السجل الوطني للمستفيدين الحقيقيين آلية تعكس حرص الجزائر على شفافية منظومتها القانونية والمالية    الجزائر تعد فاعلا مهما على المستويين الإقليمي والدولي من خلال جهودها فيما يخص مسألة الهجرة    المهرجان الثقافي الدولي للرقص الشعبي: معرض المنتجات التقليدية يستهوي الفرق الأجنية    الجزائر تستعد لاحتضان الأولمبياد العالمي للروبوت بمشاركة 35 دولة    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة الى 58026 شهيدا و 138520 مصابا    المغرب: أرباح فاحشة لشركات المحروقات على حساب اقتصاد البلاد ومصالح المواطنين    منع دخول المراقبين الدوليين إلى الصحراء الغربية المحتلة مؤشر واضح على عدم احترام حقوق الإنسان    أبو النجا: الكيان الصهيوني يسعى لاحتلال التاريخ... والمقاومة الثقافية واجب حضاري    الصالون الدولي للسياحة والأسفار: منصات رقمية جزائرية تراهن على التكنولوجيا لاستقطاب السواح والترويج لخدماتها    أمطار رعدية مرتقبة اليوم الأحد على ثلاث ولايات جنوب البلاد    تقديم العرض الأولي لفيلم "دنيا" بالجزائر العاصمة    موسم الاصطياف: وصول 80 طفلا من أبناء الجالية الوطنية بالخارج إلى عين تموشنت    كاراتي دو/البطولة الوطنية: تتويج نادي مولودية الجزائر باللقب    طُلب مني أن أغيّر موقفي من قضية الصحراء الغربية    ضرورة إضفاء التوازن على الشراكة الاقتصادية بين الطرفين    الجامعة أضحت الفضاء الذي يتم فيه إيجاد حلول لانشغالات المواطن    فتح باب التسجيل في السنة الأولى ابتدائي اليوم الأحد    الجمارك تمثل خط الدفاع الأول في حماية الاقتصاد الوطني    استقبال أول فوج من أبناء الجالية للمشاركة في المخيمات الصيفية..فرصة لبناء جسور التواصل بين الجالية ووطنها الأم    الالتزام بأقصى درجات الحيطة والحذر والتقيد بالتدابير الوقائية    روسيا : لافروف يجتمع مع زعيم كوريا الشمالية ويشيد بعلاقة "أخوة لا تُقهر"    كرة السلة : فوز عريض للجزائر أمام الكويت    توزيع مياه مجهولة المصدر بعنابة    انضمام الجزائر إلى "أسيان" ورقة رابحة لترقية الصادرات    حلبة سباق السرعة لكل الفئات العمرية بالبليدة    عمورة يواصل الغياب عن تحضيرات فولفسبورغ    قرار انضمامي إلى فاينورد كان موفقا    ناصري يبرز مسعى رئيس الجمهورية لمكافحة الفساد    منجم غارا جبيلات مكسب استراتيجي لامتصاص البطالة    السكة الحديدية.. هندسة جديدة للخريطة التنموية    صورة جزائرية ضمن أحسن 10 صور في مسابقة عالمية    غالي يدعو الأمم المتحدة إلى الإسراع في تنفيذ التزامها    تحذير من انتشار أمراض سرطان المعدة والقولون    تحذير من فيروس "أر أس في"    أطفال يبيعون كل شيء.. والأولياء في قفص الاتهام    التنديد بزيارة العار ل"أئمة" إلى الكيان الصهيوني    غوص في عرش العزلة الإنسانية    "الفالوجة" تبدع لحظات فلسطينية مؤثرة    20 موسيقياً يصدرون ألبوماً مشتركاً    الإذاعة الجزائرية تكرم الفائزين في المسابقة الوطنية للشعر الملحون المغنى    الخضر في المركز ال36    اجتماع اللجنة الأمنية الجزائرية-الموريتانية    دعاوى لتصنيف مواقع أثرية ومبان تاريخية    فضائل ذهبية للحياء    تلمسان ستصبح قطباً صحّياً جهوياً بامتيازّ    "أناب" تكرّم ياسمينة سَلام    كرة القدم/كأس إفريقيا للأمم للسيدات 2024 / المجموعة 2 : وضعية المجموعة قبل الجولة الثالثة    سيدي بلعباس: افتتاح فعاليات الطبعة 15 للمهرجان الثقافي الدولي للرقص الشعبي بحضور جماهيري كبير    الوزير الأول نذير العرباوي يزور أجنحة دول شقيقة وصديقة بمعرض "إكسبو-أوساكا 2025"    نجاح موسم الحجّ بفضل الأداء الجماعي المتميّز    وزير الصحة: تلمسان على أبواب التحول إلى قطب صحي جهوي بامتياز    الأمم المتحدة تُحيي اليوم الدولي لنيلسون مانديلا وتؤكد: القدرة على إنهاء الفقر وعدم المساواة بين أيدينا    تكريم وطني للطلبة المتفوقين في معاهد التكوين شبه الطبي بتلمسان تحت إشراف وزير الصحة    موسم حج 1446 ه : بلمهدي يشيد بالأداء الجماعي للقطاعات المشاركة    من اندر الاسماء العربية    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطر الموت والأوبئة يهددان 500 عائلة بوادي الحميز
نشر في صوت الأحرار يوم 18 - 07 - 2009

"ما جابناش الربح .. هربنا من الإرهاب لحماية أطفالنا لكن واد الحميز قتل ابني ياسين "هذا الكلام جانب من تصريحات سيدة من سكان حي النصر القصديري الممتد على طول 3كلم والتابع لمقاطعتي الدار البيضاءوالرويبة بالعاصمة حيث يتجاوز عددهم 500 عائلة يجاورون واد الحميز بروائحه الكريهة ومخلفاته القذرة لأكثر من عشريتين من الزمن، جيرة خلفت البؤس والمعاناة والألم إلى جانب المرض والموت.
بمجرد دخولنا لحي النصر القصديري و للوهلة الأولى بدت لنا مظاهر المأساة حيث امتزجت المعاناة البشرية بقساوة الطبيعة، والشاهد على ذلك يكاد يجزم أن الأمر يتعلق بالفترة الاستعمارية ، وأنه بعيد كل البعد عن "المحروسة" أي الجزائر العاصمة.
توغلنا في حي النصر الذي لا يستمد من معنى اسمه أي شيء، وكانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة زوالا، الحرارة شديدة والرائحة المنبعثة من واد الحميز تشعر بالغثيان، ناهيك عن أسراب البعوض التي تهاجم الجميع، لم تكن خطواتنا ثابتة فالطريق الوحيد المؤدي للبيوت القصديرية المبنية من الزنك و"الترنيت " عبارة عن منحدرات ومرتفعات، وما يحد هذا الطريق أعمدة خشبية تضم العشرات من أسلاك الكهرباء المأخوذة من الأعمدة الكهربائية، حتى أن هناك من اتخذ من جلب هذه الأسلاك مهنة له، فجلب خيط واحد يقابله مبلغ 3000 دج وخطر قد يصل الى التفحم.
جرائم ومخدرات وظروف مأساوية
ونحن بصدد أخذ صور عن حي النصر القصديري اقترب منا شاب يقطن بالحي و بسحنة ناقمة وملامح غاضبة قال : أنتم الصحافة تكتبون دائما عن سكان حي النصر بأنهم مجرمون " تفادينا الحديث معه بصعوبة ، لكن الإجرام في الحي شيء مؤكد إذ كثيرا ما تقتحم مصالح الدرك الوطني حي النصر لتلقي القبض على شباب يتعاطون المخدرات خاصة فئة الأفارقة حسب تصريحات السكان.
رغم تلك المشاهد المأساوية التي تطبع أجواء حي النصر إلا أن حفاوة استقبال سكانه البسطاء كانت أكبر من كل شيء ، و كان همهم الوحيد نقل معاناتهم إلى السلطات المعنية لتخرجهم كما وعدتهم من غياهب القصدير قبل حلول شهر رمضان. ببساطتها و رحابة صدرها فتحت لنا الحاجة عيشة 71 سنة أبواب منزلها أو بالأحرى الكهف الذي يأويها مع عائلتها المتكونة من 10 أفراد ، ينامون في غرفتين و يجاورون واد الحميز الذي لا تفصلهم عنه إلا بعض الألواح الخشبية منذ 15 سنة ، تاريخ هروب العائلة من سوق الخميس بعين بسام ولاية البويرة من جحيم الإرهاب، طوال فترة تواجدنا بالمنزل لم نكف عن إبعاد الحشرات عنا ، و لم نستطع إخفاء تذمرنا من البعوض الذي يجتح المكان، ناهيك عن الرائحة الكريهة المنبعثة من الوادي، وأكثر ما يؤلم الحاجة عيشة بعد ابنيها عنها ورحيلهما من منزل العائلة، واضطرارهما إلى المبيت في مقر العمل بسبب معاناتهما من مرض الربو المزمن جراء الرائحة الكريهة المنبعثة من واد الحميز، حيث تتطلب حالتهما الصحية التنقل يوميا الى المستشفى لكن كل هذه المشاكل لم تمنع الحاجة عيشة من حمد الله تعالى وأملها كبير في السلطات المعنية بتحقيق وعودها في ترحيلهم قبل شهر رمضان ظروف صعبة تعيشها عائلة الحاجة عيشة أين تنعدم أدنى شروط الحياة الكريمة، حيث تجلب المياه عبر الصهاريج الذي يتراوح سعرها ما بين 400 و 900دج و يضطر السكان لشرب المياه المخزنة لأكثر من عشرة أيام ساخنة لأن معظم الثلاجات لا تعمل بسبب ضعف قوة التيار الكهربائي، و قبل مغادرتنا البيت ترجتنا الحاجة عيشة بإيصال معاناتهم للسلطات المعنية .
وادي الحميز يبتلع أطفال حي النصر
تركنا الحاجة عيشة وكلها أمل في أن يتحقق حلم العائلة ببيت لائق يأويها ويضمها مع أبنائها، وانتقلنا إلى عائلةبلحرابي التي فقدت إبنها ياسين ذو الثلاث سنوات يوم 24 أفريل 2007 والذي غرق في واد الحميز حيث استقبلتنا أم ياسين وقلبها مثقل بالهموم والأحزان، وروت علينا مأساتها، وبين الفينة والأخرى كانت تتفقد صغيرتها التي لم تبلغ السنة وتضمها إلى صدرها وكأنها تعوض الفراغ الذي تركه الغريق الراحل، وحسب تصريحات الأم فإن ياسين خرج للعب كالعادة مع أخويه، وعند حلول المساء عاد الأخوين ولم يكن الصغير معهما، وبدأت عملية البحث عنه منذ الرابعة مساءا بمساعدة وتكافل كل سكان حي النصر، وكان الاهتمام منصبا على المزرعة المجاورة للحي بسبب كثافة نباتاتها التي قد تحجب طفلا في مثل سنه، لكن عمليات البحث باءت كلها بالفشل ورغم ذلك تواصلت طول الليل لغاية الصباح، وكان الحد الفاصل بين مخاوف أم ياسين وأمل إيجاده جثة الصغير الذي كان يحملها الشاب بوزيد بين يديه في حالة يرثى لها، انهمرت دموع الأم المفجوعة وقالت : "ما جابناش الربح هنا هربت منذ عشرة سنوات من الأخضرية لأحمي أطفالي من الإرهاب ،لكن واد الحميز قتل ابني ياسين" ودعنا أم ياسين ورغم كل همومها أكدت أنها تنتظر قرار الترحيل الذي وعدوا به من طرف السلطات قبل حلول شهر رمضان بفارغ الصبر لتطوي صفحة الماضي و تنطلق في حياة آمنة بعيدا عن واد الحميز .
خرجنا من بيت بلحرابي لنتوجه إلى الضفة الأخرى التابعة لمقاطعة الدار البيضاء، وفي طريقنا التقينا بالسيد محمد الذي يقطن بالحي منذ سنة 1993 م ، لم نبادره حتى بالسؤال لكن صدره كان مثقلا بالهموم وتحدث عن مشاكله ومشاكل أكثر من 500 عائلة بنرفزة كبيرة وغضب عارم يجسد صبر 16 سنة ،حيث أكد أن نصف سكان حي النصر يعانون من الحساسية والربو والأمراض الجلدية، بسبب الروائح الكريهة لواد الحميز وما زاد الأمر خطورة رمي القمامة في الوادي، وطالب محمد السلطات المعنية بتجسيد وعودها في ترحيلهم إلى سكنات تليق بالبشر ، حيث أن المسؤولين يزورون الحي كل سنة ويقومون بترقيم الأبواب خاصة عند اقتراب أي موعد انتخابي حسب تصريحاته .
وأكثر ما يخيف محمد فصل الصيف لأن واد الحميز يكون مصدرا للأخطار ، فمنذ 15 يوم وجدت إحدى العائلات في منزلها أفعى بطول 2م و 20 سم .
توجهنا إلى الضفة الأخرى عبر جسر إسمنتي طوله 10م وعرضه 50سم، وتحته خطر الوقوع في مياه الحميز، وهذا الجسر يستعمله يوميا سكان حي النصر للانتقال إلى الطريق الرئيسي، والمشاهد نفسها تكررت في الجانب الآخر التابع للدار البيضاء ما عداأن سكان هذه المقاطعة متفائلون أكثر بوعود السلطات حيث طلبت منهم هذه الأخيرة بعد ترقيمها لبيوتهم القصديرية بتحضير الأوراق الرسمية للاستفادة من سكنات جديدة و لائقة فبل حلول شهر الصيام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.