عيساني: تكريس إستراتيجية الانفتاح على المحيط الأكاديمي والقضائي والاجتماعي ممثل وزارة العدل: وضع قواعد عصرية بداية برقمنة الأرشيف واعتماد أساليب جديدة يشكّل التبليغ الالكتروني آلية من الآليات الرقمية التي من شأنها تعزيز مساهمة المحضر القضائي في التحول الرقمي بالجزائر، وذلك مواصلة لمسار الإصلاحات في قطاع العدالة لاسيما ما تعلق برقمنة مختلف الإجراءات والمعاملات القضائية، حسب ما أكّده المتدخلون، أمس، في الملتقى الدولي حول «التبليغ الإلكتروني»، وهو ما ينتظر إدراجه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد. تندرج الآلية الإلكترونية حسب ما أشار إليه المتدخلون من داخل الوطن وخارجه، في الملتقى المنظم من طرف الغرفة الجهوية للمحضرين القضائيين بالوسط، بالتنسيق مع المركز الجامعي مرسلي عبد الله والاتحاد الدولي والاتحاد الإفريقي للمحضرين القضائيين، في إطار تعزيز مساهمة المحضر القضائي في سياسات الدولة فيما يخص الرقمنة. أوضح فؤاد عيساني، رئيس الغرفة الجهوية للمحضرين القضائيين بالوسط، أنّ هذا الملتقى يأتي تكملة لإستراتيجية الغرفة في الانفتاح على المحيط الأكاديمي والقضائي والاجتماعي، والتي تهدف إلى إعادة صناعة مهنة المحضر القضائي، وتوّجت الجهود بإخراج قانون خاص بهذه المهنة ومن أهمها باب الرقمنة، وما يتبعه من قوانين ونصوص تنظيمية منها ما هو قيد التشريع لاسيما ما تعلق بالتبليغ الالكتروني كآلية من آليات الرقمنة، آملا في الخروج بتوصيات من اجل الارتقاء بالمهنة لاسيما على الصعيد الإجرائي. بدوره اعتبر المدير الفرعي للمحضرين القضائيين وممثل وزارة العدل، أنّ مهنة المحضر نالت درجة من القدر والاحترام نظرا لدورها الحساس في تنفيذ الأحكام، وهو اليوم مطالب أكثر بتعزيز دوره التكاملي بين الجهات القضائية بوضع قواعد عصرية تحسّبا لصدور قانوني الإجراءات المدنية والإدارية، بداية برقمنة الأرشيف واعتماد أساليب الجديدة التي تتماشى مع الرقمنة. في المقابل اعتبر توفيق ملكي، رئيس اللجنة العلمية بالغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين، أنّ التبليغ الالكتروني أو الرقمنة مسألة فرضتها العولمة واستخدام التكنولوجيا الحديثة في جميع القطاعات بما فيها قطاع العدالة، وهو ما تسعى إليه الجزائر من خلال عصرنة المعاملات القضائية من بينها التبليغ الإلكتروني، الذي هو من صميم مهام المحضر القضائي لدحض ثقافة الشك. وبخصوص الوضع في الجزائر، أكّد أ - محمد بوسماحة أن التحول الرقمي يقتضي ابتكار آليات قانونية وبنية تحتية مرافقة مناسبة، وخطاب سياسي داعم ومؤمن ومحفز لهذا التحول، غير أنّ طرح موضوع التبليغ الالكتروني دون أن يكرّس بعدا تشريعيا يوحي بغياب الآليات القانونية والبنية التحتية لاستيعابه، خاصة وأنه يترتب عليه آثار قانونية من حيث الآجال ووصف الأحكام القضائية، إلى جانب أنه تبليغ تتغير فيه الدعامة التي تنتقل من الورقي الى دعامة غير مادية افتراضية تقتضي شروطا لصحتها ذات طابع تقني. ..دول إفريقية قطعت أشواطا كبيرة وعن طريق التحاضر عن بعد، تدخّل الأستاذ أمادو تانيموداري الرئيس السابق للمجلس الوطني للمحضرين القضائيين، مؤكدا أنه مثلما وفّرت محركات البحث سهولة الوصول الى المعلومة، اليوم أصبحت هناك إمكانية القيام بالكثير من الإجراءات والعمليات الإدارية والمالية والتجارية عن بعد دون تحمل عناء التنقل، ونفس الأمر بالنسبة للمعاملات القضائية ومختلف الإجراءات المرتبطة بها. وحسب أمادو الأمر يتطلّب أرضية رقمية عن بعد، ومختلف الأنظمة والبرمجيات المرتبطة بها لأن هذا هو المسار الحقيقي للإصلاحات، والتي تضمن نجاعة التبليغ الالكترونية وأي إجراء قضائي، ما سيسمح باختصار الوقت والجهد من خلال التنفيذ عن بعد، مشيرا إلى أن الكثير من الدول الإفريقية قطعت أشواطا كبيرة في التبليغ الالكتروني والمزاد العلني على غرار رواندا والبنين وكذا غانا وكوديفوار. بدوره عضو فريق الابتكار ورئيس لجنة الأعمال الدولية للغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين بوغرين محمد رضا، أكد أهمية عصرنة مهنة المحضر القضائي بالجزائر في ظل التحول الرقمي واستعمال وسائل التكنولوجيات الحديثة، حيث فرض هذا التوجه نفسه على المجتمع الجزائري بكل فواعله، في حين بقيت مهنة المحضر بعيدة رغم انه ركيزة أساسية في مساعدة العدالة على أداء مهامها. وعن التجربة البلجيكية، تحدّث باتريك غيلان على أنّ التبليغ الالكتروني بدأ فيها سنة 2016 في المجال المدني، أما الجزائي ففي 2020، مشيرا إلى أن التبليغ الالكتروني هو عمل أصيل خاص بالمحضر القضائي حيث تتم العملية عبر ثلاث مراحل، غير أنه في عدم قبول التبليغ بعد مرور 24 ساعة يتم التبليغ بالطريقة التقليدية أي ورقيا. من جهة أخرى، استنكر باتريك إعداد مشروع قانون في بلجيكا يسمح بالتبليغ دون موافقة المعني به، خاصة وأن التبليغات تتم غالب من الأشخاص المعنوية، أم الشخص الطبيعي فهي نادرة. منصّة «ناجز» تجربة سعودية رائدة أمّا التّجربة السعودية والتي تعد رائدة في هذا المجال، تطرّق الأستاذ احمد عبد الصمد الأنصاري إلى تجربة التبليغ الالكتروني في بلاده، حيث قال إنّه «في السابق كان إجراء يدوي حاله كحال كل الدول، أما بعد التحول الرقمي خلال الخمس السنوات الماضية، فقد تم إتاحة استعمال الطرق الالكترونية في التبليغ، وهذا بعد أن أصبح هناك نظام خدمات موحّد سواء للمواطن السعودي أو للسياح والوافدين، فكل البيانات تسجّل، وأيضا يتم ربط شريحة الهاتف برقم هوية الشخص، وبالتالي فالتبليغ يتم على مراحل منها الرسائل النصية، ومن ثم عبر الايمايل الالكتروني، وكذا حتى عبر التبليغات البنكية، في حين اليوم هناك منصة «ناجز» الحكومية يتم عبرها الاستفادة من كل الخدمات العدلية الالكترونية»، مشيرا الى أن هذه المنصة ساهمت في توحيد كل الإجراءات القضائية. تعزيز التّقاضي الإلكتروني في الشق المدني ضروري من جهتها، تطرّقت د - صونيا نادية مواسة محامية وأستاذة محاضرة بالمركز الجامعي بتيبازة للإطار المفاهيمي للتبليغ الالكتروني ونطاقه، على ضوء 08-09 المعدل والمتمم لقانون 22-13 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإداري، حيث اعتبرت أنّ هذه الوسيلة الالكترونية فرضتها الثورة التكنولوجية والمعلوماتية التي يشهدها العالم، وانعكاس ذلك على مختلف القطاعات من بينها القضاء، ما أدّى بالمنظومة الوطنية والقضائية إلى مواكبة هذا التطور تماشيا مع هذا التطور الحاصل في مجال الرقمنة.