فاطمة الزهراء سليماني و عبد الباسط بودواو يتوجان في المهرجان الوطني السادس للمواهب الشابة في فنون الغناء    المجلس الأعلى للشباب ينظم ندوة افتراضية حول المشاركة السياسية للشباب    السكن في الجزائر: ديناميكية متسارعة ونظرة عمرانية حديثة    مخرجات اجتماع الحكومة    الصحافة الدولية تسلط الضوء على الحصار الإعلامي المفروض على الصحراء الغربية المحتلة    كأس الجزائر لكرة اليد/نادي الأبيار- شبيبة سكيكدة: لقاء واعد بين القطبين الجديدين للكرة الصغيرة الجزائرية    الموافقة على تعيين سفير الجزائر الجديد لدى جمهورية القمر المتحدة    أطول جسر في الجزائر وإفريقيا    415 ألف مؤسسة مصغرة ممولة منذ 2020    الجزائر في الطريق الصحيح    تأكيد على تمسك الجزائر بمبادئها الثابتة    تكريس إشعاع الجزائر    غزّة.. لا مُستشفيات لعلاج الجرحى!    نهاية مأساوية    كريكو تثمّن النصوص التشريعية الوطنية    تقليص الطاقة الاستيعابية لكل الملاعب    الهلال يُقصي آيت نوري    توزيع 13 ألف سكن بمختلف الصيغ    تبّون يدعو إلى انتهاج سياسات أكثر واقعية    أمطار رعدية مرتقبة على عدة ولايات بشرق البلاد    قسنطينة: تدشين مركز منبع الكهرباء بمنطقة قطار العيش    الجامعة العربية تنظم اجتماعا مشتركا بين الآلية الثلاثية ووكالة "الأونروا" بشأن الوضع الإنساني بغزة    الضغوط باتجاه إنجاز صفقة في غزة ج2    يوم الأحد المقبل عطلة مدفوعة الأجر    جرائم الإحتلال الفرنسي لن تسقط بالتقادم ولا يمكن طيها بالتناسي    الشلف : شرطة الأمن الحضري الخامس    توقرت : تفكيك جمعية أشرار مكونة من شخصين    العدوان الصهيوني: 169 منظمة إغاثية تطالب بوقف نظام توزيع المساعدات في غزة    دعوة إلى الاستلهام من الثورة الجزائرية للتحرر من قيود الاستعمار    المسؤولون المحليون يتحملون تبعات الوضع الحالي    التزام مشترك بإنجاح مشروع "بلدنا الجزائر"    جرائم التاريخ تتكرر في غياب المسؤولية الأخلاقية والقانونية    مزرعة توارس... استثمار يجمع الابتكار بطموح الشباب    الجامعة فاعل اقتصادي واجتماعي وشريك في التنمية    "بريد الجزائر" يطلق منصة للشكاوى والاستفسارات    160 مدرب في مهمة وطنية لتأهيل داخلي "القفص الذهبي"    مراقبة صارمة لنوعية مياه الصهاريج بعنابة    حدائق ومعالم أثرية في طريق الشرق    ياسين بن زية يتجه لتوقيع عقد جديد في أذربيجان    هدفنا بلوغ العالمية بقدرات مصارعينا واجتهاد مؤطريهم    مدّ جسور الإنشاد من البلقان إلى دار السلام    ستة مؤلفات جزائرية في أربع فئات    الاتحادية الجزائرية تقرر تقليص الطاقة الاستيعابية لكل الملاعب بنسبة 25 بالمائة عن النسبة المعتادة    الرابطة الأولى موبيليس 2025-2026 : افتتاح الميركاتو الصيفي    خنشلة: الطبعة الثانية للمهرجان الوطني للموسيقى والأغنية الشاوية من 6 إلى 9 يوليو    630 مليار دينار مصاريف صندوق التأمينات الاجتماعية    المهرجان الدولي للإنشاد بقسنطينة: الأصالة والتجديد في اختتام الطبعة ال11    برنامج خاص بالعطلة الصيفية    الكشف المبكر عن السكري عند الأطفال ضروريٌّ    بللو يشرف على إطلاق برنامج "هي"    بلال بن رباح مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم.. صوت الإسلام الأول    الدعاء وصال المحبين.. ومناجاة العاشقين    فتاوى : حكم تلف البضاعة أثناء الشحن والتعويض عليها    التاريخ الهجري.. هوية المسلمين    تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الإفريقي للصناعة الصيدلانية    الجزائر تستعد لاحتضان أول مؤتمر وزاري إفريقي حول الصناعة الصيدلانية    صناعة صيدلانية: تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الوزاري الافريقي المرتقب نوفمبر المقبل بالجزائر    يوم عاشوراء يوم السادس جويلية القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورات العربية والظروف الدولية
نشر في الجزائر نيوز يوم 07 - 03 - 2011

على الرغم من أن الثورات العربية تساوي في حجمها ما حدث في دول أوروبا الشرقية في ثمانينيات القرن الماضي، مع ما خلفته من آثار جيوسياسية، إلا أنها تأتي في ظروف دولية تختلف من النقيض إلى النقيض· لقد أدت أحداث أوروبا الشرقية إلى إنهاء ما كان يسمى بالحرب الباردة وانهيار الجدار الحديدي بين الشرق والغرب، وتفرد الولايات المتحدة بقيادة العالم· وأما الآن، وبعد مرور أكثر من عقدين على الأحادية القطبية، فقد تغيرت الكثير من المعطيات·
المعطى الأول أن هذه الأحادية أدت، على غير ما كان منتظرا منها، إلى إضعاف الولايات المتحدة· وتبين أنها غير قادرة على قيادة العالم بمفردها، وبخاصة بعد تعاظم الدور الاقتصادي لبعض الدول مثل الصين والبرازيل والهند، ولعل أكبر الشواهد على ذلك أن الثمانية الكبار لم يعودوا قادرين لوحدهم على فرض القواعد الاقتصادية، ومن ثم السياسية، التي يسير عليها العالم· وبات الحديث عن مجموعة العشرين أكثر منطقية ومصداقية·
ومن جهة ثانية فشل محاولات الولايات المتحدة وحلفائها في إيجاد عدو جديد، يخلف الاتحاد السوفياتي، ممثلا في الأصولية الإسلامية، وممزوجا بصفات الإرهاب والهجرة غير الشرعية· وقد ترجمت هذه المحاولات من خلال المزج بين مجموعة من العناصر يستحيل المزج بينها، كالعلاقة المفتعلة بين تنظيم القاعدة ونظام صدام حسين بالعراق، ومعالجة الصراع في الشرق الأوسط انطلاقا من الوضعية السياسية والأمنية في إيران وسوريا ولبنان، ومن خلال المخططات الأمريكية اتجاه دول الخليج والبلقان وشمال إفريقيا·· الخ·· لقد وضع كل شيء في سلة واحدة مع فرض معادلة واحدة في التشخيص واقتراح العلاج·
والنموذج الأكثر مأساوية للحلول التي لجأ إليها الأمريكيون: الحرب على العراق· وإذا للحرب على أفغانستان ما يبررها، من حيث الشكل، فإن ما وقع في العراق لا مثيل له من حيث استباحة التدمير والقتل على أوسع نطاق، واحتلال دولة ذات سيادة بغير وجه حق· وكانت للحرب على العراق، وبدرجة أقل على أفغانستان، نتائج كارثية على صورة الولايات المتحدة الأمريكية بين شعوب العالم كلها وبخاصة الشعوب العربية والإسلامية، كما كانت كارثية على الحياة السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، انعكست أولا على هزيمة نكراء مني بها الجمهوريون في الانتخابات الرئاسية·
ثم كانت كارثية، ثالثا، على العلاقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، من حيث تسرب الشك إلى نفوسهم من النوايا الأمريكية· بل إنهم تأكدوا أن الحرب على العراق لم يكن الهدف منها محاربة الإرهاب والتأسيس للديمقراطية في الشرق الأوسط، بل أشياء أخرى تتمحور بالضبط على سيناريو خلق بعبع جديد يساوي في دوره ما كان يؤديه الاتحاد السوفيتي· كان البعبع القديم يساهم في رفاهية اللوبيات ومؤسسات الفضاء وإنتاج الأسلحة· وجاء البعبع الجديد ليعطي دفعا لهذه المؤسسات مع فوائد إضافية، ولكنها أساسية، مثل الوصول إلى أقرب نقطة ممكنة من مخزونات النفط الأكثر أهمية في العالم· وفي داخل هذا السياق يمكن وضع الحرب التي خاضها الحلف الأطلسي في يوغسلافيا سابقا، كما تدخل ما سمي بالثورات الملونة في بعض الجمهوريات التي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي·
وتنظر الإدارة الأمريكية اليوم إلى الثورات العربية وهي مثقلة بكل هذا الإرث الثقيل· وعلى الرغم من أن الكثير من المحللين والملاحظين يرون أن الوضعية الإنسانية في ليبيا تستوجب تدخلا عسكريا أطلسيا، أي أمريكيا في حقيقة الأمر، في ليبيا، وعلى الرغم من أن بعض الأمريكيين أنفسهم يتحرقون إلى ذلك، إلا أن سوابق الحملات العسكرية الأمريكية في العالم لا تشجع أحدا لا في العالم العربي ولا في أوروبا، فضلا عن روسيا والصين، على التصديق بأن العم سام يحمل معه هذه المرة عباءة السلام لحماية شعب أعزل يتصدى لديكتاتور طاغية يفتك بشعبه· وهكذا يتبين أن الثورة الليبية لا تستطيع الاستفادة من ''التوبة'' الأمريكية، ولا حيلة لأمريكا في إظهار حسن نيتها لشعوب عربية يائسة· وهذا ما يفسر الرفض العربي لأي نوع من أنواع التدخل في الشأن الداخلي الليبي· وكيف يصدق العرب الأمريكيين وذكرى الفيتو الأمريكي ضد القرار الأممي حول لا شرعية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، لم يمض عنها شهران من الزمان؟
ومع ذلك فإن الأمر لا يتعلق فقط بالولايات المتحدة الأمريكية، إنما يتعداه إلى الشلل التام الذي أصيبت به ما يسمى بالشرعية الدولية· فالعقيد معمر القذافي يحسن قراءة ما يجري في العالم· فهو يتصرف، إزاء المجتمع الدولي، بالطريقة نفسها التي يتصرف بها لوران غباغبو، أحد رئيسي ساحل العاج، ويتصرف كما يتصرف الإيرانيون في علاقتهم بالمجتمع الدولي فيما يتعلق بالملف النووي، وقس على ذلك إسرائيل إزاء القرارات الأممية، وكوريا الشمالية، والمغرب الأقصى إزاء الملف الصحراوي· ويعرف معمر القذافي أن المجتمع الدولي لم يعد يزن كثيرا، ومن ثم فإن أمامه فرصة العودة إلى موقعه في حكم ليبيا إذا ما تمكن من إنهاء النزاع المسلح لصالحه·
وبين الوضع غير المريح للأمريكيين، وبين عجز الأمم المتحدة، تأتي الثورات العربية، وبخاصة الواقعة منها جنوب البحر الأبيض المتوسط، في ظرف يتميز بقصر نظر عضال تعاني منه المجموعة الأوروبية: فشل مشاريع الاتحاد من أجل المتوسط، ومن قبله فشل مسار برشلونة، وفشل معاهدات التعاون التجاري، وانهيار الآلة الديبلوماسية، وفضائح التواطؤ مع الأنظمة الديكتاتورية العربية، وبصفة عامة ضعف التأثير الأوروبي في مسار السلام في الشرق الأوسط· وكما قال نائب رئيس الوزراء البريطاني نايك كليك: ''إن السياسة الخارجية الأوروبية تقف متفرجة على الأحداث الجيوسياسية الأكثر أهمية خلال هذه العشرية''· أوروبا لم تحسن تحليل الأوضاع القائمة في العالم العربي، ولم تقدر درجة غليان البركان العربي، ولم تستشرف موعد انفجاره، لأنها لم تقدر حاجة الشارع العربي إلى الإصلاح السياسي، ووضعت جانبا المبادئ التي كانت أصلا في وجودها·
وبعد: عسى أن تكون كل هذه الظروف الدولية في خدمة مستقبل الديمقراطية في العالم العربي من حيث أنها فرصة لبناء هذه الديمقراطيات من الداخل وبجهد عربي خالص، كما أنه عسى هذه الثورات أن تؤدي بالقوى العظمى إلى أن تطامن شيئا من كبريائها، وأن يمتد التأثير إلى إعادة النظر في الأسس التي بني عليها النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.