في صباح الأحد ما قبل الماضي تداول الأهالي خبر جماعة من المجرمين تسلّلت إلى حي آمن وقامت بالسّطو على سيارة مقاول شاب· جميع الأهالي أكدوا أن صاحب السيارة تفطّن للجماعة في آخر لحظة وحاول اللحاق بهم، لكن عناصرها كانوا أسرع، فركبوا السيارة وانطلقوا هاربين· أخذ المقاول الشاب سيارة جاره وانطلق وراءهم دون تردد عازما على اللحاق بهم، وما هي إلا مسافة خمسين كيلومترا قطعها بسرعة مجنونة حتى كانت الجماعة على بُعد أمتار قليلة منه، استغل المقاول الشاب معرفته بمسار الطريق وخبرته في القيادة ليدفع العصابة إلى طريق فرعي على أمل أن يوقع بهم، وهذا ما نجح فيه بالفعل· وهكذا بدأت الملاحقة تأخذ منحى جديا على طريقة الأفلام البوليسية· لكن ما لم يتوقعه الشاب أن عنصرين من العصابة تجرآ على إطلاق الرصاص باتجاه سيارته حتى يتخلصا منه بعد أن نفدت أمامهم كل الحلول· وتحت وابل النار، اضطر الشاب للابتعاد عنهم تفاديا للإصابة، وعاد أدراجه إلى الطريق الرئيسي، ثم شد الرحال نحو مدينة مشهورة بمافيا السيارات متوقعا أن تكون وجهتهم، وكانت قراءته للحدث صحيحة تماما· بدأت ملاحقة أخرى على مشارف المدينة المقصودة لكنها انتهت بسرعة لصالح العصابة بحكم معرفتهم بمداخل ومخارج هذه المدينة· خسر الشاب سيارته وهو الآن يشعر بالظلم والنقمة والتذمر الشديد· في صباح الأحد الماضي تداول الأهالي خبر تسلل عصابة إلى الحي المجاور للحي الذي يسكنه المقاول الشاب وقاموا بالسطو على سيارة عامل بسيط في شركة وطنية· وبدأ القيل والقال· تحدث بعضهم أن سيارة أخرى قد تم السطو عليها أيضا قبل أشهر في الحي نفسه· والمفارقة أن كل أحداث السطو تمت فجر الأحد· قال رجل متعصب لأهالي مدينته: - إن للعصابة علاقة بتجار السوق الأسبوعي الذي يقوم كل أحد وعلينا تحري الأمر مع هؤلاء التجار أو نغلق السوق· قال فتى مولع بأفلام المافيا: - لدي فكرة·· ما رأيكم أن نَنْصب لهم كمينا؟ - لكن كيف؟ - نستدرجهم بسيارة نحضّرها سلفا بفتح براغي عجلاتها ونتربص لهم، فإذا انطلقوا لم تسعفهم عجلات السيارة وسيقعون بين أيدينا· ردّ عليه فتى آخر بسخرية: - إنهم سيطلقون الرصاص علينا، فهم مسلحون، وهكذا سنستعيد السيارة بالتأكيد، لكن بعد أن نخسر بعض أفرادنا· قال شيخ متذمر: - أيها الفتيان ليس بوسعكم أن تفعلوا أي شيء أمام جماعة مسلحة سوى أن تكفوا عن امتلاك السيارات، فهذا أجدى للجميع· قال كهل ذو أفكار بناءة: - لدى الحكومة رجال مسلحون وأذكياء ومتعلمون، وهم سيحققون في أمر هذه العصابة إلى أن يوقعوا بها· رد عليه الفتى المولع بأفلام المافيا: - إن رجال الحكومة يحققون في الأحداث التي وقعت ولا يعملون على تفادي وقوع أحداث في المستقبل، لو كنت أنا قائد هؤلاء الرجال لنفّذتُ خططا لاستدراج العصابة· ضحك الكهل ذو الأفكار البناءة ورد عليه: - ليس لدى الحكومة نوايا سيئة، وليس لديها الوقت لافتراضات من هذا النوع، إن رجالها يتعاملون مع وقائع وأرقام، فكفّ عن السخافة إذا وانتظرْ ما يسفر عنه الأحد المقبل· في الأحد المقبل ستستولي العصابة على سيارة أخرى، وسيخرج الأهالي في الصباح ليتحدثوا كثيرا·· كثيرا جدا، لكن بلا فائدة· وقد يقودهم خيالهم البوليسي لاختراع حكايات تعبّر عن شك مرير في ثقتهم بأجهزة الدولة التي يُفترض أنها تحميهم من المعتدين· إنهم يشعرون بالخوف على أنفسهم ولا يجدون الحلول اللازمة· وفي الأحد المقبل سيجد الكهل ذو الأفكار البناءة نفسه عرضة للسخرية، فما يقوله عادة لا يتحقق، بينما سيكون الفتى المولع بأفلام المافيا صاحب حجة وقد يجمع حوله أنصارا، يكونون أتباعا فيما بعد، ثم تتشكل مجموعة بغرض التربص للعصابة، وقد تجري أحداث غير متوقعة، تنتهي بأن تكون هذه المجموعة هي في حد ذاتها عصابة، أخطر من تلك التي تسطو على سيارات المواطنين كل أحد