تراجع مثير لزوار متحف سيرتا يتفاجأ من يقصد متحف سيرتا بمدينة قسنطينة، بخلوه تقريبا من الزوار، رغم أنه يعد من أعرق المتاحف في الوطن . و يحتوي على آلاف القطع الأثرية التي منها ما يعود إلى 1.8 مليون سنة، و هو ما أكدته الإحصائيات التي أثبتت بأن عدد زواره تقلص إلى النصف تقريبا في الأربع سنوات الماضية. المتحف الواقع بكدية عاتي بوسط المدينة و المشيّد قبل 158 سنة، يكاد يخلو من الزوار طيلة أيام الأسبوع تقريبا ، و هو ما لاحظناه في عدة مرات عند توجهنا إليه، بحيث اقتصرت الزيارات على عدد قليل من الأشخاص أغلبهم من كبار السن، و ذلك مقابل غياب تام للشباب و الأطفال حتى أيام العطلة الأسبوعية.أما المفارقة فتكمن في أن الأجانب لا يكادون ينقطعون عن زيارة متحف سيرتا طيلة أيام الأسبوع، بحيث يزورونه لوحدهم أو مرفقين بمرشدين سياحيين للإطلاع على التحف و الآثار التي استرعت اهتماما كبيرا منهم .. تجدهم منكبين يتمعنون بدقة في كل القطع الأثرية التي يطلعون عليها و يحرصون على دخول جميع الحجرات الستة عشر المتواجدة به.و يبدو أن غلاء المعيشة و المشاكل الاجتماعية من جهة ،و السرعة التي أصبحت تتميز بها الحياة العصرية من جهة أخرى، صرفت عددا كبيرا من المواطنين عن الثقافة و التاريخ . أكد العديد ممن التقينا بهم بأنهم لم يزوروا المتحف طيلة حياتهم ، مثل طالبة جامعية قالت لنا أنها لم تفكر من قبل في الذهاب إلى المتحف و لا تجد أي فائدة من ذلك . فيما قال لنا عدد قليل من الآباء بأنهم يحرصون على التوجه رفقة أطفالهم في عطلتي الخريف و الشتاء إلى المتحف لإطلاعهم على التحف الأثرية و توسيع أفاق ثقافتهم و تفكيرهم. مديرة متحف سيرتا السيدة خلف الله شادية قالت بأن أكثر زوار المتحف هم من طلاب الجامعات المختصين في الآثار و الوفود الرسمية و الأجانب الذي يتقدمهم الألمان ثم الايطاليون و الفرنسيون، بينما يُلاحظ حضور جد محتشم للعرب. وتحدثت عن عدد كبير من الجزائريين و القسنطينيين بصفة خاصة الذين قالت أنهم يزورون المتحف بعدد كبير و طيلة أيام السنة . منهم من يقطع آلاف الكيلومترات رفقة عائلته لقضاء يوم كامل في أرجاء المتحف، ليشكلوا بذلك أعلى نسبة من الزوار حسب المتحدثة.و اعترفت المديرة بتسجيل تراجع في عدد زوار المتحف من المواطنين. ودكرت أن غلاء المعيشة و سرعة الحياة جعلت اهتمامهم بالأمور الثقافية يقل، على غرار ما حدث في العشرية السوداء أين أصبح المتحف شبه مهجور من الزوار.و أضافت بأن 10653 شخصا زار المتحف سنة 2006 و 12191 سنة 2007 قبل أن يبدأ العدد في الانخفاض الملحوظ سنة 2008 ب 9449 زائرا ثم 5916 زائرا العام الماضي، و 5487 زائرا فقط في السداسي الأول من هذه السنة، مؤكدة بأن مصالحها تعمل على تحسيس المواطنين بأهمية متحف سيرتا عن طريق مختلف المعارض التي ترعاها و التي تبدأ بالمدارس عن طريق البرنامج المسمى "الحقيبة الثقافية" الذي يحاول أن يغرس ثقافة جديدة لدى الأجيال القادمة ، تغرس لديهم حب المتاحف والاطلاع على تاريخ البشرية من خلال تنقل المتحف إليهم لجذبهم إلى زيارته في المستقبل.
