في كندا رفع رئيس بلدية أوتاوا العلم الجزائري فوق واجهة مقر البلدية احتفاء بالذكرى ال59 لثورة نوفمبر المجيدة. وفي نفس اليوم أنزل صعاليك العلم الجزائري من ناصية سفارتنا بالرباط، ومزقوه وأهانوه، في حملة مسعورة يصعّدها النظام المغربي ضد الجزائر. فهل بعد هذا يمكن أن نتحدث عن عروبة الأنظمة العربية، خاصة بعد كل ما شهدناه من تآمر من قبل أمراء قطر والسعودية على سوريا، والدمار الذي حل على أيديهم في هذا البلد الجميل، وبعد التآمر الآخر على العراق وتبريرهم لاحتلاله من قبل أمريكا، ومن يومها لم يعرف العراق الأمن والطمأنينة. ولا ننسى ليبيا التي لم تنته معاناتها بمقتل القذافي وتشريد عائلته، فليبيا اليوم تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة على كل المخاطر، دولة غائبة وجماعات مسلحة تفرض منطقها وقوّتها على الجميع. نعم لدينا في المغرب الكثير من الأصدقاء، تألموا لما آلت إليه العلاقة مع التصعيد الذي يمارسه النظام الملكي في عدوانه على الجزائر، وخاب أملهم مثلما خاب أملنا، ونحن نرى حلمنا في التقارب وتطوير العلاقات وفتح الحدود لنتزاور ونبني علاقات ودية على أساس الاحترام والتعاون، يبتعد كل يوم مع رعونة السياسة المغربية، ونحن نقبل اعتذارهم كمواطنين غير مسؤولين عن تصرفات النظام والمخزن، لكن ما فائدة أن يقدم وزير خارجية المغرب اعتذاره والذي جاء إلزاما بناء على التقاليد والأعراف الدولية التي تجبر البلدان التي يهان فيها علم بلد ما أن تعتذر، بعد كل المرارة التي أحسها الجزائريون وهم يرون علمهم يهان في يوم رمز؟ يوم الفاتح نوفمبر، بل حتى أن الملك نفسه امتنع عن تهنئة الجزائريين بهذه المناسبة!؟ ولا أتحدث هنا عن التصريحات التي خرجت عن حدود اللباقة من طرف الطبقة السياسية، والتجريح في سمعة الجزائر دولة وشعبا، واستفزازات حزب الاستقلال الذي ما زال يردد الأسطوانة المشروخة، بأن الجزائر تحتل ترابا مغربيا وتحجز شعبا مغربيا عندها، وما زال الملك يطالب باحتلال الجزائر “لاسترجاع” تندوف وبشار على أنها أرض مغربية. لا لم يتغير شيء في المواقف المغربية تجاه بلدنا منذ الاستقلال إلى اليوم، وما زال الحقد والكراهية هو ما يكنه هنا النظام المغربي، ولم يخف هذا الانطباع يوما. والمفارقة أننا كجزائريين نكنّ مودة وعواطف صادقة لأشقائنا المغاربة أينما التقينا بهم. لكننا نتأسف دائما لهذا الحاجز الوهمي الذي يفرق بيننا والذي افتعله النظام المغربي بعدائه المتكرر لبلادنا. ما يعيبه علينا النظام المغربي شيئان، قوة جيشنا الذي وقف أمام الأطماع التوسعية المغربية بالمرصاد، فوجه آلته الدعائية ضده خاصة إذا ما عقدت بلادنا صفقات أسلحة مع الخارج، مع أننا نواجه خطرا وتهديدا حقيقيا من قبل القاعدة في بلاد المغرب التي رأت قوتها تتضاعف منذ سقوط القذافي وسهل عليها الحصول على الأسلحة والتمويل. والشيء الآخر الذي يحسدنا عليه النظام المغربي هو ثرواتنا الطبيعية وخاصة النفط، والتي يرى أنه له حق فيها، ولا تهمه الوحدة المغاربية إلا إذا قبلت الجزائر تقاسم ثرواتها مع البلدان المغاربية، وهو الكلام الذي يكرره دائما الساسة المغاربة أينما التقينا بهم. مع أن ثروة النفط صارت وبالا علينا، فالكل يعتمد على مداخيل النفط، ولم نستثمر في القطاعات الأخرى، ولم نستثمر في الإنسان لتحريره من التبعية ومن الاعتماد على ريع المحروقات. لا أدري إن كانت السلطة ستقبل اعتذار وزارة الخارجية المغربية، لكن الأكيد أن الجزائريين لن ينسوا علمنا الذي أهين في هذه الذكرى العزيزة علينا!؟