب الوطني ينهزم أمام شبيبة الساورة (0-1)    ناصري يبرز جهود الجزائر لتكريس نظام دولي عادل    خطوة قويّة لتعزيز العلاقات الأخوية    بوجمعة يُنصّب الرئيس الجديد لمجلس قضاء الجزائر    الموانئ المغربية في خدمة آلة الإبادة الصهيونية    زعلاني يرافع لقانون مكافحة الاتجار بالبشر    الجزائر لن تتراجع عن دعم فلسطين    افتتاح صالون دعم الاستثمار    استذكار مواقف أيقونة النضال والتحرر    رئيس لجنة تنسيق اللجان يشيد بالتنظيم المحكم    زيتوني يشدد على ضرورة تعزيز آليات التوزيع    ارتفاع رقم الأعمال إلى 50 مليار دينار    بللو يؤكّد الدور الاستراتيجي لمركزي البحث    يجدد التزام الجزائر الثابت للتضامن مع الشعب اللبناني الشقيق "    رافد استراتيجي لصون التراث الثقافي الجزائري والإفريقي    البليدة : وضع حد لنشاط عصابة أشرار    إحباط تمرير 5 قناطير من الكيف المعالج عبر الحدود مع المغرب    القضية الفلسطينية أخذت حصة الأسد من النّقاش مع الرئيس    فتح باب التسجيل للانخراط في سلك الدرك الوطني    النخبة الوطنية في مهمة الحفاظ على ريادة الترتيب    آيت نوري يعود للتدريبات مع مانشستر سيتي    بن ناصر يغير وكيل أعماله    9 مراكز لتجميع الحبوب عبر البلديات    تحسين شروط الاستقبال والتواصل مع المواطن    مليون مسجّل في "عدل 3" اطّلعوا على نتائج دراسة ملفّاتهم    5 جرحى في انحراف وانقلاب سيارة    السيطرة على حريق شب بمتوسطة    "نصف دلاعة" لا يزال يغري المستهلك الجزائري    أسوأ سيناريو للمجاعة يحدث في غزّة    هولندا تسعى لفرض عقوبات أوروبية على الكيان الصهيوني    إيقاعات بلا حدود في قلب الجزائر    بين عبق التراث ورهانات المعاصرة    تساؤلات وفرضيات حول خفايا موقعين أثريين    حملة تحسيسية لتفادي التسمّمات الغذائية    بطولة العالم للسباحة 2025:جواد صيود ينهي سباق 200 متر متنوع في المركز 24    موجة حر    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي الدولي "الصيف الموسيقي" من 7 إلى 14 أغسطس بالعاصمة    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر - 2025) تنس الطاولة: الجزائرية هنا صادي تنال البرونزية في الفردي    تيسير المعاني باختيار الألفاظ ليس إهانة لها بل وفاء لجوهرها    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    بوجدرة يفتح النار على مُمجّدي الاستعمار    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح بين المجتمعات الأوروبية والبلدان العربية
نشر في أخبار اليوم يوم 25 - 02 - 2014


شيخ فاطمة الزهراء
لقد كان منطلق الإصلاح في أوربا معنى واصطلاحا وصولا إلى المفهوم ذو سياق ديني اشتد عوده مع مارتن لوثر وكلفن والحركة الإصلاحية المصاحبة ابتداء من القرن السادس عشر سنة 1517، وقد كانت الحاجة إلى ذلك منبعثة من التحولات التي عرفتها أوربا بدءا من إيطاليا ومرورا بألمانيا وفرنسا وأنجلترا، وميزة هذه الحركة الإصلاحية المناداة بالرجوع إلى الأصول المسيحية وتخليص الإنسان من الحتمية المتسربلة بالعقيدة.
ولعل بيك دولا ميرندول عام 1949 من أبرز من عبروا عن ضرورة الإصلاح وعيا منه بالوظيفة التي تؤديها الفلسفة في التجديد الديني، ويمكن أن نلخص موقفه بقوله الحامل لدلالات عميقة في الإفصاح عن جوهر العملية الإصلاحية إذ يقول على لسان الخالق مخاطبا عبده الإنسان يا صانع نفسك اصنع نفسك كما تشاء وعلى النحو الذي تراه مناسبا لك، فجاءت الدعوة إلى الإصلاح الديني القائمة على استنهاض همة الإنسان حتى يكتشف ويدرأ عن نفسه الانسحاق ولقد كان لتكمن الحركة الإصلاحية مع المصلحين مارتن لوثر وكالفن ناجم عن تفاعل مع حركة سبقت حركة الإصلاح الديني والتي مهدت له وهي الحركة الأنسوية المؤمنة بالإنسان بوصفه مركز الكون، و من بين أعمدة هذه الحركة لوفافر دي تابل واراسم الذي ترك موافق حساسة في رفض التعصب والدعوة إلى مثالية السلم.
أما منطلق الإصلاح في البلاد العربية كان صادر عن الاحتكاك بأوربا والناجم عن انتشار فكرة التمدن وذيوع مآثره حيث يوضح ذلك كمال عمران في مقاله تحت عنوان الإصلاح الاجتماعي في التجربة التونسية قراءة في الأنساق لن نجانب الصواب إذا ذهبنا إلى أن الشيخ أحمد بن أبي ضياف يحظى بميزة التعبير الفصيح عن هذه الفكرة وقد صدع بقولة عميقة الغور عندما حطت رجلاه بأرض باريس فأنشد (باريس وما أدراك ما باريس تلك الفتاة الغانية)، ومهما اجتهدنا في إثبات منابت الإصلاح داخل الثقافة العربية الإسلامية إحالة إلى حركة مرتضى الزبيدي أو أحمد بن عبد الوهاب أو الإمام الشوكاني، ومواطنه الإمام الصنعاني فإنه من العسير الاطمئنان إلى أن الإصلاح في هذه الحركات دافعة إلى تغيير الأوضاع ورفض أسباب الوهن)، ويضيف بقوله (الفرضية التي نطمئن لها هي أن عملية الإصلاح متغذية برسم المثال على الحال في أوربا، وقد أحسن جل رجال الإصلاح على تلك الحال وبرهنوا على أنهم فقهوا أسباب العمران إلا أن الانتقال إلى تشخيص أسباب الداء في بلدانهم أصيب بالفتور)، ثم يضيف (هل يجوز السكوت عن ملمح خطر آخر لازم عملية الإصلاح عند العرب هو التسليم بأن نتائج ما وصلت إليه أوربا من التمدن صالحة لتمثل المنطلقات والأسباب للنهضة العربية، ونرى في هذا نوعا من المفارقات الفظيعة وبها يمكن أن نفهم العلة في فشل خطاب النهضة في البلاد العربية)، فهل نستطيع أن نقول إن النهضة العربية والإصلاحات التي ظهرت لم تكن نابعة من منطلقات إسلامية؟ فحسب الدكتور كمال عمران أن حالة التمدن الأوربي، وانتشار ظاهرة التحضر الغربي من خلال احتكاك العلماء المسلمين بالدول الأوربية حاولوا تطبيق نفس التجربة الأوربية ومن منطلقات نوعا ما غريبة على المجتمعات الإسلامية دون أن يكون هناك توافق بين المجتمعين، فاتجاه حركة الإصلاح في البلدان الأوربية كان ملازما لمنطق التاريخ ويتسنى أن نتكلم عن تاريخية المفهوم والظاهرة وعلامة ذلك التطور الحاصل في الفكر وفي الممارسة المؤدية إلى منظومة متكاملة العناصر (من اكتشافات علمية، الثورة الفلسفية، النظريات العلمية، الثورة الصناعية والتحولات الاقتصادية، القوة السياسية والعسكرية والثورة المعلوماتية)، فلقد كانت الإصلاحات التي ظهرت في أوربا حضارية هادفة إلى بناء حضارة وتطويرها، إلى اعتبارها حركات إصلاحية هادفة إلى التغيير، نابعة من صلب تلك المجتمعات.
أما الاتجاه الإصلاحي عند العرب فقد كان ملازما بالظرفية مدفوعا إلى معالجة آنية مصدوما بواقع سياسي استبدادي أو استعماري وبواقع ديمغرافي عليل وثقافي تقليدي، كما أن الوضع العربي أفرز نسقا جديرا بالانتباه، فقد صدر عنه طريقان تمثل الطريق الأول في طريق السياسة والثاني طريق الدين.
أما السياسة فمنذ أن بدأ الإصلاح السياسي بهدف الحصول على الاستقلال وتصفية الاستعمار وظهور مفاهيم حق الشعوب في تقرير مصيرها عرفت السياسة سهما موجها نحو التطور ويمكن رصد ذلك من خلال التوق إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان، وقضايا البيئة توقا شمل كل البلاد العربية بدرجات متفاوتة، فلم تبق السياسة بمعزل عن التحولات العالمية ولم يمنع عن ممارسة السياسة التهيؤ الضروري مع مقتضيات العصر.
أما الدين فقد عرف سهما على عكس السياسة موجها من الأعلى إلى الأسفل كما أكده مالك بن نبي، فحركة جمال الدين الأفغاني كانت نسبيا أقرب إلى معنى الإصلاح الساعي إلى التعامل مع مرتكزات العصر، ثم جاء محمد عبده كان أقرب في منطقه إلى منطق العلوم الشرعية منه إلى منطق العصر، ومن الغرابة أن تظهر الحركات الدينية الحاملة للواء الإسلام الرافضة لروح العصر قاتلة لكل مشروع إصلاحي موهمة أن سلامة التدين بالرجوع إلى الماضي ثم يزداد حال العلة فيها وصولا إلى نهج فظيع هو ذهان القوة، ولعل من أسباب الفرقة بين طريق الدين والسياسة هو التقصير في فهم جوهر التحديث والعجز عن الغوص في مقتضيات العصر فكان المجال لإعمال العقل الاجتهادي فيها آنذاك ممكنا بل واجبا، إلا أن العقل العربي في تلك الفترة كان أميل إلى ما اكتسب رافضا بذل الوسع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.