بثت صباح أمس الوكالة الوطنية للإشعاع الثقافي، بقاعة ابن زيدون برياض الفتح، العرض الأول للفيلم الجديد، المعنون “ميستا”، للمخرج السينمائي كمال يعيش، وإنتاج شركة “كويرات” للإخراج السينمائي، بحيث يعتبر فيلم “ميستا”، بمثابة أول الأفلام السينمائية الجزائرية، المقدمة للجمهور الجزائري في السنة الجديدة، وكذا كأول عمل جاء في فيلم طويل تنتجه شركة “كويرات”، التي تملكها عائلة الممثل القدير سيد علي كويرات. تتناول قصة الفيلم حياة مراد الذي يعتبر في منتصف العمر، متزوج وأب لطفلين، يعيش بالعاصمة الجزائر، خلال العشرية المريرة التي مرت بها الجزائر، بحيث يعيش مراد حياة صعبة ومليئة بالعواقب، لدرجة أنها تؤثر على مسار حياته، فيضطر إلى ترك جل الأحلام والرغبات الدنياوية، ليقوم بالعمل في مقهى شعبي بالعاصمة صباحا، وتاجر للخمور مساءا بالموقع الملقب ب”ميستا”، وهذا للتغلب على الحياة وتوفير ما هو كافي من حاجيات عائلته الصغيرة، رفقة الوالدة التي تعيش معه في منزل بأعالي الجزائر، وكذا أخوه الأصغر الذي تغيب عن مشاهد الفيلم، كونه يعد من الإرهابيين المتطرفين الخارجين على القانون. وفي أحد المشاهد القوية للفيلم، يأتي أحد الشباب في مقتبل العمر، إلى موقع ميستا المتواجد بشاطئ الرميلة، بحي حسين داي، وهذا لاقتناء بعض قارورات من الخمر والتجول في أعماق أفق البحر ومكالمته في هموم الدنيا والعراقيل الاجتماعية، وبينما كان رفقاء المكان في أجوائهم المعتادة، والتي يتخللها الرقص على أنغام آلة “الموندول” والاستمتاع بمعاني كلمات القصائد الشعبية، يلقي الشاب سمير نفسه إلى البحر في محاولة منه للانتحار، ليتبعه “مراد” وينقضه من الموت التعسفي والغير مبرر، ويكمن هذا الحدث من بين أهم الأحداث في القصة، بحيث تتربى علاقة ود بين الرجلين اللذان لهما نفس الميول في عالم الفن، وولعهما بفن المسرح، الذي يعيش في مخيلة مراد، وتم إحياءه بعد القراءة في مسرحية “زوو ستوري” ل”ايدوارد البيس” من طرف مراد، والذي اكتشفها بعد أن نسي سمير حقيبته يوم محاولته الانتحار. العلاقة تكبر بين الرجلين بطابع اجتماعي إنساني، تطغى عليه الرغبة في تحقيق شيء ما لإعادة الاعتبار والعيش على ما يعشقه الرجلان، فيقوما بالتردد على أحد مسارح العاصمة للتمرن والعمل على مسرحية “ايدوارد البيس”، بحيث تعود روح الأمل والاستمرار في الحياة إلى الصديقين، والرغبة في عرض المسرحية بالمسرح الوطني الجزائري، ولكن رغم عودة مجرى الحياة بكل من الأمل والفرحة والنشاط، وكذا بالتحسن في طريقة الحياة وأسلوب تعامل الرجلين مع عائلاتهم ومختلف أفراد المجتمع، تبدأ بعض المخاوف تراود مراد، وهذا بعد التهديدات بالموت التي تلقاها، يترك مراد العمل الخبيث الكامن في المتاجرة في الخمور، بسبب تلقيه هو وصاحبه وكل من كان يرتاد على “ميستا”، إلى طرد يحتوي على طرف من الصابون، زيادة إلى كفن أبيض، ورسالة مكتوب عليها “توب يا كافر”، ولكن مراد لم يكترث كثيرا إليها، بل زاد هذا من رغبته في لعب دور “جيري“ في المسرحية وعرضها على الجمهور، وتحقيق ما عاش داخل مخيلته لسنين طوال، حتى يأتي اليوم الرئيسي والحاسم، والذي يعيد مشاهد الحزن والاكتاب في حياة الرجلين اللذان سئما من مرارة الظروف المعيشية الصعبة، بحيث يتم يوم العرض الشرفي قتل الصديق والرفيق الحميم لمراد، وهذا من طرف الإرهاب الجبان الذي يذبحه ليقضي في آخر مشاهد الفيلم على كل الأحلام والآمال والتحديات للعيش البسيط والكريم من أجل ما يحبه ويعشقه مراد، الذي مثل دوره بتميز وحقيقة الفنان “دحمان عيدروس”. وصور الفيلم بتقنيات “الدولبي” التي تصدر الصوت من خلف المشاهدين في قاعة السينما، وكذا بالارتكاز على أسلوب الحكي في تصوير أحداث الفيلم، مما يوحي للمشاهد، وكأنه يعيش مسرحية داخل فيلم طويل، وللإشارة تم التقاط الصور في أماكن عديدة من الجزائر العاصمة، بحيث أبى المخرج كمال يعيش على عكس الحياة الاجتماعية للجزائريين في مدينتهم البيضاء. ويشارك في الفيلم كل من الممثل دحمان عيدروس، فوزي صايشي، مراد أوجدات، رانيا سيروتي، منير العايش، أحمد بن عيسى وأمين بوشملة وآخرون. يذكر أن المخرج السينمائي والمسرحي كمال يعيش من مواليد عام 1968 في قسنطينة، وهو حاصل على شهادة دراسات عليا في الدراما، وقد شارك في كتابة العديد من المسارح والنصوص والسيناريوهات الطويلة والأفلام القصيرة، وكذا يعد لكمال يعيش العديد من النشاطات التي تأتي لدعم وتكوين الشباب الجزائري في فن المسرح، خاصة الشباب الجزائري الواعد والذي من الصعب عليه الدخول لممارسة فنون المسرح بالمعهد الوطني لفن المسرح.