أكد المجاهد والباحث في تاريخ الثورة والوزير الأسبق محمد كشود، أن ما نراه من كتابة لمذكرات المجاهدين يندرج في إطار تسجيل الوقائع والأحداث التاريخية وليس كتابة تاريخ هذه الأخيرة التي لا تكون إلا بعد وفاة صناع الحدث. وقال الدكتور كشود من منبر «ضيف الشعب» في الذكرى ال 61 لاندلاع الثورة التحريرية التي تصادف الفاتح من نوفمبر من كل سنة أنه:»من الخطأ أن نعتقد أننا نكتب التاريخ ...بل نحن نسجل التاريخ، ويجب ترك كتابة التاريخ للمختصين الذين سيزيلون كل الشوائب عن الأحداث التاريخية». أوضح المجاهد كشود أن كتابة التاريخ هي الدراسات التاريخية التي يقوم بها مختصون وخبراء في المجال بناء على وثائق ومستندات والأرشيف الذي تم جمعه في مختلف المحطات التاريخية التي مرت بها الجزائر لا سيما النضالي منه، مشيرا إلى أن الأرشيف الوطني هناك الكثير منه لدى فرنسا، والذي يبقى - حسبه مشكوك فيه وملغم -، وهناك ما تم إتلافه عن طريق المجاهدين أنفسهم سواء خوفا من كشف أسرار الثورة أو لخلاف بين قادة وصناع الأحداث . وإلى جانب ذلك أشار الوزير الأسبق إلى أن الاستماع لشهادة الشهود ممن عايشوا الأحداث يشكل هو الآخر مادة تاريخية يستند عليها الباحث في كتابة التاريخ، ولهذا فهو من المشجعين لكتابة المجاهدين لمذكراتهم، والتي ستصبح - حسبه - فيما بعد مرجعية أساسية في الكتابة لأنها ستفتح الباب أمام ما المقارنة بين الوقائع والأحداث وربما الذهاب إلى الكشف عن وقائع أخرى ذات صلة ناهيك عن الدروس المستخلصة، وهو الهدف من الكتابات والدراسات التاريخية لاسيما النقدية منها. وتبقى كتابة التاريخ حسب المتحدث هي الأقدر على رسم رؤية استشرافية واستخراج الدروس والعبر من الأحداث التاريخية السابقة، وتكون بمثابة خارطة طريق للمستقبل، وإزالة كل لبس أو غموض بكل موضوعية بعيدا عن أي حسابات أو اعتبارات شخصية، انطلاقا من أن المادة التاريخية هي مادة بحث فقط ودراسة تخضع لأساليب البحث العلمي الخالي من الذاتية، والكشف عن ما تحت السطور في الكتابات الغربية لاسيما المصدرة لنا من فرنسا الاستعمارية باعتبارها تستحوذ على عدد كبير من الوثائق والمستندات المكونة للأرشيف الوطني.