“الفجر” دائما غائبة عن أكشاك منطقة الوسط. هكذا أراد مدير مطبعة الوسط، وهكذا أراد من هم فوق على حد تعبيره، لكننا لن ننكسر. أعود إلى فضيحة جبهة التحرير الوطني، التي يبقى رئيسها الشرفي عبد العزيز بوتفليقة، ومع ذلك نزلت هذه الجبهة التاريخية إلى أسفل من الحضيض، ومرغت في التراب حتى لا أقول في شيء آخر بشكل غير مسبوق. الفضيحة هذه المرة احتضنها نزل الأوراسي ذي الخمس نجوم، لكن من كان بداخل القاعة - ومعذرة للبعض - لا يرقون إلى رمزية المكان، ولا لرمزية الجبهة، بل كانوا أشبه برواد حانة وصراعهم كان شبيها بصراع السكارى والمخمورين. هذا هو الانطباع الذي يتبادر للأذهان عندما ترى الصور المهربة من بهو قاعة الاجتماعات بالأوراسي ولما تسمع الكلام السمج المتبادل بينهم. العيب ليس في عمار سعداني مثلما يريد أن يوهمنا به الرجل الراغب في العودة، عبد العزيز بلخادم، فسعداني اقتدى بما فعله سلفه بالجبهة، عندما استعان بلخادم السنة قبل الماضية بأبنائه واستأجر بلطجية هاجموا قادة الجبهة في نزل الرياض. وكانت الفضيحة غير مسبوقة. ويبدو أنه من يومها صارت الظاهرة عادة وأسلوب نضال داخل حزب كان حتى وقت قريب مفخرة البلاد. هل فيكم رجل حكيم؟ وهل سيتحرك رئيس الجمهورية الذي تمرغ الجبهة باسمه في الوحل ليوقف المهزلة؟ لا لم يعد المتحف هو المكان اللائق بالجبهة، بعد أن ركبها “الرعيان” وحاشى للرعاة. هل يتخذ رئيس الجمهورية قرارا تاريخيا ويأمر بحل هذا الحزب، حفاظا على سمعته التاريخية، وعرفانا منا لدوره في تحرير البلاد من الاستعمار؟ أوقفوا المتاجرة بدماء الشهداء، واتركوا للأجيال ذكرى من ذكريات الثورة المباركة لنتمسح بها ونقدمها مثلا يحتذى بأمجادها لأبنائنا. تاجروا كيفما شئتم في المواقف، وفي ثروات البلاد، واحكموها مثلما تفعلون بالجهوية وبالمحسوبية، وبرعاة الفساد. ولكن ابعدوا اسم جبهة التحرير عن مهازلكم وفضائحكم. لم يعد هناك رجل في الجبهة يليق بقيادتها. كل منهم أسوأ من غيره. ليس هناك من تختار بين من ركبوها. واستعملوها مطية للفساد وقضاء المآرب، وسعداني ليس أسوأ من كل من سبقوه. لم يعد هناك من لا يشمئز لسماع اسم جبهة التحرير، فقد صارت مرادفا للفساد والسطو على إرادة الشعب، والسنوات الأخيرة على وجه التحديد صارت عنوانا للإثراء غير المشروع، وحصنا لحماية الفاسدين، حتى أن أمينها العام مذكور اسمه في كثير من قضايا الفساد ومفتوح بشأنه قضايا أمام المحاكم ومع ذلك مازال يلقى الدعم من الرئيس الشرفي للحزب، الرئيس بوتفليقة. فهل هذا ما تستحقه الجبهة وتستحقه الجزائر بعد نصف قرن من “الاستقلال”؟!