البكالوريا.. العدّ التنازلي    الوزير الأول يلتقي بالرئيس السنغالي    عميد جامع الجزائر يدعو إلى التّصدي للتّضليل الغربي    مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري ينوه بنتائج الإصلاحات الاقتصادية التي تمت مباشرتها    حزب جبهة التحرير الوطني سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة موحدا ومتماسكا    هذه توجيهات وزير المالية للبنوك..    مركز عربي إفريقي يُكرّم تبّون    الجزائر تستنفر العالم حول المقابر الجماعية بغزّة    البشرية فقدت كلّ مظاهر الإنسانية    بطولة إفريقيا للسباحة المفتوحة أنغولا-2024: الجزائر تحصد 6 ميداليات من بينها 3 ذهبيات    حماية الطفولة: السيدة مريم شرفي تستقبل من قبل وزير المصالح الاجتماعية بكيبك    الجلفة..وفاة إمرأتين وإصابة تسعة أشخاص آخرين بجروح في حادثي مرور    بلمهدي: توفير قرابة 2000 سكن وظيفي للائمة قريبا    رئيس الجمهورية يقرر التكفل بالحالة الصحية للفنانة بهية راشدي    افتتاح الأيام السينمائية الدولية بحضور لافت للفنانين و الناشطين في مجال الصناعة السينماتوغرافية    إعادة فتح جسر كيسير أمام حركة المرور    ما سيسمح بوصول التغطية إلى 100 بالمئة: مساع لربط 467 سكنا بالغاز في بوراوي بلهادف بجيجل    الرئيس الصحراوي يؤكد مواصلة الكفاح لغاية نيل الحرية    معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط: التوقيع على 7 مذكرات تفاهم بين متعاملين جزائريين وموريتانيين    إجراءات للوقاية من الحرائق بعنابة: تزويد محافظات الغابات في الشرق بطائرات "الدرون"    الرئيس تبون يدعو منظمة التعاون الإسلامي إلى تحمّل مسؤوليتها أمام التاريخ ويؤكد: البشرية فقدت في فلسطين المحتلة كل مظاهر الإنسانية    تواصل مساعيها الدبلوماسية لفضح الصهاينة و وقف العدوان على غزة    باتنة على موعد مع الطبعة الرابعة: مهرجان إيمدغاسن الدولي يحتفي بنجوم السينما الجزائرية    البطولة الإفريقية للسباحة: 3 ذهبيات وبرونزية حصاد الجزائر في اليوم الرابع من المنافسات    الرئيس تبون.. جهود كبيرة في تعزيز التعاون الاقتصادي الإفريقي    رئيس الجمهورية يهنئ نادي فتيات أقبو    المصادقة بالإجماع على التقريرين الأدبي والمالي    الجزائر الجديدة.. حركية كبيرة وتدابير تشجيعية    الصحافة الوطنية تلعب دورا كبيرا في المشهد الإعلامي    رؤساء الأندية يطالبون بتعديل متوازن    حقيقةX دقيقة: بعد سنوات الظل..    الإعلام والمساجد لمواجهة خطر الوسائط الاجتماعية    الجزائر في طريق تحقيق التكامل الإفريقي    تحضير المراسيم الجديدة الخاصة ب"عدل 3"    "طوفان طلابي" مؤيد لفلسطين يجتاح أرقى جامعات العالم    أول وفد لرياضيينا سيتنقل يوم 20 جويلية إلى باريس    عزلة تنموية تحاصر سكان مشتة واد القصب بتبسة    وكيل أعمال محرز يؤكد بقاءه في الدوري السعودي    دعوة إلى توحيد الجهود لحماية الحقوق الأساسية    النزاع المسلح في السودان.. 6.7 مليون نازح    قلعة لإعداد الرجال وبناء الوطن    26 مراقبا في دورة تكوينية    المعالم الأثرية محور اهتمام المنتخبين    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    حجز سيارات، مهلوسات ومحركات مستعملة    توقيف 15 شخصا أضرموا حريقا عمدا بحي رأس العين    البروفيسور الزين يتوقف عند "التأويلية القانونية"    الالتقاء بأرباب الخزائن ضمانا للحماية    أبواب مفتوحة على التوجيه المدرسيّ والإرشاد المهني    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية مستشار الملك ومعاون الأمير

توفي أحد الملوك، فتصارع ولداه الأميران على خلافته، فانقسم الجيش فريقين، نصفه مع هذا، والنصف الآخر مع ذاك. فكانت الغلبة للأمير الأصغر بعد أن انحاز إليه قائد الجيش، ففر الأمير الأكبر مع جنده إلى الجبال واعتصموا بها، وتولى الأمير الأصغر الحكم وجلس على عرش أبيه، لكن الأمير الأكبر لم ييأس، ولم يستسلم، بل عمل على تدبير مكيدة مع أقرب معاونيه لاستدراج قائد الجيش حتى ينال منه بالقتل أو بالأسر، فتضعف شوكة أخيه، فينقض عليه بجنده لينتزع منه الحكم.
ذهب معاون الأمير إلى قصر الملك، وطلب مقابلته بحجة أن لديه سرا لا يمكنه أن يبوح به إلا لشخص الملك، فأذن له الملك بالدخول، وعندما مثل بين يديه، أعلن ولاءه له وأنه يضع نفسه في خدمته. وزيادة في الاجتهاد لكسب ثقة الملك، فقد ادعى الرجل أنه ضاق ذرعا بنظرات من الريبة تحاصره من الأمير الفار وأعوانه، لدرجة صار يخشى فيها على حياته، لأنه نصح الأمير ذات يوم بضرورة التوافق مع أخيه الملك.
فسأله الملك: وكيف يمكنك أن تخدمنا؟ فقال معاون الأمير: أيسّر لجند الملك الوصول إلى مخبأ الأمير، على أن يكون على رأسهم قائد الجيش نفسه، حتى أضمن نجاح هذه المهمة بما يمتلكه القائد من الخبرة، وما لديه من الحرص على سرية المهمة ليجنب نفسه وجنده– وأنا معهم - ما لا تحمد عقباه!
فسأل الملك معاون الأمير: وما الذي يؤكد لنا صدقك؟ فأجاب معاون الأمير: يمكنكم ذلك بسهولة ويسر. لأنني سأكون أمام عيون رجال الملك وتحت سيوفهم حتى إتمام المهمة!
فسأله الملك: وكيف يكون ذلك؟ فأجابه: سوف أذهب مع ثلاثة من رجالك أيها الملك، وندخل خفية الجبال التي يتحصن بها الأمير وأنصاره، وعندما أدلهم على مخبأ الأمير يعود أحدهم إلى الملك، ويبقى الآخران كامنين معي حتى نتتبع تحركات الأمير من ناحية، وليضمنا عدم تواصلي مع أي كان من الناحية الأخرى حتى يصل قائد الجيش مع مجموعة مختارة من الجند بكل ترفق وخفة وحذر من المسلك الذي أحدده لهم لأجل للسيطرة على حراس الأمير وأسره وهو نائم.
فنظر الملك إلى مستشاريه الثلاثة وسألهم: ماذا ترون؟ فقال اثنان منهم: نظنه صادقا أيها الملك، فقد وضع نفسه أمام عيون الملك وتحت سيوفه حتى إتمام الأمر، كما أن مصلحة الرجل هي في خدمة الملك المتوّج، وليس الأمير المطارد. فالتفت الملك إلى المستشار الثالث وسأله: وأنت.. ماذا تقول؟ فقال المستشار الثالث: إنه كاذب مخادع أيها الملك، وأرى أن يقتل دون تأخير!
وبعد تفكر، أرسل الملك مع معاون الأمير ثلاثة من خيرة الجنود، مثلما اقترح عليه الرجل، فعاد أحدهما بعد ثلاثة أيام، وأكد أنه شاهد الأمير الفار في أحد الكهوف، وأنه خلف صاحبيه مع معاون الأمير وفق الاتفاق.
فاستدعى الملك مستشاريه الثلاثة، فقال الاثنان الأوّلان: أرأيت أيها الملك؟ لقد ثبت صدقه، وها هو الجندي العائد يؤكد ذلك، وقد بقي الجنديان الآخران ملازمين للرجل، ونرى أن تستكمل الخطة. فنظر الملك إلى المستشار الثالث وسأله: وأنت.. ماذا تقول الآن؟ فقال: أرى أن يطلب الملك من هذا الجندي العودة إلى هذا الكاذب المخادع ليستدرجه إلى قصر الملك ليأمر الملك بقتله.
ولكن الملك مال لرأي مستشاريه الأول والثاني، مرة أخرى، وأمر قائد الجيش أن يختار أربعين من خيرة جنده، وأن يذهب مع الجندي العائد بكل خفة وحذر إلى معاون الأمير، ليختار اللحظة المناسبة للانقضاض على أخيه الأمير وإحضاره حيا لاستتابته أو حبسه.
وعندما وصل قائد الجيش ومعه جنوده الأربعون برفقة الجندي العائد الوادي الذي يكمن فيه معاون الأمير والجنديان الملازمان له، وجد الرجال في مكانهم، فازداد قائد الجيش ثقة بنحاح المهمة، وبعد منتصف الليل أمر القائد بعض جنده بدخول الغار وإحضار الأمير، فغافلوا خمسة من رجال الأمير كانوا على مدخل الغار، وسيطروا عليهم، وعندما أحضر الجنود الرجل الذي كان نائما في فراش الأمير إلى قائد الجيش، تبين أنه جندي عادي،ولم يكن هو الأمير الفار، ولكنه شبيه به! فاضطرب قائد الجيش، وأدرك أن في الأمر خديعة، ثم التفت إلى معاون الأمير، وقال له: أفعلتها ونجحت أيها الكاذب المخادع؟ فأجاب معاون الأمير: نعم. أأنت قائد الجيش ولا تعلم أن الحرب خدعة؟! أنتم الآن تحت نظر الأمير وجنده! فقال القائد: ألم تخش القتل عندما أتبين الحقيقة وأنت بين يدي؟ فقال معاون الأمير: أنت أكثر ذكاء من أن تقتلتي. فحياتكم بين يدي،كما أن حياتي بين أيديكم، إن وجودي بينكم هو درعكم الذي تتلقون به السهام وضربات السيوف، فيكتفون باستسلامكم، وهو أحلى الأمرّين بالنسبة لكم.. ولكن، يمكنني أن أخدمكم في هذا الموقف؟ فسأله القائد: كيف؟ فأجاب الرجل: أكون وسيطا بينك وبين الأمير، فيكتفي بأسركم. لا أظن أن له مصلحة في قتلكم، وقد أصبح طريقه إلى القصر ممهدا،سواء أقتلتم أم أسرتم. فاظفر أيها القائد الحصيف برضا الأمير قبل أن ينال منك غضبه. فنظر القائد في وجوه الجند، لكن أحدا منهم لم ينبس ببنت شفة. فسأل القائد معاون الأمير بشيء من التردد: أمتيقن أنت من هذا؟ فأجاب الرجل: الأمر مرهون بكلمة مخبوءة بين شفتيك.. والأمير لم يعد بحاجة إليها على أي حال.
فهز القائد رأسه، فقال معاون الأمير: اللبيب تكفيه الإشارة، أعفيك من نطقها.
وغادر معاون الأمير القائدَ وجنده متوجها إلى مكمن الأمير، وخلال ساعة من الزمن، عاد ومعه مئة من جند الأمير، فجردوا القائد وجنوده من أسلحتهم، وأخذوهم أسرى إلى أميرهم، فطلب الأمير أن يدخل قائد الجيش إليه، فدخل،فقال الأمير للقائد: فلتطمئن! لن أقتل رجلا وضع والدنا ثقته فيه.. ولكن، لم لا تكون عنصرا في استعادة العرش كما كنت عنصرا في ضياعه؟ وقوفك معنا مقدر، ولا ينقص من شأنك، فأنا الأمير الكبير، وأنا الأحق بالعرش!
فسأل القائد الأمير: وكيف أساعدكم في استعادة العرش؟ فأجاب الأمير: نتفق على مكيدة توصلنا قصر الملك بأيسر السبل، فأنت في نظر الملك تنفذ خطته، وما عليك إلا أن تتظاهر بالانتصار، فتبعث إلى الملك رسالة بخط يدك تخبره فيها أنك نجحت بأسر الأمير، وأن جيشه قد انضم إليك، وأنك تعد الأمور للعودة إليه وبرفقتك جيش الأمير، والأمير الأسير، وعندما يدخل الجيش القصر نأخذ الملك أسيرا، ونستولي على الحكم.
فقال قائد الجيش للأمير: أنا موافق. ولكن ما الذي يضمن لك ألا أنقلب عليك داخل القصر بين جنودي وأنت مقيد اليدين والقدمين كما ينبغي، فمن الضرورة أن تدخل القصر مقيدا حتى تنجح الخطة دون أية ملاحظة تثير الشبهات.
فقال قائد الجيش: ما يضمن لي ذلك هم جنودي الذين يحيطون بكلينا، فهم لن يكونوا مقيدين، لأنهم– وفق ما تقتضيه خطتنا - قد انضموا إليك!
ونجحت الخطة، واستلم الأمير الكبير الحكم، وتوّج ملكا، وفي اليوم التالي أرسل في طلب معاونه الذي أرسله لخداع أخيه الملك المعزول واستدراج قائد الجيش، فحضر، فطلب الملك الجديد من معاونه هذا أن يختار له من بطانة أخيه الملك المعزول مستشارا يخلص الولاء ويحسن الوفاء ليقربه منه، لعله يستعين بحكمته وحنكته وذكائه، بعد أن أيقن الجميع أن عهد أخية الملك السابق قد ولى؟ فقال له معاونه المخلص: نعم أيها الملك. يمكنني أن أختار لك مثل هذا المستشار الوفي الذكي الحكيم المحنك. فسأله الملك: ومن هو يا ترى؟ فقال معاون الملك: إنه ذلك المستشار النبيه الذي سبق وأن أشار على أخيكم الملك المعزول بقتلي!
فقال شاعر البلاد وحكيمها - وكان هو ذلك المستشار النبيه الذكي - بعد أن علم ما قاله معاون الملك الجديد بشأنه:
لا تبخلنّ إذا استُشرتَ بموقفٍ
بنصيحة تُهدى إلى الخلطاءِ
ودع الهوى عند القرار بنُطقها
وقل الصوابَ بحكمةٍ ووفاءِ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.