منذ أن أعلنت الجزائر أن احتياطي صرفها قد تجاوز 200 مليار دولار وأنا أضع يدي على قلبي خوفا من أن تتحول هذه النعمة إلى نقمة على الجزائر والجزائريين! فالذين تضع الجزائر في بنوكهم هذه "الكموسة" يعيشون أزمة عاصفة ولا يحتاجون إلا لبلاغ من سطرين يقول: "الحكم في الجزائر غير شرعي ولذلك تجمد أمواله إلى حين وصول الشرعيين إلى الحكم"! ويتم مصادرة كل شيء وقد يستمر هذا التجميد عشرية أو عشريتين.. كما حدث لأموال العراق ويحدث الآن لأموال ليبيا! ولا يحتاج من عندهم "الكموسة" أكثر من خروج مئات من الغاضبين في مظاهرات ليتخذوا هذا القرار! لهذا عندما رأيت يوم أمس ما رأيت أمام دار الاتحاد العام للعمال الجزائريين لم يتملكني الخوف من مصادمات بين القوة الأمنية التي جاءت بكثافة وبين جموع العمال الذين قدموا من رويبة لإسماع مطالبهم للنقابة أولا قبل السلطة.. بل تملكني الخوف على ضياع تحويشة العمر التي تضعها السلطات في بنوك الغرب وتفتخر بأنها بلغت 200 مليار دولار ويقوم العمال بالمطالبة بأن يأخذوا حقهم منها! أجواء 5 أكتوبر 88 تحوم هذه الأيام حول العاصمة! وواضح أن سرايا الحكم المتصارعة في المؤسسات تهدد بعضها البعض بالاحتكام إلى الشارع لحل النزاعات القائمة! وواضح أيضا أن شبه المؤسسات الدستورية القائمة في الجزائر أصبحت عاجزة تماما عن احتواء هذه النزاعات.. وبالتالي قد تفيض المشاكل على الإطار العام الموجود وتنزل إلى الشارع وعندها ستكون الأمور مخالفة تماما لما حدث بعد 5 أكتوبر 88. وإنه لمن المؤسف أن البلاد وبعد 20 سنة من بدء الإصلاحات انتهت إلى نقطة البداية.. وأن الخلافات السياسية وغير السياسية التي نزلت إلى الشارع بعد أحداث 5 أكتوبر 88 ما زالت في الشارع إلى اليوم ولم تستطع السلطة إعادتها من الشارع إلى المؤسسات! وأن مؤسسة الفساد السياسي والمالي تغولت في البلاد وأصبحت هي التي تسير الأمور في الاتجاه الذي تريده وبالسرعة التي تريدها! وإذا حصل وأن أضعنا "كموسة" الاحتياطي بهوشة سياسية أو غير سياسية بين سرايا الحكم مثلما أضعنا في السابق فرصة الإصلاح لمؤسسات الدولة قبل 20 سنة فإننا نكون قد خرجنا كدولة وكشعب وكمؤسسات من دائرة الكائن الراشد إلى دائرة المعتوه الذي ينبغي أن يحجر عليه! ولست أدري لماذا يتملكني الخوف.. ولكنني خائف!