اختلفت الآراء حول ما عاشته بيوت الأحزاب السياسية خلال هذه السنة، حيث يرى البعض أنها مجرد حملة إعادة ترتيب البيوت ونزاعات شخصية حزبية تبحث عن الظهور الإعلامي في حين يرى البعض الآخر أنها بوادر لانشقاقات لكن أجمعوا على أن أسبابها تنحصر في التشريعيات التي أسالت اللعاب للكثير من الشخصيات السياسية لتبوأ منصب في السلطة وأنها حرب مصالح شخصية. خيمت هذه السنة الانشقاقات والاستقالات والتصدعات على معظم بيوت التشكيلات السياسية، فعلى الرغم من تفسيرات متتبعين أن ما يعيشه المشهد السياسي هو عبارة استيراتيجية أشخاص لا يمثلون توجه فكري أو سياسي ولا يملكون حتى برنامج قيادي وزعامة بل هم مجرد أشخاص لم يستطيعوا التموقع ففضلوا إحداث البلبلة للإثارة الإعلامية، إلا أن الواقع يؤكد أن الأحزاب السياسية في الجزائر خرجت عن نطاقها وأصبحت تعيش على وقع الانشقاقات الذي نخر أجسادها، بسبب وجود محاولات انقلاب، بسبب رياح التشريعيات التي هبت في انتظار العواصف التي قد تأتي على الأخضر واليابس. آخر الأزمات التي خرجت إلى العلن كانت أزمة جبهة القوى الاشتراكية، بعد أن فجر النائب رشيد حليت قنبلة وتحدث عن عملية الانقلاب التي يقودها ثلاثة أعضاء في الهيئة الرئاسية ضد شخصه، في إشارة إلى التخطيط لإقصائه من الهيئة التي تضم خمسة أعضاء، ضمن خطة تضم انضمام الحزب للحكومة حسب مزاعمه.تلاها بعد قرار المشاركة في التشريعيات وهو الأمر الذي عجل باستقالات وتبادل لتهم خطيرة، أثار من خلالها تساؤلات عما يحدث داخل بيت أكبر حزب معارلاض في الجزائر. من جهته يحاول الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، الذي عاد إلى بيته من خلال المؤتمر الخامس، حماية بيته الذي يعاني تارة من خصومه القدماء وتارة من وجوه صديقة، كان آخرها قرار خصومه تصعيد موقفهم بإعلانهم الشروع في تنصيب هياكل موازية لمؤسسات الحزب، غير آبهين بقرار مجلس الدولة الأخير القاضي بتثبيت شرعية المؤتمر الخامس. فقد أعلن مناضلون وقياديون في القوة السياسية الثانية في البلاد عن إنشاء ”لجان التنسيق والمتابعة الولائية المؤقتة للحركة وطنيا”، وكانت البداية في اجتماع ضم ممثلين عن ولايات شرق البلاد احتضنته ولاية بجاية، التي تشهد أكبر موجة مناهضة لقيادة الحزب، وذلك يوم السبت، بحسب بيان تلقينا نسخة منه. ويؤكد خصوم أويحيى أن ”المؤتمر الاستثنائي” أسفرت عنه ”عملية تصفية ممنهجة داخل صفوف التجمع، لمناضلين وإطارات ومؤسسين حاملين المبادئ الأساسية والأصيلة للحزب”. وتضم قائمة الموقعين على الوثيقة وجوها معروفة بمعارضتها لمدير الديوان برئاسة الجمهورية، على غرار كل من نورية حفصي، الأمينة العامة للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، رئيس بلدية الجزائر الوسطى السابق الطيب زيتوني، حيطة عمارة، سماتي زغبي، محمدي أحمد، مصطفى ياحي، قاسم كبير، علي ساحل ومختار بودينة. عمار غول رئيس حزب ”تاج” لم يهضم الاستقالات التي باتت تتهاطل عليه من مختلف مكاتب الوطن، فلجأ إلى إصدار بيانات تكذب ما وصفها بإشاعات الاستقالات، معتبرا أن هياكل ومؤسسات ومناضلي ”تاج” متماسكة ومنسجمة، وهو ما ينافي الواقع الذي يؤكد وبالأدلة أن تجمع أمل الجزائر يعيش فترة عصيبة لا يحسد عليها، بسبب الهجرة الجماعية لإطاراته، بسبب دكتاتورية غول وتسلطه وانفراده باتخاذ القرارات، حيث جاءت استقالة أكثر من 39 منتخبا محليا بولاية النعامة بصفة رسمية، بسبب ما وصفوه بتحول التشكيلة السياسية إلى وسيلة حزبية لتحقيق أهداف شخصية من قبل غول.كما ختم عضو مجلس الأمة بحزبه ماندي سلسلة الإستقالات التي تنخر الحزب. من جهتها، عاشت حركة النهضة حالة من الغليان ارتفعت حدتها قبيل مجلس الشورى، في ظل حديث عن أزمة داخلية أخرجها قياديون إلى العلن مباشرة عقب اجتماع تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي وأوضح قياديون في حركة النهضة أن وضع بيت التشكيلة السياسية جد حرج وستعيش أيام صعبة وقرارات حاسمة ومفتوحة على كل الخيارات. الأفالان وتقليم أظافر العصاة من جهته، يحاول الأمين العام الجديد لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، التحكم في تركة عمار سعداني ”المنهكة” بالمشاكل الداخلية، حيث يسعى جاهدا إلى إعادة الأمور إلى نصابها من خلال ”تقليم” أظافر العصاة من أمناء المحافظات.