انطلاق التسجيل في أقسام التربية التحضيرية والتسجيل الاستثنائي في السنة الأولى ابتدائي بداية من يوم 28 سبتمبر المقبل    حزب العمال يعقد دورته العادية للجنة المركزية ويؤكد أولوية قضايا الشباب    معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر: نتائج الطبعة الرابعة كانت مميزة وقياسية وغير مسبوقة    الجزائر تحتفي بإبداعات شبابها المتوجين في "الأيام الإبداعية الإفريقية – كانكس 2025"    مشروع منجم الزنك والرصاص بتالة حمزة: رهان استراتيجي لتنويع الاقتصاد الوطني    الجزائر: العدوان على الدوحة استهداف لوسيط يعمل من أجل السلام    باتنة.. أطلال سجن النساء بتفلفال تروي فصول الهمجية الاستعمارية    نتنياهو يعلن الحرب على العالم    مركز جهوي حديث بقسنطينة يعزز مراقبة شبكات توزيع الكهرباء بشرق البلاد    مشاريع سينمائية متوسطية تتنافس في عنابة    «نوبل للسلام» يقين وليست وساماً    دورة برلمانية جديدة    مرّاد يستقبل نائب وزير صيني    مقرمان يلتقي أبو غفة    خيانة المخزن للقضية الفلسطينية تتواصل    مؤسّسة جزائرية تحصد الذهب بلندن    بقرار يتوهّج    آيت نوري ضمن تشكيلة أفضل النجوم الأفارقة    الحلم الإفريقي يولَد في الجزائر    علب توضيب اللّمجة تغزو المحلاّت وتستقطب الأمّهات    نجاح جزائري إفريقي    أفريكسيمبنك مستعد لدعم مشاريع تقودها الجزائر    المنتدى العالمي للبرلمانيين الشباب: إبراز مميزات النظام البرلماني الجزائري وآليات عمل غرفتيه في صياغة القوانين    انطلاق حملة تنظيف المؤسسات التربوية بالعاصمة استعدادا للدخول المدرسي    الديوان الوطني للحج والعمرة يحذر من صفحات مضللة على مواقع التواصل    ورشة تفاعلية بالجزائر العاصمة حول التخصصات التكوينية لفائدة الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة    الخارجية الفلسطينية ترحب باعتماد الجمعية العامة مشروع قرار يؤيد حل الدولتين    تدابير فورية لمرافقة تصدير الإسمنت والكلنكر    تجسيد ملموس لريادة الجزائر الاقتصادية في إفريقيا    الاحتلال ينتهج سياسة "الأرض المحروقة" في غزّة    الهجوم الصهيوني يضع النظام الدولي أمام اختبار حقيقي    انضمام المجلس الدستوري الصحراوي رسميا    ورقة عمل مشتركة لترقية علاقات التعاون بين البلدين    أمواج البحر تلفظ جثّةً مجهولة الهوية    مخيَّم وطني لحفَظة القرآن وتكريم مرضى السرطان    قسنطينة : المركز الجهوي لقيادة شبكات توزيع الكهرباء, أداة استراتيجية لتحسين الخدمة    الفنان التشكيلي فريد إزمور يعرض بالجزائر العاصمة "آثار وحوار: التسلسل الزمني"    المجلس الأعلى للشباب : انطلاق فعاليات مخيم الشباب لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة بالجزائر العاصمة    الديوان الوطني للحج و العمرة : تحذير من صفحات إلكترونية تروج لأخبار مضللة و خدمات وهمية    المكمّلات الغذائية خطر يهدّد صحة الأطفال    نحو توفير عوامل التغيير الاجتماعي والحضاري    الرابطة الأولى "موبيليس": فريق مستقبل الرويسات يعود بنقطة ثمينة من مستغانم    مسابقة لندن الدولية للعسل 2025: مؤسسة جزائرية تحصد ميداليتين ذهبيتين    :المهرجان الثقافي الدولي للسينما امدغاسن: ورشات تكوينية لفائدة 50 شابا من هواة الفن السابع    حج 2026: برايك يشرف على افتتاح أشغال لجنة مراجعة دفاتر الشروط لموسم الحج المقبل    بللو يزور أوقروت    ثعالبي يلتقي ماتسوزو    عزوز عقيل يواصل إشعال الشموع    تكريم مرتقب للفنّانة الرّاحلة حسنة البشارية    كرة اليد (البطولة الأفريقية لأقل من 17 سنة إناث) : الكشف عن البرنامج الكامل للمباريات    سجود الشُكْر في السيرة النبوية الشريفة    فتاوى : زكاة المال المحجوز لدى البنك    عثمان بن عفان .. ذو النورين    شراكة جزائرية- نيجيرية في مجال الأدوية ب100 مليون دولار    التأهل إلى المونديال يتأجل وبيتكوفيتش يثير الحيرة    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    "الخضر" على بعد خطوة من مونديال 2026    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطينُ أكبرُ من غزةَ وأعظمُ من القدس

نخطئ كثيراً عندما ننسى فلسطين التاريخية، الأرض العربية الفلسطينية، سوريا الجنوبية، البلاد التي سكنها العمالقة وعَمَّرَها اليبوسيون، الديار المقدسة التي فتحها عمر بن الخطاب، وعبر منها سيف الله المسلول خالد بن الوليد ودخلها داهية العرب عمرو بن العاص، وسكنها من بعدهم الصحابة الكرام ودفن فيها السلف الصالح، وطهرها سيف الدين قطز، وحررها السلطان صلاح الدين الأيوبي، وسكنها العربُ الفلسطينيون، وعاش فيها المسلمون والمسيحون، يحملون معاً الهوية الفلسطينية، وينتمون إلى القومية العربية، وينطقون جميعاً باللغة العربية، ويدينون بالإسلام والمسيحية، وننشغل عنها كلها بمدينةٍ فيها أو بمحافظةٍ منها، وهي التي تشمل كل المحافظات وتحتضن كل المدن، ففيها القدس والرملة، وحيفا ويافا، والخليل ونابلس، وغزة والجليل، وبيسان والطيرة، والعفولة والخضيرة، والناصرة وقيسارية، وأم الفحم وبئر السبع، وعكا وطبريا، وصفد وصفورية، وغيرهم من مدن فلسطين التاريخية، وحواضرها القديمة، ومرافئها العتيدة، ومدنها العامرة.
فلسطين هي الأم والوطن، وهي الأرض والهوية، وهي الشرف والكرامة، وهي الشهامة والأصالة، وهي الجبين والشامة، وهي الروح والقلب معاً، إليها تنتسب مدنها وينتمي أهلها، ومنها يأخذون المكانة ويحظون بالقدر والقيمة، وبها عن غيرهم يتميزون وبسببها يتقدمون ويبجلون، إذ لا قيمة لبقعةٍ من الأرض تنتزع من فلسطين وتنفصل عنها، ولا حياةَ لجزءٍ يقطع منها أو ينسلخ عنها، كما لا فضل لمدينةٍ على أخرى إلا بالنسب والانتماء، والتضحية والعطاء، والبذل والفداء، فهم سواءٌ يتساوون، وأترابٌ يتشابهون، وترابٌ بها يتقدس، وبقاعٌ بالانتماء إليها تتطهر، وهي جزءٌ من الأرض التي باركها الله عز وجل بين العريش والفرات، ولكنه جلّ شأنه خصها وحدها كلها بكل بقاعها بالتقديس.
لهذا فإننا نخطئ كثيراً عندما نعلي شأن بقعةٍ من ديارنا المقدسة أياً كانت فوق فلسطين، أو على حساب غيرها من أرضنا المباركة، ونعتقد بأنها قلب فلسطين النابض وعنوانها الثائر، وأنها إن كانت بخيرٍ فإن فلسطين كلها بخيرٍ، وإن أصابها مكروهٌ أو حلت بها مصيبة، فإن فلسطين كلها في كربٍ ومحنةٍ، وإن كان هذا الأمر صحيحٌ وإيجابي بمعناه العام الأخوي والتضامني، الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم «مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى»، إذ يُحزن فلسطين كلها ما يصيب غزة وما يلحق بها جراء العدوان والقصف الإسرائيلي، أو بسبب الحصار والتضييق الظالم المفروض عليه، كما يُحزن الأرض الفلسطينية كلها، ومعها بقاع العالم الإسلامي كله، ما يصيب مدينة القدس والمسجد الأقصى من تنكيلٍ وتدنيسٍ، واعتداءٍ وتخريبٍ، واقتحامٍ واستيلاءٍ، ولذلك فإنهم معهما يتضامنون، ولها يتداعون، وعليها يقلقون ويهتمون.
لا أقلل أبداً من شأن المدينتين العظيمتين ولا أحقر من نضالهما أو أستخف بمعاناتهما، فالقدس التي باركها الله عزو وجل وما حولها، المدينة العربية الفلسطينية الخالصة، عاصمة فلسطين وزهرة مدائن العرب والمسلمين، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعراجه إلى السماوات العلى، لكن ما قيمتها إن بقي العدو الإسرائيلي محتلاً لكل ما حولها، ومسيطراً على كل ما سواها، فحرية القدس تتحقق عندما تتحرر فلسطين، وطهرها يكون عندما نطرد المحتلين الغاصبين منها، وأصوات مآذنها وأجراس كنائسها تصدح عندما تعود فلسطين كلها من بحرها إلى نهرها إلى كنف الأمة العربية، حرةً كما كانت، وعزيزةً كما نتمنى.
أما قطاع غزة الذي إليه أنتمي وأنتسب، وبه أتشرف وأفتخر، إذ فيه ولدت وترعرعت، وفي مدارسه تعلمت وتخرجت، وفي دروبه نشأت ولعبت، وهو الشريط الممتد على طولٍ بالبحر المتوسط مسافةً تزيد قليلاً عن أربعين كيلو متراً، ويحمل اسم مدينته العريقة الموغلة في القدم، والضاربة في أعماق التاريخ الإنساني، وفيه يسكن مئات الآلاف من أبناء فلسطين التاريخية، وإن كان جلهم من نصفها الجنوبي وصحراء النقب، ففيه أهل يافا واللد والرملة، وأسدود والفالوجا والمسمية، وبئر السبع والنقب وعسقلان وغيرها من مدن وبلدات الساحل والصحراء.
هو الذي أعطى الكثير وقدم العزيز من أبنائه ورجاله، وضحى بشبابه وأجياله، وصنع انتفاضة الحجارة الأولى وخاض مسيرة العودة الكبرى، وما زال يبدع كل يومٍ أسلحةً جديدة، ووسائل قتالية كثيرة، ويضرب للعالم بأسرة أمثولةً في المقاومة والنضال، ورغم ذلك لا ينبغي أن يقدم على بقية فلسطين، ولا أن يكون حصاره هو الأزمة، ومعاناته هي المحنة، إنما الأزمة هي الاحتلال، والمصيبة هي العدو الجاثم على صدر الوطن كله، جنوبه وقلبه وشماله.
لكنهما مع عظم مكانتهما المقدسة والنضالية، وكونهما أيقونةً شعبيةً وأمميةً، ورغم قيمتهما الرمزية والدينية العالية، وما لهما من مكانةٍ وأثرٍ بالغين في نفوس الفلسطينيين والعرب والمسلمين أجمعين، وفداحة ما يتعرضان له من ظلمٍ واضطهادٍ وبغيٍ وعدوانٍ، فإنه لا ينبغي أن تطغيا على فلسطين كلها، وأن يختصرا فلسطين في حدودهما، ولا يجوز أن نجعلهما فقط محط اهتمامنا وموضع قلقنا، فننسى بقية الأرض ونتهاون في باقي الوطن، ونهمل قضايا أخرى كالأسرى ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وتوسعها، ولا ينبغي أن يدفعنا مصابهما الجلل ووضعهما البئيس للتنازل في مكانٍ آخر والتفريط في جوانب أخرى، فالقدس وغزة كلتاهما مدينة محتلة، يطغى عليهما العدو الإسرائيلي ويبطش بهما سياسةً وحرباً، فَيُهَوِّدُ الأولى ويدنسها ويفتك بالثانية ويدمرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.