أزيد من 850 ألف مترشح يشرعون في اجتياز امتحان شهادة البكالوريا ابتداء من يوم غد الأحد    المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية : أي هجوم أو تهديد للمنشآت النووية يعد "انتهاكا للقانون الدولي"    الجزائر ترأس لجنة تطبيق المعايير الدولية للعمل خلال الدورة 113 لمؤتمر العمل الدولي    جنوب افريقيا: المؤتمر الوطني الإفريقي يجدد دعمه الثابت للشعب الصحراوي ويفند مزاعم المغرب    مخيمات صيفية لفائدة 2000 طفل من أدرار وتمنراست بالمدن الساحلية    سونلغاز في سوريا    اجتماع حول الهيكل التنظيمي الجديد والرقمنة    مؤشرات تبشر بمحصول وفير    تنمية المناطق الحدودية.. أولوية    إيران تحت القصف الصهيوني    وزير الاتصال يدعو للتجنّد واليقظة    مونديال الأندية ينطلق اليوم    الرقمنة ساهمت في تحسين الخدمات الجامعية    اتصالات الجزائر تنظم حملة للتبرّع بالدم    الكسكسي في مسابقة دولية    الجزائر تدعو إلى حماية السلم والأمن الدوليين    انتصار للفلسطينيين وتأكيد للعزلة السياسية والأخلاقية للكيان    إنجاز مشاريع ب7 ملايير دولار في البتروكيمياء    رؤية طموحة لرقمنة القطاع    مولودية الجزائر على بعد خطوة من اللقب والكناري في الوصافة    5 جزائريين في مونديال أمريكا للأندية    حماد يهنئ مريجة على مواصلة مسيرته في الاتحاد الدولي للجيدو    تنصيب مجلس التنسيق الاستراتيجي الجزائري - السعودي قريبا    علاقات تجارية صلبة تجمع الجزائر وأوروبا    الخضر والفواكه ضمن النظام الغذائي الكفيل بحماية الجسم    حذار من مشروبات الطاقة وعليكم بالماء و الزبيب    17 برج مراقبة و112 عون موسمي بمعسكر    الجزائر تنضم قريبا لمعاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا    دعم الإعلام الوطني في تصديه لمحاولات نهب الموروث الثقافي    "أروقاس" تستقطب اهتمام الجمهور الياباني    "العالم الجميل" بمسرح "مجوبي"    وصول أول رحلة للحجّاج العائدين إلى مطار وهران    تحيين 12 ألف بطاقة "شفاء" منذ بدء العملية    منح وثائق التوطين البنكي ل230 مستورد للمعدات والتجهيزات    بوغالي يؤكد التزام الدولة بحماية الطفولة من الاستغلال    دول آسيان ترحب بانضمام الجزائر إلى معاهدة "تاك" وتؤكد التزامها بالسلم الإقليمي    وزير الاتصال يدشّن المقر الجديد لإذاعة الجزائر من بشار وبني عباس: مفخرة إعلامية بمواصفات عصرية    وزارة الصحة تُقيّم تحديات استئصال شلل الأطفال بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية    فرقة "الصنعة" للموسيقى الأندلسية تطفئ شمعتها الأولى بتكريم عميد أساتذة هذا الفن, محمد خزناجي    ألعاب القوى/الدوري الماسي-2025 : مرتبة خامسة للجزائري محمد ياسر تريكي في الوثب الثلاثي بأوسلو    حج 2025م/ 1446 : عودة أول فوج من الحجاج إلى وهران    الشيخ القاسمي يدعو إلى نشر خطاب ديني جامع لتعزيز الوحدة الوطنية    العدوان الصهيوني على إيران: موجة غضب وتوعد بالرد "القوي" و "الصارم"    إيران تدعو إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن بعد العدوان الصهيوني على أراضيها    تحيين أزيد من نصف مليون بطاقة "الشفاء" على مستوى الصيدليات المتعاقدة مع هيئات الضمان الاجتماعي    الرابطة الأولى موبيليس (الجولة ال 28): النتائج الكاملة والترتيب    الجزائر تواصل التزامها بحماية حقوق الطفل    المعرض العالمي بأوساكا: عروض فرقة "أروقاس" من جانت تستقطب اهتمام الجمهور الياباني    موسم الاصطياف 2025 والاحتفالات بالذكرى 63 لعيد الاستقلال محور اجتماع للمجلس التنفيذي لولاية الجزائر    مؤسسة صناعات الكوابل ببسكرة: إنتاج 2000 طن سنويا من الكوابل الخاصة بالسكة الحديدية    اختبار مفيد رغم الخسارة    الأسطول الوطني جاهز للإسهام في دعم التجارة الخارجية    جمع أزيد من 721700 كيسا من الدم في سنة 2024    اللهم نسألك الثبات على الطاعات    القرآن الكريم…حياة القلوب من الظلمات الى النور    فتاوى : أحكام البيع إلى أجل وشروط صحته    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حضرة الماء لاكتشاف كنوز الأعماق بشواطئ أزفون
نشر في النصر يوم 18 - 08 - 2018

نوادي الغطس تمنح فرصا لاستكشاف الحياة البحرية وما يخبئه البحر
لم يعد من الصعب على أي شخص، استكشاف ما تخبئه أعماق البحار بداخلها من كنوز بحرية ومناظر ربانية خلابة، مع الانتشار المتزايد لنوادي الغطس بالولايات الساحلية، فبوجود مثل هذه النوادي، أصبح الأمر لا يحتاج سوى لحب المغامرة والاستعانة بالمحترفين في رياضة الغوص بالأعماق، والتحلي بالشجاعة لممارسة هذا النشاط الاستكشافي و الترفيهي، حتى ولو كنت تجهل تقنيات السباحة، لأن الغوص بالأعماق لا يحتاج إلى مهارة عالية في السباحة بقدر ما يحتاج لإتباع نصائح و تعليمات المرشد و المرافق لتحقيق أمنية اكتشاف بيئة جديدة و غريبة لم ترها من قبل.
ع/بوعبدالله
أزفون من شواطئ للسباحة إلى مقصد لعشاق الغوص
«على الأقل نحن لم يبق لنا سوى اكتشاف الفضاء و الصعود إلى القمر» هي أهم عبارة بقيت عالقة في أذهاننا، لأحد الشبان وهو يخاطب زميلا له، خلال الجولة التي قادتنا في رحلة استكشافية لنادي الغوص وخبايا رياضة الغوص بأعماق البحار و هذا النشاط الترفيهي، بشواطئ مدينة أزفون الساحلية التي تلقب بجوهرة الشريط الساحلي لولاية تيزي وزو، والتي لم تعد تسحر زوارها بجمال مناظرها الطبيعية ونسمات بحرها وشواطئها الخلابة فحسب بل تعدت ذلك إلى تدعيم واجهتها السياحية بنشاطات ترفيهية جديدة، جلبت إليها اهتمام الشباب وعشاق الغوص والمغامرة، وفضول المصطافين بشاطئ الخروبة دون غيرها بالكثير من الشواطئ، وهم يرون حركات الغواصين وهم يتنقلون ببذلات أنيقة ومطاوعة ومعدات الغطس، في مجموعات على متن القارب إلى أماكن بعيدة وسط البحر للاستكشاف والترفيه عن أنفسهم والمغامرة بالنزول تحت الماء و الغوص بالأعماق لاستكشاف بيئة جديدة و الحياة البحرية .
تزايد الاهتمام بنوادي الغوص بأعماق البحر بالمدن الساحلية
بدأنا رحلتنا الاستكشافية بالتنقل إلى نادي الغطس (تيزي بلونجي) بشاطئ الخروبة، أين وجدنا مجموعة من المرشدين والغواصين المحترفين منهمكين في التحضير لإستقبال الشباب الراغبين في اكتشاف هذه الرياضة والنشاط الترفيهي، أين أكد لنا أحد المشرفين على النادي، أن اهتمامات المصطافين تغيرت و لم تعد تقتصر على العطل التقليدية بشواطئ البحر، بل أصبحت تميل أكثر إلى حب الاستكشاف والمغامرة، فبعدما كان أغلب الشباب يفضلون ممارسة الرياضات الشاطئية واستعمال الدراجات المائية والقوارب السياحية والزوارق للإستمتاع بزرقة البحر والترفيه عن أنفسهم، بتكاليف مرتفعة تزيد في الرحلات على متن السفن السياحية عن سعر الخمسة ألاف دينار في جولات لا تزيد عن النصف ساعة، ارتفع سقف الاهتمامات والشغف إلى حب المغامرة و الاستكشاف، مع ظهور نوادي الغوص بأعماق البحار، وتزايد عددها من عام إلى أخر، حيث أصبحت منتشرة بأغلب الولايات الساحلية، على غرار ولاية تيزي وزو التي تشهد ميلاد نادي جديد للغطس بأزفون يضاف إلى نادي تيقزيرت.
ولعل ما يميز هذا النادي الجديد (تيزي بلونجي)، هو ذلك التوافق بين شبان قدموا من مختلف ولايات الوطن للإشراف عليه، أين جمع بينهم حمزة و هو شاب من ولاية قسنطينة، أسس هذا النادي، بعد تجارب لسنوات طويلة بنوادي أخرى عبر الولايات الساحلية ليستقر به المقام بشواطئ أزفون، بحثا عن راحة البال، حيث أشار في حديثه لنا عن اختيار هذه المدينة، كونه اشتغل لسنوات في هذا المجال و بعديد الولايات، لكنه وجد راحته بتيزي وزو، فضلا عن قربه من أصدقائه الذين كان لهم الفضل في نجاح هذا النادي الذي احتفل بالميلاد الأول لتأسيسه في اليوم الذي تنقلنا فيه، مبديا حرصه على استمرار هذا النادي لتقديم خدماته للشباب و عشاق الاستكشاف و المغامرة، و الحرص على تعليمهم تقنيات الغوص، و اعتماد تسعيرات في المتناول، مؤكدا على ان سعر الرحلة لا يزيد عن مبلغ 1500 دينار للشخص الواحد، و 1200 دينار لكل شخص في حال التنقل في مجموعات من خلال التنسيق مع الجمعيات و النوادي السياحية، و هو ما يعتبر بحسبه في المتناول، مقارنة بالأسعار المعتمدة في النشاطات الترفيهية الأخرى.
الإهتمام بالجانب النفسي و لغة إشارة خاصة بالغطاسين
و يتم التركيز من قبل المرشدين بهذا النادي على الجانب النفسي، من خلال الاهتمام بحسن الاستقبال و تقديم النصائح و الإرشادات اللازمة، و هو ما تكفل به عبد النور زاز، أحد الغطاسين المحترفين، الذي أشار في حديثه لنا ولمجموعة من الشبان الذين كانوا يتأهبون للانطلاق في أول رحلة استكشافية بأعماق البحر، أن أهم عامل يعول عليه لنجاح التجربة هو ثقتهم بالغطاسين المحترفين والمرشدين المشرفين على العملية، أين يتكفل كل مشرف بشاب لتمكينه من الغوص بأعماق البحر، مضيفا أن الغوص الترفيهي بالاستعانة بالغطاس المحترف لا يحتاج إلى مهارة في السباحة، بل يحتاج إلى اتباع التعليمات و التي من أبرزها معرفة معدات الغطس مسبقا وكيفية استعمال جهاز التنفس تحت الماء، و التركيز أكثر على حماية طبلة الأذن من الضغط تحت مياه البحر بحبس التنفس من الأنف، حتى الشعور بوصول الضغط للأذنين و تشكل حاجز يحول دون دخول الماء إلى الاذن، كما يعمل على صد الضغط و الصدمات بالأعماق، منبها الى ضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة في حال الشعور بوجود ثقب في الطبلة و على مستوى الأذن، كما قدم عدة نصائح من أهمها حسن استعمال أجهزة التنفس التي توضع بالفم ويتم الضغط على سداداتها المطاطية بالأسنان حتى يتم احكام تثبيتها جيدا، باعتبار أنها الأداة الوحيدة للتنفس خلال عمليات الغطس، و تطرق بعدها إلى الإشارات الواجب التخاطب بها تحت المياه، وهي ثلاث إشارات أساسية باليد، أولها تشكيل دائرة باستعمال أصبعي السدادة و الإبهام للتعبير عن الإرتياح للمرافق الذي يشرف على مساعدتك للغوص بالأعماق، والإشارة بالإبهام بحركة نحو الأعلى في حال الشعور بمشكل ما مثل ضيق التنفس أو الضغط بالأذن، فيما تتمثل الإشارة الثالثة في التلاعب بحركة اليد نحو الأعلى والأسفل في حال عدم وجود خطر والشعور بنوع من الخوف والقلق .
و طمأن مسير النادي خلال مرحلة تحضير الشباب قبل بداية عملية الغوص ونقلهم على متن القارب بعيدا عن الشاطئ، أنهم بين أيادي أمنة ومحترفين في الغوص، مضيفا أن هذه الرياضة لا تشترط المهارة في السباحة بقدر ما تلزم صاحبها بإتباع التعليمات والتقيد بنصائح المرشد وسط المياه، وكمرحلة أولى تم اختيار مكان على عمق أربعة أمتار، كون أن أغلب المشاركين لم يسبق لهم الغوص و تعد التجربة الأولى بالنسبة لهم.
معدات الغوص تكلف 20 مليونا للشخص الواحد
ليقوم بعدها بعرض مختلف التجهيزات والوسائل المستعملة في الغطس، و كيفية ارتدائها واستعمالها بطريقة جيدة، لتسهيل العملية و جعلها مريحة و أكثر أمانا، مؤكدا على أن ثمن تجهيز الشخص الواحد بمعدات الغطس يفوق مبلغ 20 مليونا، وتتمثل المعدات في الثوب الخاص بالغطس وهو مصنوع من مادة تسمح بالتصاقه بالجسم بمجرد تبلله بالمياه، كما أنه يتميز بالمرونة، ويساعد في السباحة والغوص، بالإضافة إلى النظارات المخصصة للغوص والتي تتميز بعمقها وإحاطتها بمواد مرنة تلتصق بالوجه وتمنع دخول المياه بحيز العينين لمنع الضغط عليهما بالمياه، والسماح لمستعملها باكتشاف ورؤية ما يحيط به في الأعماق، كما يشترط استعمال الزعانف في الرجلين لتسهيل الحركة و إعطاء دفعة قوية لحركة الجسم بالعمق تساعد على التنقل بسهولة في عمق البحر.
و يضاف لهذه المعدات معدات أخرى للتنفس أهمها الأسطوانة المعبأة بالهواء، التي توضع على الظهر و توصل بأنبوب يوصل بواسطة أداة داخل الفم و يثبت بالأسنان، أين يتم التخلي عن عملية التنفس من الأنف و تركيزها على الفم، كما يوضع جهاز لقياس الضغط و العمق و كمية الهواء المضغوط المتبقية بالأسطوانة.
و زيادة على هذا تعد صدرية الهواء التي تثبت بها الأسطوانة، من أهم المعدات أيضا، حيث تساعد على الطفو بأريحية فوق المياه قبل الغطس، وتحافظ على حركة مستعملها خصوصا في حالة عدم اتقان السباحة أو عدم الإلمام بتقنياتها، ما يسمح بتجنب الغرق على الإطلاق، و يضاف لها حزام الأوزان الذي يساعد على النزول لقاع البحر في حال الشروع في الغوص، وهو عبارة عن حزام توضع فيه قطع على شكل مربعات من الرصاص يختلف عددها حسب وزن الجسم.
ليس شرطا أن تكون سباحا ماهرا للغوص في الأعماق
و قبل تنقلنا إلى الشاطئ والتوجه إلى المكان المخصص للغوص، جدد الممرن زاز عبد النور، على أن العملية لا تحتاج لمهارة في السباحة، بل إلى اتباع للتعليمات و النصائح بحذافيرها، مضيفا أن هناك عدة اعتبارات تتحكم في نجاح العملية، كون أن المغامرة لأول مرة تحتاج إلى الالتزام بالتقيد بشروط الأمان لممارسة هذه الرياضة الترفيهية، خاصة وأننا بصدد اكتشاف بيئة غريبة قد تتسبب في الذهول والاستغراب لما هو موجود بالأعماق، كما أنها فرصة لاكتشاف محيط وبيئة تختلف كليا عما نعايشه في حياتنا اليومية، و ما سبق وأن اكتشفناه من جبال وأودية وغابات و محيطات، التي هي في متناول الجميع لزيارتها، فيما يبقى عالم البحار حكرا على المحترفين والمغامرين ومحبي الاستكشاف، كونه يتطلب تقنيات يجب الالتزام بها.
رحلة المغامرة و الغوص .. شعاب مخضرة، كهوف، أسماك و مناظر خلابة بالأعماق
بعد تقديم النصائح و الإرشادات، و تجهيزنا بمختلف المعدات، تنقلنا من مقر النادي نحو الشاطئ، أين وجدنا المجموعة الأولى قد أنهت رحلتها الاستكشافية، ليحل دورنا في مجموعة مشكلة من أربعة أشخاص، للتنقل على متن القارب نحو المكان المخصص وفريق الغطاسين الذين كانوا في استقبالنا على بعد حوالي نصف كيلومتر من الشاطئ، و بمكان لا يزيد عمقه عن الأربعة أمتار، شعر بعض مرافقينا بالدوار بعرض مياه البحر، لكنهم سرعان ما تجاوزوا هذا الشعور بمساعدة من المرشدين والممرنين، تسلل الخوف إلى أنفسنا خاصة وأنها التجربة الأولى لاكتشاف الأعماق، و نحن بعيدين عن الشاطئ بمسافة بعيدة، وليس أمامنا سوى اتمام المغامرة، أو العودة إلى الشاطئ مع المجموعة التي كانت تتأهب للعودة، إرتمينا وسط المياه و تكفل كل ممرن بمرافقة شاب من الشباب المقبلين على الغطس، نصحونا بوضع الخوف والقلق جانبا والثقة بهم و اعلامهم بحالتنا داخل المياه، ليصل موعد الفصل بالغوص نحو الأعماق، لم تكن المغامرة سهلة في بدايتها، لكن و بإصرار من الممرنين على انجاح العملية واعادة الكرة والتجربة من جديد اكتشفنا عالما أخر بالأعماق، و زادت دهشتنا كلما تنقلنا بين الشعاب و ما يشبه الأودية و الكهوف الصغيرة المشكلة بالأعماق، وسط مناظر مدهشة و غريبة امتزجت فيها زرقة البحر بلون الحشائش المخضرة والشعاب الرملية والأسماك و الحيتان التي تظهر تارة و تتسلل نحو الشعاب و المغارات كلما اقتربنا منها.
كان المرشد حينها يستفسر عن حالنا باستعمال إشارة اليد المتفق عليها، وبعدما مل في المحاولات الأولى من حركة أصبع الإبهام وهي تشير نحو الأعلى طلبا للخروج إلى سطح المياه، والحرص على إعادة التجربة لأكثر من مرة، انتظر طويلا ونحن بالأعماق لتكرار تلك الإشارة، بعدما تخلصنا من الخوف و بعد اكتشافنا لكنوز ومناظر ربانية خلابة يخبئها البحر بأعماقه، استحقت التفاعل مع المصور (وليد) الذي كان يطاوع طلبنا الملح لتخليد هذه الذكرى بصور وفيديوهات بأعماق البحر.
تمنينا لو قضينا اليوم كاملا بالأعماق، لكننا أمام حتمية الخروج لترك مكاننا لمجموعة أخرى، حتى تتمكن من الاستكشاف، كان أفراد المجموعة الموالية بصدد وضع أحزمة الأوزان تحضيرا للإرتماء في البحر، وركوبنا من جديد في الزورق للعودة إلى الشاطئ، وفيما تكفل (حمزة) بتهيئة القادمين الجدد نفسيا و تجهيزهم، اشتغل مرافقونا من الغطاسين المحترفين على تجريدنا من أسطوانات الهواء والسترات الهوائية وأحزمة الأوزان، تحضيرا لدخول المغامرين و المستكشفين الجدد، الذين شعر أحدهم بالقلق والارتباك و الدوار بعرض مياه البحر مرجعا ذلك إلى رائحة البنزين المنبعثة من محرك الزورق، واختار عدم المغامرة بالنزول إلى أعماق البحر والعودة معنا على متن القارب، خاطبه صديق لنا بالقول «على الأقل نحن لم يبق لنا سوى اكتشاف الفضاء و الصعود إلى القمر» أما أنت فقد رفضت اكتشاف أعماق البحار وهي في متناولك، لا تتصور كم هي سهلة باستعمال معدات الأمان و الاستعانة بالغطاسين المحترفين الذين تعبوا لكي نصل إلى الأعماق و نستفيد من هذه التجربة الفريدة. ع/بوعبدالله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.