تبّون يتلقى دعوة لحضور القمة العربية    الحماية المدنية تفتح باب التوظيف    الجزائر: ما يحدث بغزّة أحد أسوأ الإخفاقات الإنسانية    معاقبة شباب بلوزداد    بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود    إن صالح: 10 وفيات و9 جرحى في حادث مرور بجنوب الولاية    دعوة لتوسيع المسار القانوني لملاحقة الكيان الصهيوني    الاختراق الصهيوني يهدّد مستقبل البلاد    جمعية صحراوية تطالب بضمان دخول بعثات المراقبة الدولية    وزير الاتصال يعزّي عائلة وزملاء الفقيد    الاحتكام لقيم الحوار للحفاظ على أسس الأمن والاستقرار    الجزائر مستهدفة بحروب جديدة للمساس بسيادتها واستقرارها    "سوناطراك" تعزيز تعاونها مع "ناتورجي" و" سهيل بهوان"    انطلاق بيع تذاكر لقاء "الخضر" والسويد    250 رياضي من 12 بلدا على خط الانطلاق    كرة القدم/كاس العرب فيفا قطر 2025 : "لن يشارك اي لاعب من المنتخب الاول في البطولة"    "خطوة تور" يحطّ الرحال بوهران    وضع ديوان الإحصائيات تحت وصاية المحافظ السامي للرقمنة    نحو جعل ولاية عين الدفلى "قطبا صحيا" بامتياز    دعابات ونكت تترجم سعادة الأسر    هكذا تتحكم في غضبك قبل أن يتحكم فيك    المحروسة.. قدرة كبيرة في التكيّف مع التغيّرات    شاهد حيّ على أثر التاريخ والأزمان    إبراز أهمية تعزيز التعاون بين الباحثين والمختصين    بشار: حسنة البشارية... سنة تمر على رحيل ''أيقونة'' موسيقى الديوان    أدرار: إبراز دور الزاوية الرقانية في لم الشمل وإرساء قيم التسامح    عمورة محل أطماع أندية إنجليزية    الانتقال لمفهوم الصحة المهنية الشامل وتعزيز ثقافة الوقاية    الجزائر/كندا: آفاق واعدة لتعزيز الشراكة الاقتصادية في مجالات الطاقة والمناجم    تنصيب زهير حامدي مديراً تنفيذياً جديداً    حجز 1.6 مليون قرص مهلوس قادمة من مرسيليا    ترحيل 182 عائلة إلى سكنات لائقة بوهران    50 ألف إصابة بالسرطان سنوياً في الجزائر    انقطاع التيار الكهربائي بإسبانيا ودول أوروبية: عدم تسجيل أي انقطاعات في خدمة الانترنيت بالجزائر    مأساة متجدّدة في المتوسط    صعود نجم بن عكنون    غويري يبدع    محكمة العدل الدولية: الجزائر تدعو إلى إلزام الكيان الصهيوني بتمكين الأونروا من إيصال المساعدات الإنسانية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة    إشادة بدور الجزائر في دعم العمل العربي المشترك    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    رفع العلم الجزائري في مقر مجلس السلم والأمن    وفد وزاري قطري في زيارة إلى جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    البنك الإسلامي للتنمية يستعرض فرص الاستثمار المتاحة خلال الاجتماعات السنوية المقررة بالجزائر    عميد جامع الجزائر يتحدث في أكسفورد عن إرث الأمير عبد القادر في بناء السلام    مسيرة الحرية: إسبانيا "محطة هامة" لإسماع صوت المعتقلين الصحراويين في سجون الاحتلال المغربي    تنس الطاولة : المنتخب الوطني الجزائري يتوج بالميدالية الذهبية حسب الفرق    منظمة العفو الدولية : الكيان الصهيوني يرتكب جريمة إبادة جماعية "على الهواء مباشرة" في غزة    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    المجلس الشعبي الوطني: بوغالي يجتمع برؤساء الكتل البرلمانية    بشار..وضع أربعة قطارات لنقل المسافرين حيز الخدمة على خط بشار- العبادلة – بشار    عيد الأضحى: وصول باخرة محملة ب31 ألف رأس غنم قادمة من رومانيا إلى ميناء وهران    توجيهات لتعزيز الجاهزية في خدمة الحجّاج    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    وزارة الصحة: لقاء تنسيقي لتقييم أداء القطاع    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة أطروحة المتحف والتفاف فرنسي على التاريخ
نشر في صوت الأحرار يوم 15 - 10 - 2011

عاد السجال التاريخي بين الجزائر وباريس بشكل لافت، فالتصريحات التي أطلقها المسؤولون الفرنسيون تحولت إلى استفزازات متكررة للجزائريين، تندرج ضمن محاولة تشويه الماضي الاستعماري، فيما خرج دعاة وضع جبهة التحرير الوطني في المتحف مجددا من مخابئهم ليعلونا الحرب على الأفلان الذي دخل هو الأخر دائرة المستهدفين، في خضم الجدل المتواصل حول الإصلاحات السياسية والدستورية التي شرع في تنفيذها.
ساهمت التصريحات التي أطلقها الرئيس الفرنسي ساركوزي حول المطالبة باعتراف أنقرة بمجازر الأتراك بحق الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى في إذكاء نار الجدل حول الماضي الاستعماري، والعودة إلى التصريحات والتصريحات المضادة بشأن الحقبة الاستعمارية والمطالب المتكررة حول ضرورة اعتراف فرنسا بجرائم الاستعمار والاعتذار عنها، والمؤكد أن ما قاله وزير الخارجية الفرنسي لما تحدث عن مزاعم طي صفحة جرائم الاستعمار خلال زيارة ساركوزي للجزائر، هي محاولة أخرى للتنكر للجرم الاستعماري وبأسلوب استفزازي مقزز، فمن الذي أعطى لساركوزي أو غيره من المسؤولين سواء في باريس أو حتى في الجزائر الحق في تمزيق صفحة جرائم الاستعمار، خاصة وأن فرنسا الرسمية لا تكتفي بالتنكر لما اقترفته فرنسا التاريخية-الاستعمارية بحق الجزائريين من قتل وتعذيب وتشريد وإبادة تفوق بكثير جرائم النازية، بل تزيد على ذلك من خلال السعي إلى تمجيد الاستعمار وتبييض وجهه البشع وقلب التاريخ على وجهه من خلال السعي إلى تجريم الضحية ومسح الجرم عن الجلاد.
فرنسا تتحرك في اتجاه فرض منطق جديد يؤسس لثقافة تمجد الاستعمار باعتباره حامل ل »رسالة حضارية«، وهو نفس الخطاب الذي أسس للحمالات الاستعمارية، بل هناك من يرى بأن التطورات الدولية تتجه نحو عودة الاستعمار في شكله التقليدي، أي الاستعمار المباشر، سواء من خلال تبرير وضع الاحتلال في فلسطين والعراق وأفغانستان، وتحول الإرهاب إلى مبرر لبسط الهيمنة الغربية على العالم العربي والإسلامي، كما أضحت »الثورات العربية« وسيلة جديدة مستحدثة تؤدي إلى نفس الغاية، أي إخضاع البلدان العربية للسيطرة الأجنبية باستعمال خطاب تخليصها تارة من الإرهاب وتارة أخرى من »الطواغيت والمستبدين« الذين هم في الأصل صناعة غربية بامتياز.
فما معنى أن تضع مراسلة رسمية للخارجية الكندية المجاهدين الجزائريين في زمرة »الإرهابيين ومجرمي الحرب«؟ هل السلطات الكندية تجهل التاريخ، رغم العلاقات مع الجزائر التي توصف بالحسنة بل والمثالية في ميادين كثيرة، أم أن الأمر مقصود وما لم تقله باريس بصريح العبارة قالته كندا من خلال المراسلة المذكورة؟ وهذه هي الحقيقة التي يخاف البعض عندنا مواجهتها، فهجمات 11 سبتمبر 2001 ضد الولايات المتحدة الأمريكية لم تشرع لاحتلال أفغانستان والصومال والعراق وتنفيذ المجازر ضد الفلسطينيين في غزة وضد العزل في جنوب لبنان فحسب، بل مهدت لإيديولوجية جديدة قائمة على نفس المنطق القديم الذي سبق الحمالات الاستعمارية، أي اعتبار الرجل الغربي صاحب رسالة حضارية ودونه مجرد شعوب متوحشة تستحق الاستعمار وليس من حقها لا الحرية ولا العيش بكرامة، وكل ما تقوم به من أعمال النضال ومواجهة المستعمر يقع تحت عنوان الإرهاب الذي يلصق حاليا بالعراقي الذي يواجه المستعمر، والأفغاني الذي يذود على أرضه، والفلسطيني الذي يواجه الآلة العسكرية الصهيونية.
فرنسا لا تملك أن تغير تاريخها الاستعماري، كما صرح مؤخرا أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بلخادم، حتى وإن فعلت المستحيل للتنكر لجرائمها أو سعى بعض ساستها على غرار ساركوزي لتمجيد هذا الماضي الاستعماري الأسود، وسوف تضطر صاغرة إلى الاعتراف بهذه الجريمة، وإن لم يكن هذا الاعتراف ممكن مع جيل الثورة فإنه قد يتحول إلى شرط عند الأجيال المتعاقبة لضمان استمرار علاقات طبيعية بين الجزائر وباريس، فهل تستطيع فرنسا أن تدير ظهرها لمجازر 17 أكتوبر مثلا، وهل بإمكانها أن تتناسى ما اقترفه الاستعمار في مجازر مماثلة اقترفها الجيش الاستعماري منذ وطأت أقدامه أرض الجزائر؟
الحديث عن جرائم الاستعمار ومحاولات التنكر للتاريخ وتكريس قطيعة غير طبيعية مع هذا التاريخ يحيلنا إلى قضية أخرى لا تقل خطورة، فالتصريحات التي أطلقتها بشكل لافت وغريب بعض الوجوه من الأسرة الثورية لاستعادة جبهة التحرير الوطني باعتبارها إرث مشترك لكل الجزائريين، والمطالبة بوضع الجبهة في متحف التاريخ، لن تخدم الجبهة ولا التاريخ الثوري، ناهيك عن البلاد ومستقبلها السياسي، وأي محاولة للخلط بين ضرورات الإصلاح السياسي التي شرعت فيها البلاد، وإحالة الأفلان على متحف التاريخ لا يمكن إلا أن توصف بالخدعة التي لا يجب أن تنطلي على الشعب الجزائري الذي يدرك بأن المعركة ليست لا داخل الجبهة ولا في محيطها وعلى أطرافها، فالمعركة في مواضع أخرى كثيرة، يجب أن تستهدف القوى التي تقف حقيقة في وجه الإصلاح السياسي باعتباره يهدد مصالحها السياسية أو حتى المادية.
وبطبيعة الحال فإن كل مسعى لإضعاف الجبهة من خلال اللعب على بعض الاختلافات، والاستثمار في الغضب الطبيعي الذي ينشأ سواء على مستوى القواعد أو حتى وسط بعض القيادات، لن يفيد لا الحزب العتيد ولا المسار السياسي الجديد الذي شرعت فيه الجزائر، بل يكرس الفوضى ويعمد إلى كسر أكبر قوة سياسية في البلاد، الجميع عرف قيمتها لما أقصيت من المشهد السياسي ودخلت البلاد مرحلة الفوضى ومرحلة الدم والهدم خلال تسعينيات القرن الماضي.
هناك سؤال يتكرر كلما عادت أطروحة المتحف إلى الواجهة، ما هو الهدف الحقيقي من محاولات شطب الأفلان من المشهد السياسي الوطني، ألا يقدم أصحاب هذا الطرح أنفسهم كأوصياء على الشعب الجزائري الذي يعاملونه كأنه قاصر لا يعرف مصالحته، أليس من حق الشعب الجزائري ثم مناضلي الأفلان وحدهم القرار لتبقى الجبهة أم تعود إلى أدراج التاريخ؟
هناك تجني صارخ على التاريخ وأي محاولة لإقصاء الأفلان من المشهد السياسي لا يمكن فصلها عن المساعي المتواصلة لشطب التاريخ الثوري لهذا البلد، فالجبهة لا تقلقهم فقط بشعارها الذي يذكّر العالم أجمع بأعظم ثورة عرفتها الإنسانية في العصر الحديث، وإنما تذكرهم أيضا بتلك القيم والمبادئ التي تميز كل مواقف الجزائر بشان القضايا الدولية الكبرى وعلى رأسها رفض التطبيع مع الكيان العبري، والتصدي للاستعمار الجديد ومؤازرة الشعوب المقهورة.
ويتزامن النقاش حول الإصلاحات السياسية والدستورية، مع تصاعد وتيرة الإضرابات المهنية التي شملت عدة قطاعات، فالإضراب الذي عرفه قطاع التربية والذي وصفته الوزارة الوصية بغير المبرر، بالنظر إلى المطالب التي تم تحقيقها، خصوصا فيما يتصل بالرفع من أجور المعلمين، كما رفضته جمعية أولياء التلاميذ، طرح تساؤلات كثيرة حول مستقبل المدرسة الجزائرية، فإذا كان لا أحد يستطيع الوقوف في وجه الإضراب باعتباره حق دستوري، فإن ذلك لا يمنع من استنكار تحويل نقابات التربية التلاميذ إلى رهائن، خاصة وأن ما حققته هذه النقابات لا يمكن حجبه، ثم إن الإمعان في الضغط عبر استعمال مستقبل التلاميذ كلما اقتربت الامتحانات، لا يخدم المدرسة الجزائرية بأي شكل من الأشكال، مع الإشارة أيضا أن حمى الإضرابات مست لحد الآن الكثير من القطاعات، وهناك قطاعات مهنية أخرى على غرار المحامين شرعت التلويح في الدخول في إضرابات مفتوحة لتحقيق مطالبها، في وقت فضل فيها الصحفيون انتظار هدية تأتيهم من نقابة سيدي السعيد أو من حكومة أحمد أويحيى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.