حادث تحطم طائرة للحماية المدنية بجيجل: السيد مراد يترحم على أرواح شهداء الواجب ويعزي عائلاتهم    معسكر: جثمان المجاهد أحمد كاري يوارى الثرى    سفيان شايب يبرز من تركمنستان دعم الجزائر للدول الإفريقية غير الساحلية    الجيش الوطني الشعبي يُجهض تهريب كميات ضخمة من المخدرات ويواصل دك أوكار الإرهاب    توقيع مذكرة تفاهم بين مجمع "سونارام" ومجمع باكستاني لتطوير صناعة الأسمدة الفوسفاتية    زيتوني يشرف على اجتماع تقييمي لضمان استقرار السوق خلال الصيف والدخول الاجتماعي المقبل    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 61158 شهيدا و 151442 مصابا    وزير الداخلية يتنقل إلى جيجل للوقوف على فاجعة سقوط طائرة الحماية المدنية    الاتحاد الأوروبي ... تكتل بلا بوصلة جيوسياسية    جمعية "أكنوا" تكرم رئيس الجمهورية بالميدالية الذهبية تقديراً لنجاح الألعاب الإفريقية المدرسية الأولى    اليونيسف تشيد بتمديد عطلة الأمومة في الجزائر: خطوة لتعزيز الرضاعة الطبيعية ودعم الطفولة المبكرة    دعوة للمؤسسات الجزائرية للمشاركة في الدورة ال62 لمعرض دمشق الدولي    فتاوى : تكفير المصائب للسيئات يشمل الطائع والعاصي    "أنس بن مالك" .. خادم رسول الله وصاحبه    الديوان الوطني للحج والعمرة : مواصلة عملية مرافقة المعتمرين ومتابعة وكالات السياحة والأسفار    صناعة السيارات: فتح باب الترشح أمام الكفاءات الجزائرية لإنشاء مجلس للخبرات الوطنية    المغرب يمعن في حملات التضليل الإعلامي    ارتفاع كبير في أسهم بورصة الجزائر    اعتراف إفريقي بنجاح دورة الجزائر    الفضية للخضر    بداية قوية للجزائر في الشان    كرة القدم/بطولة امم إفريقيا للمحليين 2024 - مؤجلة إلى 2025: المنتخب الوطني الجزائري يستأنف تدريباته    الجزائر تعتز بعلاقاتها العريقة مع قطر    عائلات تُعجّل خرجاتها قبل العودة إلى المدارس    وزارة الصحة تُحذّر من التسمّمات الغذائية    عقود توظيف تنتظر 40 ألف طالب جديد    استلام ما تبقّى من المشروع نهاية سنة 2026    مصير القضية الصحراوية مرتبط بإرادة ونضال شعبها    هكذا اجتمعت هذه الصفات في شخص النبي الكريم    محاولات الاحتلال المغربي يائسة    شاهد على مجاعة غزّة    توقُّع إنتاج 4.5 ملايين قنطار من العنب ببومرداس    شركة النقل البحري للمسافرين.. 50% تخفيضات عن الرحلات نحو فرنسا    وكالة عدل تتوعد مروّجي الأخبار المغلوطة والإشاعات    آلة المخزن الدعائية تتعطّل ودبلوماسيته تغرق    تحركات حثيثة لإنجاح الدخول الجامعي المقبل    التعاونيات المهنية توسّع تنظيمها    الأمن الوطني يحبط أكبر عملية تهريب "إكستازي" ويطيح بشبكة دولية بالعاصمة    حملة للوقاية من أشعة الشمس    هكذا تفتك ألوان الحلويات والمشروبات بصحتنا    بن ناصر يحضّر خطة للانتقال إلى أولمبيك مرسيليا    "الكتاب رفيقي وصديقي"بالصابلات    صيف ملتهب بأحداث الذاكرة    أطفال الجمهورية الصحراوية يزورون متحف "هيبون"    أمين شياخة يرفض الرحيل ويؤكد بقاءه في الدنمارك    فيغولي ينضم لناد عراقي وأبطال "كان 2019" يرفضون الاعتزال    جمعية بنمية ترفض مشاركة المغرب في المعرض الدولي للكتاب    التحاق 50 ألف تلميذ بالمدارس القرآنية    المهرجان الثقافي الوطني السابع للزي التقليدي الجزائري يطلق مسابقة "قفطان التحدي 2025"    تظاهرة كانيكس 2025.. 6 أفلام جزائرية للمشاركة في المسابقة الإفريقية للأفلام القصيرة    استعراض سبل تعزيز التعاون الثنائي بما يخدم اللغة العربية    أسبوع ثقافي لأولاد جلال بالعاصمة    وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله    آليات جديدة للتبليغ عن الآثار الجانبية لما بعد التلقيح    سحب فوري للترخيص ومنع الوكالات من تنظيم العمرة في هذه الحالات    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفقة كاتب ياسين/15 لعنة ''نجمة'
نشر في الجزائر نيوز يوم 17 - 09 - 2010

بعد عودته الحزينة من سيدي بلعباس، فرض ياسين على نفسه نظاما صارما، كانت رغبة الكتابة تلح عليه من جديد ليعود إلى الرواية·· فتح كل حقائبه المتناثرة في غرفة نومه، حيث كانت حزم أوراقه تسكن مثلما يسكن تيار الماء الجارف في الأعماق·· كان مرّ وقت طويل لم يقرأ فيه ياسين أعمالا روائية بإمكانها أن تثيره وتغريه للعودة إلى ذلك العالم المفتوح الذي خلفه منذ أن انتهى من مسرحيته المنشورة بساي عام ,.1970 قال لي ''إنه يشعر بمشقة وهو يحاول العودة إلى قراءة الروايات'' وكان الروائي الأمريكي دوس باسوس، صاحب ثلاثية ''الولايات المتحدة الأمريكية'' من الأسماء التي بدأت بإغراءاته، فانهمك في قراءة ''مانهاتن تراسفر··'' أثاره فيها بناءها، الذي كان يعتمد على الوصف الدقيق، لأمكنة ومصائر الأفراد والجماعات، بل ومصائر الأمكنة نفسها، التي لم تكن مجرد أشياء ثابتة وصامدة، بل كائنات حية تعكس تطور وانفجار الأذواق والسلوكات وأنماط الحياة، وفي تلك الفترة أعجب ياسين بروائي جزائري صاعد، هو الكاتب رشيد ميموني ذي الكتابة النقدية السوداوية، بحيث شدت رواية ''طوميزا'' اهتمامه·· كانت حزم أوراقه إضافة إلى الدفاتر المدرسية مليئة بالبياضات والخربشات والنصوص المكررة والمكتوبة بأشكال مختلفة، وهي تمتد من فترة كتابة ''نجمة'' وما أحاطها من أشعار وملاحظات إلى فترة الانتهاء من مسرحية ''الرجل صاحب النعل المطاطي'' سألت ياسين حينها إن كان يفكر بكتابة رواية جديدة، لم تكن الفكرة واضحة بالشكل النهائي في رأسه، لكن قال لي، إنه يريد أن يكتب حياته، وحياة كل الأمكنة والأفراد الذين تداخلت حياته بحياتهم، كان يعتبر أرضية النصوص التي كانت بحوزته تشكل بداية انطلاق جديد لابتكار عالم يشبه الوحش، وبقدرته أن يلتهم عالم نجمة، لقد كانت نجمة هي التي أخرجته للوجود، لكن في نفس الوقت هي اللغة الأسطورية التي حاصرته بأساطيرها وأغلقت عليه في كونها الخاص·· وكان ذلك يبدو عليه في كل علاماته الصامتة، لكنه كان يرفض الاعتراف صراحة بذلك·· كان يرفض الاعتراف بأن معينه قد جف، وأنه لم يعد قادرا على تجاوز نجمة، وعلى تجاوز تلك الأسطورة التي جعلت منه، المؤسس الحديث للرواية الجزائرية المكتوبة باللسان الفرنسي·· وأذكر مرة أنه رافقني إلى عرض لمونولوغ ''قدور البلاندي'' بالحي الجامعي بابن عكنون للبنات، حيث كانت القاعة غاصة بالمتفرجات، وكان يرافقني على الخشبة صديقي سعيد حيون بفيتارته وصوته الشجي ذي اللكنة القبائلية لوادي أميزور، وكان ياسين وهو يجلس في مقدمة الصالة، فرحا ومعجبا بالعرض··· وبعد الانتهاء من العرض، طلبت من ياسين أن يصعد إلى الخشبة، ليشارك في النقاش المفتوح حول التجارب المسرحية الجديدة في الجزائر، وقال يومها وهو يفتتح النقاش ''أن المستقبل الحقيقي للثقافة في الجزائر يمثله المسرح، وهذا النوع الجديد من المسرح، الذي يعتمد على وسائل متواضعة، وعلى تقنية التدخل المباشر في القضايا التي تهم الشباب والقطاعات العريضة من المجتمع·· وكذلك يعتمد على العربية الشعبية التي يفهمها الجميع·· لكن كل أسئلة الطالبات توجهت إلى رواية نجمة، وإلى كتاباته الأدبية، وكانت إجاباته أن نجمة، لم تعد مهمة بالنسبة إليه، فلقد كتبها في ظروف تاريخية معينة، وأن ما قام به في المسرح الموجه للشعب، هو أكثر أهمية ونوعية وفائدة، وحدثهم يومها باستفاضة عن تجربة مع الشبان الذين اشتغلوا معه على مسرحية ''محمد خذ حقيبتك''، قال، لقد قدمنا عرض ''محمد خذ حقيبتك'' في كل المدن، والقرى والمداشر والمزارع والمؤسسات الصناعية، ولقد شاهدها حوالي مليون شخص، بينما لم يتمكن من قراءة ''نجمة'' سوى بضعة آلاف من المثقفين والجامعيين المتخصصين···
بدا الوضع مؤلما بالنسبة لياسين الذي أحس في تلك اللحظة أن كل جهوده وتضحياته في سبيل مسرح شعبي بالعربية الشعبية قد باءت بالفشل، ولم تعط الثمار المرجوة·· ظلت ''نجمة'' تقف في وجهه، وتتحداه بقوة لا مثيل لها·· بدأ الشك يتسرب إلى نفسه، لكنه لم يرد أن يرفع يديه ويستسلم بشكل سافر إلى سلطة الكتابة الأدبية، وعلى ذلك فلقد كان يشعر بشيء من الانكسار، وبأن المشروع الذي تملكه بدأ يراوح مكانه، وأن إحداث ثورة كان يسميها ثقافية تبقى بعيدة المنال·· لقد أحدث القطيعة مع المثقفين الأجانب والفرنسيين الذين ظلوا يصرون على تلخيص كل ياسين في عمله الروائي ''نجمة'' وليس في مسرحه الشعبي الذي منحه كل وقته وجهده وصدقه··· بدأ يشعر بالإرهاق وبالمزيد من العزلة·· كان يبحث عن لحظة هادئة وعميقة لتمكنه من التفكير بهدوء في الحصيلة التي استغرقت حوالي خمسة عشر عاما··· هل كانت تستحق كل تلك المعارك، وكل تلك المواجهات والتصريحات النارية التي كان يطلقها ياسين في التجمعات وعلى أعمدة الصحافة الوطنية والعربية والعالمية؟! بدأ ياسين يشتكي من ضيق الوقت، ومن الناس التي لا تكف عن زيارته في كل الأوقات·· بدأ يفتح تردده على فرنسا ولقاءاته هناك بالكتاب ورفاقه القدامى آفاقا جديدة لإعادة التفكير في المغامرة التي ركب أمواجها منذ بداية السبعينيات·· كان يقول ذلك أحيانا إلى بعض أصدقائه والمقربين منه، بشكل ملتوٍ وغامض··· وكان يردد أمامهم، أنه مقبل على كتابة سيرة روائية تتداخل فيها كل أنواع الكتابة·· وكان يقول بأنها ستكون عبارة عن ''قنابل حقيقية'' هل كان ذلك حقيقة أم كان يريد الحد من القلق الذي بدأ يزعزع يقينه ومشروعه الطوباوي··؟!!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.