رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    السفير بن جامع بمجلس الأمن: مجموعة A3+ تعرب عن "انشغالها" إزاء الوضعية السائدة في سوريا    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    محروقات : سوناطراك توقع مذكرة تعاون مع الشركة العمانية أوكيو للاستكشاف والانتاج    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فيلم "بنك الأهداف" يفتتح العروض السينمائية لبرنامج "تحيا فلسطين"    ورقلة /شهر التراث : إبراز أهمية تثمين التراث المعماري لكل من القصر العتيق ومدينة سدراتة الأثرية    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    الشمول المالي: الجزائر حققت "نتائج مشجعة" في مجال الخدمات المالية والتغطية البنكية    "الأمير عبد القادر...العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    وزير النقل يؤكد على وجود برنامج شامل لعصرنة وتطوير شبكات السكك الحديدية    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    بطولة وطنية لنصف الماراطون    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    ش.بلوزداد يتجاوز إ.الجزائر بركلات الترجيح ويرافق م.الجزائر إلى النهائي    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيدة المسرح الجزائري صونيا في حوار للنصر
نشر في النصر يوم 07 - 03 - 2010


"وجدت لأكون ممثلة في المسرح"
في لقاء خصتنا به سيدة المسرح الجزائري في مكتبها بالمسرح الجهوي لمدينة سكيكدة، أخذتنا الممثلة القديرة صونيا من دهاليز مسرح سكيكدة الذي مازال رغم الإهمال الذي عانى منه لسنوات طويلة تحفة هندسية مبهرة، إلى كواليس المسرح الجزائري الذي إحتضن شغفها الأول بالتمثيل و صقل موهبتها الفذة و بلورها مع كل تجربة مسرحية ناضجة تتراكم في رصيدها الغني و المتنوع الذي يفوق الآن الستين عرضا مسرحيا بالإضافة إلى أدوار عدة في الأفلام و المسلسلات التلفزيونية الجزائرية، و حدثتنا في هذا الحوار عن متعتها في إختيار أدوارها بنفسها بعناية شديدة حسب قناعاتها و شخصيتها المميزة .
بعد مسيرة فنية طويلة و حافلة بالإنجازات في مجال التمثيل، خاصة في المسرح كيف تنظرين لإنجازاتك الفنية بين أحضان المسرح الذي وهبت له حياتك ؟
حياتي المسرحية هي جوهر وجودي الإنساني قبل الفني ، عندما دخلت معهد الفنون الدرامية ببرج الكيفان لأول مرة كنت أعرف أن التمثيل في المسرح سيكون حياتي التي لا حياة لي غيرها وقد قدمت حتى الآن ما يفوق الستين مسرحية في كل من المسرح الوطني بالجزائر العاصمة و مسرح القلعة مع الممثل القدير عز الدين قطاف، وخشبة مسرح قسنطينة المميز و المسرح الجهوي بعنابة و غيرهم بما في ذلك مسارح خارج الوطن.
و عندما إضطررت للتوقف عن التمثيل في المسرح الجزائري خلال سنوات التسعينات عشت أصعب مرحلة في حياتي و كنت أتحرق لألعب مرة أخرى على الركح الجزائري أدوارا تعبر عن مأساة الوطن التي طالت المسرح أيضا بنيران تسببت في إغلاقه لسنوات طويلة.
تملكين قدرة خارقة على تجسيد الشخصيات التراجيدية و يتجلى ذلك حتى في أدوارك الكوميدية التي تمنحيها عمقا يدفع الجمهور لإعادة التفكير في كل حركة و في كل كلمة؟
أديت العديد من الأدوار التراجيدية، كما مثلت في مسرحيات كوميدية لكن أدواري فيها كانت عميقة لا تثير الضحك فقط، بل تدعو الجمهور للتفكير مرات عدة في مغزى الدور الذي يضحكهم بذكاء.في فترة التسعينات عاشت الجزائر تراجيديا حقيقية مازالت آثارها السلبية بادية في المجتمع الجزائري إلى الآن، و أنا كمسرحية و كمواطنة جزائرية لا يمكنني أن أبقى على هامش هذه المأساة التي أعايشها يوميا ، فهي تنبع من داخلي و كنت أريد أن إخراجها فنيا و التعبير عنها بأدوار متنوعة في العديد من المسرحيات كمسرحية " حضرية و الحواس".
"المسرح الجزائري دفع ثمن الإرهاب... و خسر ثقة الجمهور "
تتحدثين بشجن كبير عن فترة العشرية السوداء التي كلفت المسرح فقدان وجهان مسرحيان بارزان ، قدما الكثير للركح الجزائري، عز الدين مجوبي و عبد القادر علولة، ماذا تشعرين الآن في ذكرى إغتيالهما التي يفصلنا عنها شهر فقط 13 فيفري تاريخ إغتيال علولة و 12 مارس تاريخ مقتل مجوبي؟
فقدان ممثلين و مسرحيين رائعين كعبد القادر علولة و عز الدين مجوبي هي خسارة فادحة ليس فقط للمسرح الجزائري بل للجزائر ككل، و استرجاع ذكرياتي معهما في ذكرى رحيلهما كل سنة آمر في غاية الصعوبة، يشعرني بأسى كبير لأنني أعرف القيمة الفنية و الإنسانية لكل منهما فقد عرفتها كأشخاص و كزملاء إستفدت كثيرا من تجاربي في العمل معهما. المسرح الجزائري للأسف الشديد، خسر العديد من أعمدته فبالإضافة على الذين إغتيلوا ظلما على مرأى من الجميع، لا يجب أن ننسى الذين قتلوا حزنا كالممثل المسرحي القدير كاكي الذي توفي ثلاث أيام فقط بعد إغتيال عز الدين و الكثيرغيره، من الذين ماتوا صمتا متأثرين بالكارثة أو حزنا على رفقائهم . و الخسارة الفادحة الأخرى التي مازال المسرح في الجزائر ينزف بشدة منها، هي خسارة الجمهور المسرحي الذي كان في وقت من الأوقات وفيا للركح و الذي فقد بفعل السنوات الطويلة التي أسدل فيها الستار عن العروض، ثقافة الذهاب إلى المسرح، حتى بعد أن إنجلت موجة الإرهاب لم تتمكن المسارح إسترجاع ثقة جمهورها و النتيجة هي أننا الآن نقدم أحيانا عروضا مسرحية في صالات شبه فارغة.
المسرح الجزائري كان له أيضا حصة كبيرة و مكلفة من كارثة الإرهاب، دفع ثمنها غاليا من دم أبنائه الأوفياء و من ثقة جمهوره و محبيه.
هل فكرتي في الفترة التي انقطعت فيها عن تقديم العروض في الجزائر في الهجرة إلى الخارج، على غرار العديد من الفنانين و المثقفين الجزائريين الذين ضاقت بهم سبل تحقيق آمالهم الفنية و الثقافية في الجزائر؟
أبدا، فكرة كهذه لا تراودني أبدا و لا حتي في أصعب الظروف التي مررت بها في العشرية السوداء، عندما أبعدت رغم إرادتي عن الركح الجزائري لم أتوقف عن العمل، في تلك الفترة صوّرنا ثلاث أو أربع مسرحيات على شكل أفلام داخل الأستوديو و قدمت الكثير من العروض المسرحية في فرنسا و رغم أنه كانت لي فرصة البقاء فيها، و لكنني لم أفكر أبدا في الأمر لأنني أؤمن أنه لا أحد يملك الحق في دفعي للهروب من بلدي، فأن أريد أن أبدع دائما تحت سمائه و أقدم أحسن العروض التي أستحضره فيها بكل التفاصيل التي تأرقني.
كيف تنظرين لوضعية المسرح في الجزائر الآن ؟
لحسن الحظ الوضعية تغيرت كثيرا و للأحسن ، و هناك بوادر خير كثيرة تبشر بأن المسرح الجزائري يسير في الطريق السليم ، من بينها الوقوف على المسارح الجهوية في مختلف ولايات الوطن و تهيأتها مما يساهم في بلورة المواهب الشابة في فضاءات مفتوحة للإبداع و الخلق الفني، فالمسرح مدرسة جيدة لكل الفنون . و لكني أرى مع ذلك، أننا بحاجة للبحث عن ذواتنا في كل ما نفعله ، فرغم أن المسرح الآن لديه تجارب جد ناجحة ساعدته ليثبتت بقوة، ضرورة وجوده في المجتمع الجزائري غير أنه مازال يشكو من العزلة و الإنطواء على ذاته ، و لكي يتطور أكثر هو بحاجة لإنفتاح أكبر على المسرح الأوروبي و العالمي .
في رأيك، هل يوجد حاليا جيل من الممثلين المسرحيين الشباب الذين يستطيعون مواصلة المشوار الذي بدأه عمالقة المسرح الجزائري؟
الممثلين المسرحيين الشباب موجودين فالنظرة للمسرح تطورت كثيرا، لكن يبقى هناك أزمة ممثلات و هذه مشكلة تواجهني كثيرا في مدن الشرق ، لا أعرف لماذا أغلبية الممثلات اللاتي ألتقي بهم هن طالبات يمارسن المسرح فقط كهواية و ليس بشكل إحترافي كمهنة تأخذ منهم ما يلزم من الوقت و الإهتمام . أنا شخصيا لا يمكنني التعامل مع ممثلات ليس بإمكانهنّ للتفرغ التام للعمل المسرحي، و أذكر أنني عندما بدأت التمثيل في سن السابعة عشر كنت أعرف أنني سأهب حياتي للخشبة و كنت مستعدة لأن أقدم لأدواري ما هو أكثر من الوقت و التركيز التام .
كيف تجري الأمور الإدارية و الفنية في المسرح الجهوي لسكيكدة الذي تديرينه منذ عدة شهور بعد أن تجربة إدارة معهد الفنون الدرامية ببرج الكيفان؟
أنا أدير المسرح الجهوي لسكيكدة منذ أكثر من ستة أشهر رفقة فريق عمل نشيط في مسرح سكيكدة، فأنا لا أحب العمل بمفردي.. و لقد قمنا بوضع برنامج لابأس به لخلق حركة فنية داخل هذا التحفة االهندسية الجميلة و الذي يتضمن عروضا مسرحية و نشاطات أخرى، إنطلقت بعرض مسرحي للأطفال بعنوان "علاء الدين و المصباح السحري" و هي قصة مقتبسة من قصص ألف ليلة و ليلة بدأت في التحضير لها مباشرة بعد تسلمي الإدارة ، فعروض الأطفال خطوة أولى يجب القيام بها في الوقت الراهن لأن الأطفال هم جمهور المستقبل الذين بإمكانهم ملئ الكراسي الفارغة للمسارح ليس فقط بجمهور الكبار لأن الطفل يأتي للمسرح بصحبة راشد واحد على الأقل .
أنهيت مؤخرا تحضيرات مسرحية جديدة من إخراجك، يشارك فيها ممثلين من مدينة سكيكدة بالإضافة إلى بعض الممثلين الذين استدعيتهم من الجزائر العاصمة و الممثلة ليديا من مدينة باتنة لتأدية دور البطلة، عما تتحدث هذه المسرحية المقتبسة من نص الكاتب المسرحي الألماني الكبير
تونكرد دورست؟
نعم، أقوم حاليا بإخراج مسرحية بعنوان " أمام أسوار المدينة" التي إقتبس نصها من نص للكاتب المسرحي الألماني تونكرد دورست، و أعتبرها مجرد إنطلاقة جديدة للإنتاج المسرحي الجاد في مسرح سكيكدة الجهوي ليس فقط بتقديم العروض و لكن أيضا بتنظيم دورات تكوينية للشباب السكيكدي الشغوف بالمسرح، حيث صاحبت تدريبات هذه المسرحية و مسرحية " علاء الدين و المصباح السحري" عدة ورشات تكوينية للممثلين في الرقص و الكوريغرافيا، التمثيل و الموسيقى ... بهدف خلق نواة فنية جديدة في هؤلاء الشباب و الإستثمار في مواهبهم وحماسهم الفني، كما نسعى لإعطائهم الوسائل اللازمة للعمل الفني في مجال التمثيل المسرحي. موضوع المسرحية يدور حول شخصية إمرأة ثائرة، في معركة دائمة ضد سور عالي يفصلها عن حريتها و أحلامها و عن حبها في عالم مليء بالحروب ، هي إمرأة تقاوم الظلم و الإضطهاد ومستعدة للعب كل الأدوار لتتجاوز السور الذي يبعدها عن حبيبها ، الجندي المحارب في قلب "الصين الإمبريالية" في النص الأصلي، غير أننا في هذا الإقتباس جعلنا من هذه المرأة نموذجا عالميا يمكن أن يتكرر في أي زمان أو مكان ." أمام أسوار المدينة " مسرحية فلسفية عميقة جدا، و سيجسد شخصية المرأة، الممثلة المحترفة ليديا من مسرح باتنة الجهوي، إلى جانب مجموعة من الممثلين من بينهم ثلاث شبان هواة من مدينة سكيكدة.
تذكرنا فكرة السور الذي "لا يخترق" في هذه المسرحية بالسور الأسود الذي كان خلفية الخشبة في مسرحية " حضرية و الحواس" و التي تتطرق لتراجيديا "سنوات الرعب" في الجزائر و تروي قصة صراع المرأة و الرجل على حد السواء في وجه العوائق التي تبعدهما عن أحلامهما و حريتهما؟
" حضرية و الحواس " عبارة عن قصيدة درامية طويلة، أديتها رفقة الممثل القدير مصطفى عياد و التي تعالج الظروف الصعبة التي عانى منها الإنسان الجزائري خلال سنوات الإرهاب المرعبة، جسدت فيها شخصية حضرية من أعماقي لأنها تصور عذابات المرأة الجزائرية الجريحة داخل الوطن الذي ينزف.أول موضوع فكرت في إنجازه بعد عودتي للركح الجزائري هو تجسيد تراجيديا الوطن التي كان لابد من الحديث عنها في أكثر من مسرحية. السور في " حضرية و الحواس" هو المجهول ، المستقبل المظلم الذي لا ندري عنه شيء، هو الحواجز و العوائق التي تقيد حرية الإنسان و تحيطه بالخوف في كل لحظة و من كل شيء ، أما في هذه المسرحية " أمام أسوار المدينة" فالسور هو شخصية منفردة بذاتها و موضوع أساسيي لأن البطلة في صراع دائم ضده لإعتقادها أنه يفصلها عن حبها، حريتها و أحلامها .
"المرأة الجزائرية إنتزعت مكاسبها و حريتها"
تناولت في العديد من أعمالك موضوع المرأة بشكل عام و سلطت الضوء من خلال أدوارك المميزة على وضعية المرأة في الجزائر، كيف تقيمين الآن كإمرأة حرة و كفنانة ناجحة جدا التطور الذي حققته المرأة الجزائرية في المجتمع و هل في رأيك إستطاعت أن تصل إلى مكانة أفضل إجتماعيا و ثقافيا؟
المرأة حاضرة بشكل أو بآخر في جميع الأعمال التي أقدمها ، فأنا أحاول دائما أن أتطرق لكل جوانب حياتها و ظروف معيشتها بالتحليل و النقد ففي مسرحية " بلا زعاف" مثلا، ناقشنا قانون الأسرة الجديد الذي يتعلق مصير المرأة به. المرأة الجزائرية إستطاعت فعلا في السنوات الأخيرة أن تقتلع درجة كبيرة من الحرية التي لم تهدى إليها بل إستحقتها بجدارة بعد أن أثبتت رغم كل شيء أنها كفؤ لها ، فلقد أحدثت تطورا كبيرا في كل المجالات التي إقتحمتها و تميزت فيها بدراستها، خبرتها و طموحاتها اللا محدودة، و في الحقيقة كل التطور الفكري، الفني ، الثقافي و الإجتماعي الذي وصلت له المرأة الجزائرية الآن كان بفعل إرادتها، و هو نتيجة تحديها لكل الظروف التي حاصرتها بما ذلك تأويلات الدين التي لم تكن في صالحها و عادات المجتمع الذكوري المتسلط.
هل تجاوز المسرح الجزائري مشكلة اللغة التي كانت في وقت مضى مطروحة بشدة في أوساط المسرحيين و الجمهور؟
المسرح في الجزائر تجاوز عائق اللغة منذ وقت طويل بدءا بمسرحيات كاتب ياسين التي كتبت بالجزائرية البسيطة ،المسرحيات الآن تقدم بالجزائرية ، العربية الفصحى، الأمازيغية و حتى بالفرنسية و يتلقاها الجمهور بشكل عادي و طبيعي. اللغة في الجزائر ليست عائقا و لا تطرح إشكالا لأن الشاب الجزائري المعرّب بإمكانه فهم أكثر من لغة، و الذي يحدد لغة المسرحية هو بالدرجة الأولى طبيعة نصها و ضرورتها الدرامية و لا وجود لأية إعتبارات أخرى في إختيار اللغة التي يتحاور بها الممثلين على الركح.
بالإضافة إلى العروض المسرحية التي قدمتها خلال مسارك الفني منذ سن السابعة عشر إلى اليوم و التي تفوق الستينن عرضا تقريبا ، شاركت أيضا في العديد من الأفلام و المسلسلات التلفزيونية ، أخرها مسلسل "عندما تتمرد الأخلاق" الذي كان إنتاج مشترك جزائري سوري، كيف وجدت تجربة التمثيل في مسلسلات عربية إلى جانب ممثلين غير جزائريين؟
تجربة الإنتاج المشترك مثيرة جدا و مميزة، حيث تضفي غنى و تنوعا فنيا على العمل، كما أن إحتكاك الممثلين فيما بينهم بمختلف ثقافاتهم و أفكارهم، يفتح لهم آفاق واسعة للتعلم تكسبهم خبرة و نضوجا فعليا في مجال التمثيل. مشاركتي في المسلسلات أو في الأفلام نابعة من رغبتي في التغيير لتجربة التمثيل في فضاءات أخرى عدى الخشبة و لكني كنت أعود في كل مرة للمسرح ، شغفي الأول .
هل تشعرين الآن بعد كل هذه السنوات من العطاء المستمر في المسرح بالرضى عن ما قدمت؟
نعم أستطيع القول أنني راضية عموما ، لأنني أنا التي أختار كل أدواري ، و دائما أنا التي أختار و لا أختار و لهذا أفخر بكل المسرحيات التي شاركت فيها و التي كانت ذات أهداف إجتماعية و فكرية توعوية مهمة.
ما هي الرسائل التي كنت تطمحين لإيصالها للجمهور من خلال أدوارك التي تختارينها بعناية ؟
على خشبة المسرح نحن لا نقدم دروسا للناس بل نسعى لإمتاعهم و تحريك مشاعرهم و إنطباعاتهم حول المواضيع التي نتطرق إليها، حتى لو كان الشيء الوحيد الذي نحركه فيهم هو مجرد تساؤل بسيط فهذا يعني بالنسبة للمخرج و الممثل أن العمل نجح في الوصول إلى الجمهور و هذا غاية ما نرجو، فالعرض الذي لا يترك في أذهان الجمهور إحساسا ، بسمة أو دمعة أو سؤالا هو عمل محكوم بالفشل.
ما هي النصيحة الثمينة التي قد تقدمينها لممثل مسرحي في بداية مشواره الفني في المسرح الجزائري؟
أقول له ببساطة: التمثيل في المسرح مهنة صعبة و لكنها رائعة جدا أيضا و أنصحه أن يتحلى بالإرادة و العزيمة القوية ليتمكن من الصمود و لا يتخلى عن المسرح لأنه إذا لم يكن شغوفا به فستدفعه الصعوبات و العراقيل لتركه أو لإستبداله بأشياء أخرى.
هل حدث يوما أن فكرتي في مغادرة خشبات المسرح نهائيا و التوقف
عن التمثيل؟
أبدا ، عندما وعيت بذاتي عرفت أني وجدت لأكون ممثلة في المسرح و عرفت أنه سيكون حياتي فوهبته شبابي ووقتي و عمري و سأهدي ما بقي منه للمسرحيات التي أمثلها أو أخرجها .
و لا لحظة و لا ثانية فكرت في ترك التمثيل و فعل شيء آخر ، لأنني ببساطة لا أجيد فعل شيء آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.