وزير الاتصال يشدد على ضرورة استكمال المنظومة التشريعية للقطاع    وزير الداخلية يشارك بكيب تاون في جلسة وزارية حول الاستثمار في الحد من مخاطر الكوارث    وزير الأشغال العمومية يعاين مشاريع الطرق بتيسمسيلت ويؤكد على وتيرة إنجاز المشاريع التنموية    وزير العدل يستقبل المنسقة المقيمة للأمم المتحدة بالجزائر لبحث سبل تعزيز التعاون في مجال سيادة القانون    بن قرينة يؤكّد أهمية المحافظة على الأمن والاستقرار    صفقة ضخمة.. جزائرية سعودية    مشاريع فلاحية ضخمة بالجزائر    سايحي يشدد على وضع المواطن في صلب الاهتمام    يوم تاريخي في فلسطين    الصَلب الفلسطيني: جرحى نازفون... ولكن غير مهزومين    نجاح المرحلة الأولى من وقف الحرب    موعدٌ مع الاحتفال ببلوغ المونديال    بداري يشرف على افتتاح الموسم الجديد    أوسمة جديدة في الجيش الوطني    سعيود يستعرض جهود الجزائر    وزير الصحّة يشرف على يوم دراسي    وفاة 700 شخص في حوادث المرور    تاشريفت يستقبل وفداً    تنظيم مسابقة لالتحاق بالتكوين شبه الطبي    نتطلع إلى تفعيل و عصرنة المؤسسات والأنشطة الشبابية    ارتفاع عدد الشُّهداء الصَّحفيين في غزّة إلى 255 صحفي    نحو تسليم مشاريع طرقية كبرى قبل نهاية 2025    جوفنتوس في قلبي وسأعود للتدريب قريبا    حاليلوزيتش: تجربتي مع "الخضر" في مونديال البرازيل لا تُنسى    ماندي يوجه رسالة قوية للاعبين    رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في الجزائر لبحث تمويل المشاريع    الجزائر حريصة على بناء شراكات استراتيجية متوازنة ومثمرة    إصلاحات عميقة خدمة للمواطن    ضرورة إدماج البعد البيئي في التخطيط العمراني والمشاريع الاقتصادية    في وفاة عميد الصحافة الجزائرية أبو بكر حميدشي    الخلايا الجوارية تحسّس بسرطان الثدي    النيران تلتهم 700 متر مربع حشائش يابسة    4645 تدخّل في سبتمبر    إبراز راهن الذكاء الاصطناعي وعلوم الإعلام والاتصال    غلاف أوّلي ب122 مليار سنتيم لمشروع إعادة التأهيل    ورشات في السيناريو وسينما الموبايل    حين يتكلّم الأدب بلغة السينما    المقاومة تفرج عن آخر 20 أسيرا صهيونيا في صفقة تبادل    "صيدال" و"نوفو نورديسك" لتطوير أدوية    بينهم 250 أسيرا من أصحاب المؤبدات..الإفراج عن 1968 أسيرا فلسطينيا مقابل 20 أسيرا إسرائيليا    بلايلي وبونجاح يُصابَان    شباب يعتنقون خرافات من ثقافة الجاهلية الإسرائيلية والهندوسية    انتشال نحو 200 شهيد من حرب الإبادة الجماعية    جلاوي يترأس جلسة عمل تنسيقي وتقييمي مع إطارات القطاع    وزير الصحة يلتقي نقابة الأسلاك المشتركة    بلمهدي يزور جامع سفير    الخضر يستعدون لمواجهة أوغندا    تنصيب وفد التحضير للحج    تمديد فترة إيداع العروض التقنية والمالية    المجتمع الرقمي له تأثيره وحضورُ الآباء ضروري    الفريق أول السعيد شنقريحة يهنئ المنتخب الوطني بمناسبة تأهله إلى كأس العالم 2026    رئيس الجمهورية يهنئ المنتخب الوطني عقب تأهله إلى كأس العالم 2026    خديجة بنت خويلد رضي الله عنها    فتاوى : كيفية تقسيم الميراث المشتمل على عقار، وذهب، وغنم    مهرجان الجزائر الدولي للفيلم يفتح باب التسجيل للمشاركة في أول دورة من "سوق AIFF" المخصص للسينمائيين    نعمل على توفير جميع الإمكانيات لهيئة التفتيش    فتاوى : إنشاء صور لذوات الأرواح بالذكاء الاصطناعي    هذه مخاطر داء الغيبة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طفولتي وفضاءاتها الممنوعة
نشر في الجزائر نيوز يوم 01 - 11 - 2010

الرواية مرتبطة بالطفولة، والروائيون يدورون حول فضاءات طفولتهم مثلما تدور الفراشة حول الأزهار بحثا عن رحيق الحياة. هكذا تقول كتب النقد ومذكرات الكتاب. في هذا المقام، يعلو اسم الكاتب الفرنسي مارسيل بروست ورائحة حلويات المادلين التي كانت جدّته تحضّرها له. نحن في الجزائر لا نفتأ نستشهد برشيد بوجدرة الذي لا تخلو رواية من رواياته من العودة إلى طفولته البعيدة وعلاقته بأمه المطلقة والأب المزواج، الحاضر والغائب، وعبد الحميد بن هدوقة الذي لم يتخلص من الريف الذي ترعرع وقضى طفولته فيه، برغم استقراره في مدينة الجزائر التي لم يكتب عنها إلا عملا روائيا واحدا فقط.
الطفولة هي الأحداث الهامة التي يعيشها الكاتب، ولكن هي بالأساس تلك الأماكن التي صقلت ذهن الطفل وبصمت صوره بألوان وتضاريس يصعب التخلص منها، حتى وإن جاب العالم، طولا وعرضا. أماكن الطفولة مشحونة بأولى الاكتشافات، بأولى الصدمات النفسية والعاطفية. لذلك ترسخ في ذاكرة الكاتب ويستحضرها باستمرار أثناء الكتابة.
أيام الصغر، كنت وزملائي نجد لذّة لا متناهية حينما نخترق تلك الأماكن التي حذّرنا الكبار من التردّد عليها. سيدي بولَحِروز، ذلك المقام الغريب، القابع في مرتفع هضبة مشجرة، تطل على البحر، الذي تدور حوله حكايات مريبة، تقشعر لها الأبدان. ''إياكم وتلك الغابة؟ تسكنها العفاريت، بها كهوف يرتادها الأشرار، يخطفون الأطفال ويبيعونهم كعبيد في بلاد ما وراء البحر''. كنا نقف أسفل الهضبة المكسوة بأشجار الصنوبر، نتأمل القمة المضبّبة ونتيه في تصورات أشبه بالأحلام، ومع ذلك نواصل المشي بالاقتراب من ظلال الأشجار المورقة، مشككين في صحة تحذيرات الكبار. لماذا يمنعون عنا الذهاب إلى هناك؟ هل فعلا يوجد عفاريت وسارقو الأطفال؟ بقيت تلك الهضبة تراودني باستمرار، تؤجّج فضولي. وعندما كتبت رواية ''الغيث''، وجدت نفسي منساقا لوصف ذلك المقام، مثلما تخيلته، فرحت أزوره ثانية عبر الكتابة الروائية، وأعطيت لنفسي الحرية اللازمة لإقامة فضاء متكامل، تعيش فيه شخصية ''المهدي''، وتمارس طقوسها. لم أنتبه جيدا لهذا الاسترجاع في بداية الكتابة، ولكن مع تطور الحكاية، انتبهت إلى أنني أصف فضاء أعرفه حق المعرفة، ربما كان ذلك سببا من أسباب إغراقي في الوصف الدقيق، نباتات وحشرات وأجواء نفسية، لحظات الليل والنهار.
مكان آخر استقطب اهتمامي: البحر. كنا نسكن في دار كبيرة، إرث المعمّرين، تقع فوق صخرة على شاطئ بحري، يصلنا هدير الأمواج الغاضبة، وتحذيرات الأم بعدم المغامرة في الدخول إلى المياه العكرة دوما. للبحر أيضا حكاياته الغريبة، المخيفة، عن أولئك الذين يغامرون في ترويضه ولا يعودون. صحيح أن البحر مصدر للرزق للكثير ممن نعرفهم، يجوبونه بقواربهم، أو يقفون لساعات طوال على شطآنه وفي أيديهم قصبات بها خيط وفي آخره صنارة يصطادون بها السمك. ولكن البحر هو أيضا مصدر كثير من المآسي، خاصة حينما تلفظ أمواجه جثة هامدة متعفنة على رمال الشاطئ. أحب البحر وقد كتبت قصصا كثيرة عنه في مجموعتي القصصية ''الغرق'' المنشورة بالفرنسية. كما أقرأ كثيرا الروايات التي تجري أحداثها في البحر. وربما يعود إعجابي بروايات حنا مينة ولوكليزيو إلى تناولهما للبحر وأوصافه الجميلة، السعيدة والحزينة في آن.
هناك فضاءات أخرى استثمرتها جيدا في رواية ''الورم''. مزارع سهل متيجة، حقول البرتقال والعنب ومخازن الخمر المهجورة بعد قلع الكروم في السبعينيات من القرن الماضي. كنت أقضي أيام العطل عند أخوالي الذين يسكنون في مزرعة كبيرة من تلك التي هجرها المعمرون، فكنت مع أولاد الأخوال نقضي الأيام وسط الكروم، نقطف العنب، ونختفي بداخل حدائق أشجار البرتقال، والمخازن المهجورة. هكذا أيضا دون تفكير كبير، مَوِقَعْت حكاية ''الورم'' بداخل فضاءات أعرفها جيدا، كي أمنح للقصة وعاءً حيا يزيد من تأثيرها على القارئ، ربما هذا ما أدى ببعض القراء إلى التعبير عن اندهاشهم حول معرفتي الكبيرة بالأماكن التي يجري فيها الأحداث.
هذا غيض من فيض لا نريد البوح به، لأنه يخلط أوراق الإبداع القصصي الذي يجب أن يبقى فضفاضا، مثيرا لخيال القارئ للمحافظة على متعة القراءة القائمة على متعة الاكتشاف وغرابة الفضاءات الموحية، المغرية على السفر، وإن كان على الورق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.