تحول اليوم البرلماني الذي نظمه المجلس الشعبي الوطني بالتعاون مع الاتحاد البرلماني الدولي، حول ”المكونات الأساسية للديمقراطية”، إحياء لليوم العالمي للديمقراطية، إلى دورة تكوينية للنواب الجدد الذين أظهروا قصورا فكريا كبيرا عند النقاش، مما أدى إلى رفع الجلسة في حدود منتصف النهار، خاصة وأن جميع نواب المعارضة غابوا، لعدم توجيه دعوات لهم، عن القاعة التي غصت بنواب الأفالان والأرندي فقط. وقد غابت عن أشغال اليوم البرلماني الذي نظمته إدارة المجلس الشعبي الوطني، وليس كتلة برلمانية بعينها، جميع أطياف المعارضة، مثلما أكده لنا نواب من الأفافاس، وجبهة العدالة والتنمية، ونواب آخرون من كتل أخرى، تفاجأوا بعقد اليوم البرلماني وأنكروا استلامهم لأي دعوات. وكانت كلمة الافتتاح، التي قدمها رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد الخليفة، حول موضوع الديمقراطية، أمام النواب، عاكسة للجانب التاريخي ولتجربة الجزائر، في شكل ممارسات ”كالعزابة” و”مجالس العقال بالجنوب” و ”العروش” بمنطقة القبائل وغيرها من الممارسات التي انتشرت في الماضي، قصد توسيع الاستشارة، بينما كانت مداخلة رئيس الكتلة البرلمانية للأفالان، محمد جميعي مقتضبة ومقتبسة في مجملها من مراجع وكتب. وعلى نفس المنوال جاءت مداخلة إحدى السيدات المحاضرات التي راحت تلقي مداخلة تشبه إلى حد بعيد درسا أكاديميا جامعيا. أما عضو مجلس الأمة للثلث الرئاسي، بوزيدي الأزهري، فحاول التركيز على نقطة مفصلية في سبب افتقار المؤسسة التشريعية لقوة القرار، ملخصا الأمر في عدم وجود إلزام قانوني صريح يحتم على عضو الحكومة الرد على عضو البرلمان في النص القانوني المحدد للعلاقات مع البرلمان، مؤكدا أن الإلزام الوحيد موجود ومجسد في الدستور. بوزيدي الأزهري قال إن المواطن الذي لا يلمس سلطة لدى عضو البرلمان في الحل المباشر لمشاكله وانشغالاته، عامل يساهم في تشويه الثقة التي تبنى بين الطرفين، ولم يكتف بهذا القدر من التوضيحات، بل أكد أن غياب اللجان البرلمانية المخصصة للاستماع لانشغالات المواطنين وتسجيلها على غرار ما هو موجود في الدول المتقدمة وحتى الإفريقية منها، يساهم بشكل صريح في إبعاد المواطن عن قبة البرلمان والنائب معا، لأنه لا يلمس متابعة على الميدان. وضم إلى هذا التصنيف، أيضا، تقصير المجتمع المدني، الذي قال إنه يغفل دورا حيويا في تطوير العلاقة بين المواطن والبرلمان، وهذا بالنظر لوجود مراصد برلمانية في الدول المتقدمة مهمتها العناية برصد تطور الأداء البرلماني وتنقيطه، مما ينتج مراقبة ذاتية للنائب. كما قدم بوزيدي الأزهري، توجيهات إلى النواب الجدد، صبت في إطار تكوينهم، حيث كانوا منهمكين مثل التلاميذ في تسجيل جميع النقاط في مذكرات، ودعاهم إلى قضاء وقت كبير مع المواطنين، واستشهد بنص المادة التاسعة من القانون التي أبقت الأمر مفتوحا ولم تحدد الحجم الساعي للنائب مع المواطنين. وقدم بوزيدي الأزهري توجيهات للنواب بالانكباب على الأمور المحلية كأولوية وليس الوطنية، في رسالة تدعوهم للعودة إلى ولاياتهم وعدم المكوث في الشقق التي استفادوا منها في إطار العهدة البرلمانية.