الحضور النّوعي يضع المشاريع الدّولية في متناول العرب كسبت الجزائر رهانات القمة العربية من خلال حضور مميّز ونوعي ومحترم للقادة العرب وممثلي الدول العربية ومختلف الهيئات الدولية والإقليمية، فالجزائر استطاعت لمّ شمل العرب تحت سقف مركز المؤتمرات عبد اللطيف رحّال، الذي سيظل شاهدا على تاريخ الفاتح نوفمبر من عام 2022، بأنّ مكة الثوار أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة من منطلق لوائح الأممالمتحدة التي حضر أمينها العام، واستمع لطرح الجزائر بشأن منح فلسطين عضوية دائمة في الهيئة الأممية. يرى أستاذ القانون الدولي بجامعة معسكر، الدكتور أبو الفضل بهلولي، أنّ الحضور النوعي والعالمي لرؤساء وممثلي الدول العربية والهيئات الدولية العالمية والإقليمية يعطي لنا المكانة الحقيقية لجامعة الدول العربية يسن المنظمات الدولية. وأضاف الدّكتور بهلولي أنّ هذا الحضور النوعي العالمي، سيفتح لنا آفاقا مستقبلية حول التعاون الجدّيا وبآليات جديدة ما بين جامعة الدول العربية والمنظمات الدولية، وهو شيء مهم وأساسي خصوصا في هذه المرحلة، بالإضافة إلى مساهمته في تسهيل دخول الدول العربية في المشاريع الدولية عن طريق توافق بين جامعة الدول العربية والمنظمات الدولية. وأشار أستاذ القانون الدولي بجامعة معسكر، إلى أنّ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قدّم مشروعا مهما، وهو التوجه نحو الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب من أجل منح عضوية دائمة لفلسطين بهذه الهيئة. وكان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قد دعا في كلمته الافتتاحية إلى إنشاء لجنة اتصالات وتنسيق عربية لدعم القضية الفلسطينية، مبرزا استعداد الجزائر لنقل هذا المطلب الحيوي إلى الأممالمتحدة، للمطالبة بعقد جمعية عامة استثنائية لمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة فيها. وفي ذات السياق، يرى الأستاذ أبو الفضل بهلولي، أن هذا يحتاج إلى تضافر جهود بين جامعة الدول العربية ومنظمات أخرى، وبحضور الأممالمتحدة في هذه القمة ممثلة بأمينها العام "أنطونيو غوتيرش"، ورئيس الاتحاد الإفريقي ماكي سال، ورئيس حركة عدم الانحياز إلهام علييف، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، فكل هذه الهيئات ستكون داعمة للقضية الفلسطينية من أجل التصويت لصالح منح عضوية دائمة لفلسطين بهيئة الأمم مستقبلا. وأشار إلى أنّ حضور هذه الهيئات والتمثيليات الدبلوماسية على أعلى مستوى عالمي، يعطي القمة دفعا كبيرا وجودة في الطرح والنقاش، مشيرا الى وجود أهداف ترسم للتعاون مع هذه المنظمات مستقبلا. وذكر أبو الفضل بهلولي أنّ كلمة رئيس الجمهورية في افتتاح القمة حملت رسائل واضحة لهذه الهيئات والمنظمات الدولية، منها دور الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحول ضرورة إصلاح مجلس الأمن، مشيرا إلى العبارة التي وردت في خطاب الرئيس تبون التي تتحدّث عن إصلاح جذري وشامل للجامعة العربية حتى تؤدي حقيقة هذه المنظمة دورها الحقيقي باعتبارها منظمة إقليمية. وقال أستاذ القانون الدولي بجامعة معسكر "نستطيع القول إنّ تواجد هذه المنظمات في قمّة الجزائر له من الأهمية الكبيرة سواء الدبلوماسية أو القانونية وحتى معنوية، وهو بمثابة الرد الواضح حول كل من شكّك أو حاول التشويش على هذه القمة". ومن وجهة نظره التحليلية لحضور رئيس حركة عدم الانحياز، يرى الأستاذ أبو الفضل بهلولي، أنّ إشارة بالتزام الدول العربية الحياد بما يدور من صراع اليوم في العالم، وفيما يخص الأممالمتحدة فإنّ خطابه في افتتاح القمة العربية 31 بأرض الجزائر يحمل نوعا من التطابق حينما يقول إنه يجب على "الاحتلال أن ينتهي"، وهو ما يعني أن هناك نوع من التطابق بين رؤية المجموعة العربية والأممالمتحدة بالذهاب بفلسطين كعضو دائم بالأممالمتحدة، وهنا يبرز دور الأمين العام في الدفع بالقضية الفلسطينية إلى الأمام. وأضاف بهلولي أنّ الجزائر عضو غير دائم بمجلس الأمن الدولي، وهي بحاجة دائمة لدعم من دول عدم الانحياز، ووجود رئيس الحركة بالقمة سيدفع بالكثير من القضايا التي تطرحها الجزائر بالهيئات الدولية مستقبلا. من جهته، أوضح أستاذ العلوم السياسية والخبير في العلاقات الدولية باديس خنيسة، في تصريحات ل "الشعب"، أنّ بإمكاننا القول بافتخار واعتزاز إنّنا نعيش محطة تاريخية مصيرية وحتى حيوية في التاريخ العربي، ومن يحمل هذا المشروع اليوم هي الجزائر بشرعيتها التاريخية وبشريعتها الثورية والدبلوماسية، ومبادئها الثابتة حول القضايا العادلة والمصيرية وحبها والتزامها حول المصالح المشتركة والعلاقات الجوارية وحسن الجوار، سواء كان على مستوى العالم العربي أو حتى مستوى هيئات أخرى كالاتحاد الإفريقي وغيرها من الهيئات. ومن جانب آخر، يرى أستاذ العلوم السياسية باديس خنيسة أنّ حضور كل التمثيليات العربية والهيئات الدولية ذات الوزن والباع الطويل والتاريخ، سيعطي لكل ذي حق حقه وسينصف الجزائر، التي رمت بكل ثقلها الدبلوماسي وأدت الواجب، وعملت بكل جهدها لتكون هذه القمة مختلفة عن كل القمم السابقة ابتداء من اختيار رمزية الفاتح نوفمبر كموعد لعقدها. وأضاف الخبير في العلاقات الدولية باديس خنيسة، أنّ حضور كل التمثيليات للدول العربية، بالإضافة الى الهيئات التي سبق ذكرها له تداعياته الإيجابية على القضايا العربية ومرحلة ما بعد قمة نوفمبر، مشيرا إلى كلمة الأمين العالم لهيئة الأمم المتحد أنطونيو غوتيرش التي حملت أملا كبيرا، خاصة تجاه القضية الفلسطينية والعودة إلى القانون الدولي. وأضاف محدّثنا أنّه لا ينبغي إغفال الذكاء الدبلوماسي والسياسي في خطاب الرئيس عبد المجيد تبون الذي أعطى تشخيص دقيق بدون إحراج أي دولة وبتذكير الأولويات والأساسيات، والتي تعني بالدرجة الأولى القضية الفلسطينية وحق شعب في التمتع بسيادته وحريته وتقرير مصيره بنفسه. ومن جانب آخر، أوضح الأستاذ باديس خنيسة أنّ الحضور النوعي في القمة العربية يعطي لنا صورة واضحة أيضا عن أهمية العالم العربي اليوم في ظل الأوضاع الجيوسياسية والأزمات القائمة على مستوى العالم، كما أنّ العالم العربي يكتسي أهمية قصوى عند العالم الغربي.