''بين أنا وأنا هي'' سرد لواقع معيش عبر تساؤلات جريئة حول استغلال المرأة والظلم الذي تتعرّض له في العالم، وهو عنوان المسرحية التي قدمها مختبر الدراماتورجيا اللبناني، يوم الأربعاء الفارط، بقاعة الحاج عمر ضمن فعاليات المهرجان الوطني الخامس للمسرح المحترف· تتناول مسرحية ''بين أنا وأنا هي'' أو ''واحد لا يساوي واحد'' للمخرج اللبناني جان داود، والتي عرضت ضمن العروض خارج المنافسة من المهرجان الوطني للمسرح المحترف في طبعته الخامسة، مشكل العنف ضد المرأة والظلم الواقع عليها واستغلالها اقتصاديا واجتماعيا وخصوصا الاستغلال الجنسي والممارسات غير السوية في إطار العلاقة الشرعية، حيث تنحصر مهمة المرأة في إمتاع الآخر، دون مراعاة لمشاعرها· ويسرد نص المسرحية حالة صراع بين مألوف مرفوض، ورفض مألوف أو شائع قائم على الاستغلال، في محاولة لإيجاد مفاتيح لمحاورة تجارب الاستغلال الشخصية التي تعرض ويتعرض لها كل واحد منا على مختلف الأصعدة لتبرز المسرحية أبعادا إنسانية غير مقيدة بالزمان ولا بالمكان· وتدور أحداث القصة بين شخصيتين، شخصية طفولية متمردة كما تحلم بها ''شهرياة'' التي تجسد الطفولة التي ترفض كل ما لا يروق لها ويتنافى مع براءتها، رافضة الصمت والانكسار بعفوية لا تخلو من السذاجة، دون التفات الى قسوة الواقع بأبعاده المختلفة، وشخصية مترددة تعيش في الصمت والمعاناة لأسباب تراها ''شهرامرأة'' منطقية، وذلك من واقع تجربتها ومعاناتها، جراء ديمومة تعرضها لشكل من أشكال الاستغلال وانعدام الأمل في خروجها من دوامته، كما تظهر أيضا صورة الشخصية ''شهرصمت'' المنعكسة على خلفية المشهد، والتي تتقدم ببطء شديد وبصمت طيلة العرض الذي يستمر نحو 50 دقيقة غير مؤثرة أو متأثرة بما يجري حولها، لتؤكد غيبوبتها وعدم جدوى الكلام في المطالبة بالحرية والمساواة· وتحمل المسرحية صرخة ضد وجه العنف من خلال الكشف عن معاناة المرأة في المجتمعات الغربية قبل العربية خصوصا، وحتى معاناة الرجل والطفل عموما وكل ما يتعرّض له الإنسان من وحشية لا يتصورها العقل البشري، فالمرأة تتعرض إلى أبشع أنواع الظلم والاستغلال في الوقت الذي يعتقد فيه الكثير أنهن حصلن على حقوقهن وما حلمن به، مع غياب لإحصائية دقيقة حول العنف ضدها لأنها ترفض الحديث عن نفسها إلا نادرا· للإشارة، فإن مختبر الدراماتورجيا التمثيل والنصوص بقيادة جان داود قد تأسس سنة ,1986 وهو مجال بحث في إعداد الممثل وتطوير وسائله وتقنياته، ويهدف إلى إبراز الوعي الإنساني والاستشراف عن طريق الفن، ويرى أن للمسرح دور أساسي على مستوى الإنسان الفرد في تواصله مع الحياة ومع نفسه ومع الجماعة كذلك، كما يهتم بتدريب مكوني ممثل ومعدين ومدربين ناشطين في مجال العمل المسرحي والتربية الإبداعية وفي مجالات اللاعنف·