عرقاب يشارك في اجتماعات "أوبك", "أوبك+" ولجنة المراقبة الوزارية المشتركة    "الباهية" تفتح قريتها المتوسّطية لاستضافة السيّاح    العدوان الصهيوني: ستة شهداء في قصف للإحتلال على منطقة الزوايدة وحي الصبرة في قطاع غزة    جدل صهيوني حول مبادرة بايدن وحماس تطالب باتّفاق كامل    دعوات لتسوية القضية الصّحراوية ومحاسبة الاحتلال    الوضع المعيشي للشّعب المغربي يزداد تدهورا    تجمع بودابست: أسامة خنوسي يحطم رقمه القياسي الوطني في رمي الصحن    بيئة : التأكيد على أهمية استعمال الرقمنة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة    ولايات شرق الوطن.. نشاطات متنوعة احتفاء بالطفولة    سيدي بلعباس: تسليط الضوء على أعمال المخرج السينمائي إبراهيم تساكي    "خيال" للنشر تعود بباقة من العناوين الجديدة    محمد الشبوكي والربيع بوشامة يعودان..    عطاف ينوه بالإجماع الافريقي والكوري على الارتقاء بالشراكة التي تجمع بينهما    اجتماع تحضيري لرؤساء فروع البعثة الجزائرية استعدادا لبدء مشاعر الحج    حمدان: حماس تتعاطى بإيجابية ومسؤولية مع مقترح بايدن ولا نستبعد التوصل إلى اتفاق    عرض فيلم التحريك ثلاثي الأبعاد "الساقية" حول أحداث ساقية سيدي يوسف بالجزائر العاصمة    أزيد من 800 ألف مترشح يجتازون ابتداء من غد الاثنين امتحان شهادة التعليم المتوسط    تصفيات مونديال 2026 : "الخضر" يباشرون التحضيرات لمواجهتي غينيا و اوغندا    الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية: تسجيل 414 ألف مشروع مؤسسة مصغرة    الديوان الوطني للحج والعمرة: رقمنة خدمات الحج سهّلت الإجراءات على ضيوف الرحمن    تمنراست: جثمان الوزير السابق محمد حميدو يوارى الثرى    الزراعات الاستراتيجية: توفير جميع شروط المرافقة والدعم للإستثمار في الصناعات التحويلية    إطلاق البرنامج الوطني الأول للتكوين في مجال الصيدلة الإشعاعية خلال الدخول الجامعي القادم    لاعبون جزائريون مطلوبون في الميركاتو    قضايا الشعوب تشكل المبدعين وتعيد تكوين مشاعرهم    اتصالات الجزائر تتكيّف    الدبلوماسية الجزائرية استعادت فعاليتها    وزير الداخلية يؤكّد القطيعة الجذرية    الرئيس فتح أبواب العمل السياسي أمام الشباب    الجزائر حققت خطوات عملاقة    لا تتبرّكوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب..    مُترشّحون للبيام والباك يطرقون أبواب الرقاة    تحقيق في حريق وادي ميزاب    خنشلة.. شاهد على الوفاء بالوعود    تزيين المنازل وبحث عن كبش سمين    تحسيس بمخاطر الغرق الجاف    معرض "الوريدة" يستقطب 130 ألف زائر    ولفرهامبتون الإنجليزي يسعى إلى ضم بديل أيت نوري    قندوسي ينتظر قرار مدرب الأهلي المصري    عمورة ضمن أفضل ثلاثة هدافين عرب بأوروبا    1,5 مليون هكتار عقار مؤهل للاستصلاح الزراعي في الجنوب    على المجتمع الدولي تحمّل مسؤوليته لوقف إبادة أطفال فلسطين    هذه كيفيات منح امتياز تسيير المناطق الحرّة    تسجيل 133 مشروع مؤسسة ناشئة بجامعة قسنطينة (2)    الإيداع الفوري للمتلاعبين بنزاهة "البيام" و"الباك"    وصول أزيد من 11300 حاج جزائري إلى مكة المكرمة    دعوة إلى إنشاء مخبر للبحث حول منطقة الونشريس    رغم العقبات.. ستمطر يوما ما"    هوية وتاريخ بتقنية "البيسكال"    بين المجهود الذاتي والشروط الأكاديمية    غيابات بارزة في تصفيات مونديال 2026.."الخضر" يلتحقون بمركز سيدي موسى    محرز يرد بشأن غيابه عن المنتخب الوطني: " لست المذنب"    أرضية رقمية للتكفل بحجّاج الجزائر    248 حاجاً يغادرون بشار    فضل الأضحية وثوابها العظيم    هذا حُكم الاستدانة لشراء الأضحية    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا أثار نجاح المرأة في التشريعيات كل هذا اللغط..؟
كرونيك
نشر في الفجر يوم 18 - 05 - 2012

عرفت المرأة الجزائرية عبر التاريخ بسيرة بطولية حافلة، سواء كإنسانة أو كحاكمة أو حتى كساحرة، عندما كانت عبارة السحر والكهنوت تعني العلم والحكمة والطب.. إلا أن الخائفين من تفرد المرأة، ما زال يتفنن في تسويد قدراتها ومكانتها.. فاعتبار المرأة ساحرة أو كاهنة، كان رمزا معبرا عن كونها عالمة بخبايا الأمور ومتمتعة بقدرة خارقة في الصمود وبعد النظر، الأمر الذي جعلها تحظى بالتشريف والتقدير في مجتمعها آنذاك، حيث كانت هي الوحيدة التي تعرف اسم الله، مثلما كانت رمزا للحب والحياة والخصوبة والبسالة والقتال.. قدست وألهت لزمان طويل.
والمجال هنا لا يتسع للتفاصيل، وما استحضرناه كان فقط من باب الاستئناس، أما الموضوع الذي يطرح نفسه علينا بإلحاح وبكثير من الخطورة فهو وضعية المرأة الاجتماعية ومعرفتها بثقافتها الأصلية، ضمن إطار مكانتها التاريخية، وضمن مقومات تواجدها في الواقع الاجتماعي الحالي، ذلك الواقع الذي يصنف كوضعية مأساوية دون أدنى مبالغة سواء كانت امرأة منتجة للثقافة أو كانت موضوعا سوسيو-ثقافي، أو حتى مفهوما إنسانيا.
مع الأسف، هذا الواقع هو ما عكسته اتصالات التهنئة الكثيرة وصلتني في هذه الأيام من كثير من الرجال، زملاء إعلاميين وسياسيين وحتى من بعض المواطنين ومن القراء.. كل وجهها لي حسب قناعاته الذاتية إزاء المرأة وإزاء عملية دمجها في الحياة المجتمعية، وبالأخص مشاركتها في الاستشارة السياسية الأخيرة، فمثلما وصلتني تهان حقيقية تؤمن بنتائج انتخابات 10 ماي، مثلما وصلتني تهان تهكمية، وأخرى تائهة مغلفة بتعابير الحسرة والتشاؤم..
هنئت، حسب قولهم، لأنني المناضلة المثابرة في مجال حقوق المرأة، التي دافعت كثيرا عن وجوب كوطة المرأة في المجالس المنتخبة، فكتب أحدهم عبر "الأساماس" يقول: (صحة عيدكم)، وهاتفني أحدهم بقوله: "هل أنت فرحانة؟" في حين راسلني آخر عبر الفايسبوك، وهو يتساءل إن كنت راضية عن "نوعية النساء المنتخبات وفيهن نسبة كبيرة من العازبات"، وناقشني أحدهم في "قلة خبرتهن النضالية وضعف قدرتهن السياسية"، في حين جاملني أحدهم (لو كن مناضلات متمكنات مثلي لما طرح الموضوع بتاتا).
ملاحظات تفهمتها، لكني لم أتقبلها، لأنها جاءت، في غالبيتها، من أناس يدّعون الثقافة والديمقراطية، وكأن المرأة لم تثبت نفسها ثقافيا، بدليل الأرقام التي تفيد بتفوقها عن الذكور في المعاهد العلمية والتعليمية، أو كأن الديموقراطية حكر على الرجال، وإلا كانت ستتخلى تماما عن مفهومها الأساسي الذي بنيت من أجله، أو كأن المرأة هي المسؤولة عن الفساد في المجتمع، انطلاقا من محاولة ربطها بقضايا الجنس والفسق كلما جاءت فرصة دمجها في مسار المجتمع التنموي، فهل ثبت وأن فسقت المرأة دون رجل..؟ وإلا ما معنى أنهن عازبات، ألا يوجد من المنتخبين الرجال من هم عزاب..؟
لكن الأمر الذي حز في نفسي أكثر، هو ما رددته بعض النساء، خاصة من هن قياديات حزبيات بقولهن: "إن أكثر من 90 بالمائة من السيدات الموجودات في القوائم الانتخابية لا يتوفرن على المستوى الذي يؤهلهن للذهاب إلى المؤسسة التشريعية، فهن لا يتوفرن على المؤهلات العلمية ولا على التكوين السياسي، لقد تجاهلت كل الأحزاب بلا استثناء أثناء وضع القوائم الانتخابية، المرأة المناضلة والسياسية، وتم اختيار المرشحات على أساس الولاء وليس الكفاءة والمستوى''، وكأن الرجال اختيروا بعكس ذلك أو أنهم يتمتعون بالعلم والكفاءة.
ومثلما يئست من تفاهات الرجال "المثقفين"، تقززت من بيانات النساء "المناضلات"، فأنا لم أفهم كيفية تعاطيهن مع الموضوع، إذ مهما كانت نواياهن الحسنة، فإنهن قد أسأن لصورة المرأة ولمطالب المواطنة الحقيقية في مجال ترقية النساء.. ففي الوقت الذي تقوم فيه ناشطات من نساء المجتمع المدني بالنضال من أجل حقوق المرأة، وبمساءلة الإدارة والأحزاب عن خرق المادة 31 مكرر، تلك المادة التي فرضت على الأحزاب ترشيح النساء ضمن القوائم الانتخابية، ونصت على فوز السيدة الأقرب ترتيبا ضمن القوائم الفائزة، متهمات الإدارة بخرق وتجاهل القانون في أكثر من 90 بالمائة من الحالات، نجد الحزبيات يشهرن بالمنتخبات..
"لقد تم اختيار الفائزات في البرلمان على أساس عدد المقاعد التي فازت بها كل قائمة لصالح قوائم انتخابية ولم تحصل على عدد الأصوات التي تسمح لها بمقعد برلماني.." تقول ناشطات الجمعيات النسائية والحقوقية، وبذلك يثبتن مرة أخرى، أنهن القادرات على النضال الواقفات دائما في الواجهة ووراء كل المكاسب القانونية التي شملت مطالب النساء، وهن وحدهن من يستطعن التنديد بخرق القوانين، بينما أثبتت مناضلات الأحزاب المبعدات من القوائم الانتخابية قدرتهن فقط على التشكيك في قدرات النساء وفي إمكاناتهن.. وهن بذلك يضفن إلى بعض وسائل الإعلام الوطنية التي فاقت الصحافة الدولية في التشهير بالنساء، إذ لم يكفها تناول تشريعيات 10 ماي، وكأنها من تنظيم دولة استعمارية وليست دولة وطنية، لتفاجئنا بالإساءة الصريحة لصورة المرأة الجزائرية، مرة بالتهكم والتهجم وأخرى بالتشكيك في عفتها وقدرتها وثقافتها وعلمها، وكأن الرجال عندنا أنبياء، وكأن رؤساء الأحزاب المشرفين على اختيار كل القوائم الرجالية منها والنسائية، يقنعون العقل و"يعمروا العين" مثلما يقول المثل الشعبي الجزائري.. بحيث تصدق مقولة "الغيرة تهدر"، ولله في خلقه شؤون..؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.