ظاهرة مؤسفة تعكس اللاوعي باتت ترعب الكثير من أصحاب حقول القمح و المحاصيل الزراعية بقسنطينة و تثير استياءهم مع حلول كل فصل ربيع، حيث تتضاعف عادة تجوّل العائلات بحقول القمح و هي في أوج نموها و ما ينتج عنها من تكسير لسيقان هذه النباتات الحولية تحت أقدام الأطفال الصغار و الكبار، و بالتالي إتلافها بعد جهد و كد الفلاح في غرس البذور و ترقبه بلهفة نموها طمعا في حصد ما ينسيه كل التعب الذي بذله سابقا. التجوّل بحقول القمح بات شبه عادة لدى الكثير من المواطنين بولاية قسنطينة الذين و في ظل نقص المرافق الترفيهية و تدهور الكثير من الحدائق العمومية و تحولها إلى أوكار للمنحرفين، دفع الكثيرين إلى السماح لأنفسهم بالتنزه بكل فضاء أخضر حتى لو كان أرضا زراعية خصبة بدأت تنمو أو تقدمت في النمو، و بأنانية و دون مبالاة يقضون ساعات في المشي و الجري و اللعب باستعمال كل أنواع اللعب على سيقان القمح الهشة أو يفترشون أبسطة بلاستيكية عليها خشية أن تتأثر ملابسهم بندى النباتات. مثل هذه الصور المؤسفة تتكرر مع عطلة كل نهاية أسبوع، حيث تركن مئات السيارات على طول الأراضي و المزارع النموذجية بطريق عين الباي- الخروب و غيرها من الحقول المنتشرة عبر تراب الولاية و التي تعرف تهافتا أكثر من غيرها لموقعها القريب من المدينة. و عن سر لجوء هواة التجوّل إلى حقول القمح و مدى وعيهم بالضرر الذي يلحقونه بالمحاصيل الزراعية، قال عدد من المتنزهين الذين تحدثنا إليهم بمنطقة البعراوية بأنه لم تكن نيتهم إلحاق الضرر بحقول الحبوب أو الإساءة لأصحاب هذه الأراضي. و اعترف البعض بأن منظر هذه الحقول يغريهم و يجذبهم رغبة في التقاط صور بين النباتات الطويلة التي تصل إلى قامة أطفالهم أو تتجاوزها أحيانا. و ذكر أب مروان بأنه لا يكف عن انتقاد الآخرين عندما يراهم يجرون بحقول القمح و يصفهم بغير المتحضرين لكنه اقترف نفس السلوك اليوم مع عائلته التي ألحت عليه من أجل التقاط صور داخل الحقل الجميل. و ذكرت سيدة كانت رفقة صغارها الأربعة أن أثار العشرية السوداء كالخوف من التجوّل في المناطق البعيدة و المعزولة وراء اختيار المواطنين للفضاءات القريبة من التجمعات السكنية بضواحي المدينة لتأكدهم من وجود الأمن و الأمان. و كثيرا ما يمنح البعض الثقة للآخرين فيبدأ تهافت العائلات بعد الأخرى إلى أن يتحول المكان إلى فضاء مكتظ، لا يكاد يسع الجميع خاصة الراغبين في ممارسة بعض الألعاب و الرياضات مثل الطائرات الورقية و الكرة الطائرة. و كثيرا ما يضطر أصحاب الأراضي إلى طرد المتجولين و إبعادهم عن المساحات المزروعة للحفاظ على المحاصيل. لكنهم بمجرّد ابتعادهم يعود المتجولون من جديد إلى اقتحام حقول القمح بحثا عن النباتات و الحشائش الموسمية القابلة للاستهلاك ك"الحرشى ،التلفاف و الشبت.."، أو التقاط الصور أو التمرّغ في البساط الطبيعي الأخضر. و أحيانا كثيرة تسجل مشاحنات و شجارات بين أصحاب الحقول و المتنزهين نتيجة تذمر و استياء و عدم تحمل الملاك رؤية غرباء يقتحمون ممتلكاتهم. و علق أحد الملاك بطريق منطقة "المريج" بأنه لم يبق أمامهم سوى إحاطة أراضيهم بسياج لمنع الغرباء من دخولها و بالتالي صيانتها و توفير كل الظروف المناسبة لنمو محاصيلهم معترفا بأن هذه السلوكات السلبية مثلما وصفها تتسبب في إفساد محاصيلهم و بالتالي خسارة منتوج عدة هكتارات من القمح و الحبوب التي تكسر أو تقطف و هي في أوج نموها. و مهما يكن يبقى على السلطات التفكير في فتح فضاءات و مرافق لتنزه و استجمام العائلات حتى لا يغزو المتنزهون الحقول و ممتلكات الغير و يعيثون فسادا فيها. مريم/ب