ركائز رمزية تعكس تلاحم الدولة مع المؤسسة العسكرية    إكينور" النرويجي يبدي اهتمامه بمجالات البحث, والاستكشاف    الإطلاع على وضعية القطاع والمنشآت القاعدية بالولاية    نور الدين داودي رئيسا مديرا عاما لمجمع سوناطراك    الشباب المغربي قادر على كسر حلقة الاستبداد المخزني    فلسطين : المساعدات الإنسانية ورقة ضغط ضد الفلسطينيين    تم غرس 26 ألف هكتار وبنسبة نجاح فاقت 98 بالمائة    تنظم دورة تكوينية دولية بالعاصمة في مجال طب الكوارث    أمطار رعدية على عدة ولايات من الوطن    للمهرجان الثقافي المحلي للموسيقى والأغنية التارقية    دعوة المعنيين بالفعالية إلى الولوج للمنصة الإلكترونية    يجسد التزام الجزائر بالعمل متعدد الأطراف والتعاون الدولي    خلايا إصغاء لكشف التوتر النفسي لدى التلاميذ    الداخلية تشيد بالحس المدني للمواطنين في التبليغ عن التجاوزات    وقفة حقوقية في الجزائر لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة    توظيف خبرات الكفاءات الوطنية في خدمة المسار التنموي    الجزائر فاعل اقتصادي وشريك حقيقي للدول الإفريقية    اتفاق الجزائر التاريخي يحقّق التوازن للسوق العالمية    مخطط استباقي للتصدي لحمى وادي "الرفت" بالجنوب    للطلبة نصيب في مشروع 20 ألف مؤسّسة ناشئة    شروط صارمة لانتقاء فنادق ومؤسّسات إعاشة ونقل الحجاج    المصادقة على النصين القانونيين المتضمنين إحداث أوسمة عسكرية : تكريم للعطاء والولاء والتفاني في خدمة الوطن    أخريب يقود شبيبة القبائل إلى دور المجموعات    غاريدو يثّمن الفوز ويوجه رسائل واضحة    منداس بين السوق والسويقة    إعذارات للمقاولات المتأخرة في إنجاز المشاريع    ملتقى دولي حول الجرائم المرتكبة في حق أطفال غزة    عمورة يعاني مع "فولفسبورغ" والضغوط تزداد عليه    قراءات علمية تستعين بأدوات النَّقد    المصحف الشريف بالخط المبسوط الجزائري يرى النور قريبا    إصدارات جديدة بالجملة    تأكيد موقف خالد في مساندة قضية "شعب متلهّف للحرية"    انطلاق الطبعة التاسعة للمهرجان الثقافي المحلي للموسيقى والأغنية التارقية بولاية إيليزي    نجاح الحملة الوطنية لغرس الأشجار وتعزيز مشاريع التشجير في الجزائر    فضل حفظ أسماء الله الحسنى    ما أهمية الدعاء؟    مقاصد سورة البقرة..سنام القرآن وذروته    تأهيل الشوارع وتعبيد الطرق واستعادة الحياة    ضرورة تعزيز الحوار حول الاستخدام الجيّد للفضاء الرقمي    ابن الجزائر دردابو .. أفضل مبتكر عربي    بودن يدعو إلى استقطاب الشباب والمرأة    ارتفاع مرتقب لإنتاج الجزائر من النفط    تفوز بالفضية في نهائي عارضة التوازن    والي تيزي وزو يأمر بإحصاء وتطهير العمليات المسجلة في مختلف القطاعات    معيار الصلاة المقبولة    هيستيريا صهيونية في موسم قطف الزيتون الفلسطيني    الموسيقى : "أوندا "تشارك في أشغال الجمعية العامة    مهرجان الجونة السينمائي : الفيلم التونسي"وين ياخذنا الريح" يفوز بجائزة أفضل فيلم عربي روائي    الرئيس تبّون يُهنّئ كيليا نمور    ناديان جزائريان في قائمة الأفضل    تحسين الصحة الجوارية من أولويات القطاع    تصفيات الطبعة ال21 لجائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم    بطولة العالم للجمباز الفني:الجزائرية كيليا نمور تنافس على ثلاث ميداليات في مونديال جاكرتا    كأس إفريقيا للسيدات 2026 / الدور التصفوي والأخير ذهاب : سيدات الخضر يطمحن لتحقيق نتيجة إيجابية أمام الكاميرون    لا داعي للهلع.. والوعي الصحي هو الحل    اهتمام روسي بالشراكة مع الجزائر في الصناعة الصيدلانية    انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الإنفلونزا    حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجسيد نموذج النمو الجديد لمرحلة ما بعد النفط
نشر في الشعب يوم 16 - 06 - 2017

تناول مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير الأربعاء الماضي مشروع مخطط عمل الحكومة الذي عرضه السيد الوزير الأول عبد المجيد تبون، كما تلقى الاجتماع عددا من التوصيات المهمة لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في إطار تأطير الجانبين الاقتصادي والاجتماعي للفترة المقبلة تستحق الوقوف عندها بالتحليل.
مصادر جديدة لتمويل الاقتصاد والمساعدات الاجتماعية
تؤكد توصيات فخامة رئيس الجمهورية في اجتماع مجلس الوزراء موقف الدولة في ضرورة الاعتماد على مصادر جديدة ومتنوعة لتمويل حاجات الاقتصاد والعائلات والمساعدات الاجتماعية فضلا على المصادر التقليدية ما يعني تثمين جميع موارد البلاد.
تثمين جميع موارد البلاد يعني فك الارتباط التاريخي بالمحروقات وخاصة النفط الذي يشهد حاليا هبوطا مستمرا تحت عتبة 50 دولارا للبرميل ليجر معه سعر الغاز الطبيعي والمسال في المديين المتوسط والبعيد.
وتبرز عملية تفعيل الاصلاحات الاقتصادية التي بوشر فيها وضبطها وفق المعطيات الجديدة كأهم تحد أمام الحكومة من حيث ابتكار الأدوات والشروط التنفيذية لرفع النمو إلى مستوى مستديم عند سقف 7 بالمائة آفاق العام 2020 تسهيلا لعملية الصعود آفاق 2030.
تحد حقيقي ولكنه في نفس الوقت رهان ممكن ربحه أمام الإمكانيات المهمة التي تتمتع بها بلادنا ما جعل القاضي الأول في البلاد يركز على ضرورة الاعتماد على تفعيل الموارد الداخلية وتفادي الدين الخارجي بما يرسخ مبدأ السيادة على الاقتصاد. وبالفعل لدينا وعاء مهم من الجباية المحلية غير مستغل بالشكل اللازم بفعل ضعف التحصيل الجبائي والذي لا يتجاوز مستوى 13 بالمائة وهشاشة المنظومة الجبائية التي تحتاج لعصرنة شاملة، كما تزخر البلاد برأسمال خاص كاف لإطلاق مشاريع واعدة في مختلف القطاعات المنتجة للثروة ولكن نسيج المؤسسات الخاصة لا يزيد عن نصف مليون مؤسسة منتجة ما يعني نسبة 1.25 بالمائة من عدد السكان وهو رقم بعيد عن المعيار العالمي الذي هو 3٪.
عصرنة الآلة المالية والمنظومة الجبائية في قلب النموذج الجديد للنمو
وتصب نتائج اجتماع مجلس الوزراء الأخير في ضرورة تجسيد نموذج النمو الجديد الذي صودق عليه قبل عام ( جويلية 2016 ) من خلال خمس بوابات استراتيجية تبدأ بتحسين مناخ الأعمال لفائدة حملة رأس المال القابل للتوسع وتنتهي عند تثمين كافة الموارد الطبيعية للبلاد بما فيها الطاقات المتجددة التي ألحقت بالجهاز التنفيذي في التعديل الحكومي الأخير. وتتطلب المرحلة في سياق تجسيد نموذج النمو الجديد عمليات فنية محددة هي عصرنة الآلة المالية للدولة وعلى رأسها المنظومة الجبائية التي ينبغي أن تتطور إلى مستوى الخدمة الجبائية بدل العبء الجبائي، وتتميز الجزائر برتبة جيدة على سلم انخفاض نسب الضريبة عالميا ولكنها متأخرة على سلم الضغط الجبائي بحيث يحتل الرسم على القيمة المضافة مساحة 34 بالمائة من الجباية العادية بقيمة 10 مليار دولار في قانون مالية 2017 وهو من الرسوم مضمونة التحصيل بفضل طبيعتها في حين تشكو الجزائر من تهرب جبائي واسع في الضرائب الأخرى يقدر ب 77 مليار دولار خلال خمسين سنة.
وفي نفس السياق يأتي الحديث عن المنظومة البنكية ومنظومة التأمينات ومنظومة سوق الأوراق المالية حيث لازال وضعها جميعا يحتاج لعصرنة حقيقية مبنية على جودة الخدمات بدءا من معيار الانتشار البنكي والتسويق المصرفي وكلفة الاقراض ومتابعة التمويل وتسهيل الخدمات وكلفة التأمين وانفتاح السوق المالي على رأس المال الخاص.
وتعتبر بلادنا من أغلى الدول في كلفة الإقراض وتطبيق المنتجات البنكية المبتكرة كما بورصة الجزائر لا تستقطب طلبات تمويل كافية بسبب عوائق إدراج المؤسسات ولولا صيغ إطلاق المؤسسات وبرامج تأهيلها وصيغ التشغيل التي تبنتها الجزائر منذ 1996 وضع البلاد على سلم نسيج المؤسسات الصغيرة والمصغرة والمتوسطة والتشغيل أسوأ من الوضع الحالي.
ترشيد السياسات الاجتماعية للدولة
تنفق الجزائر على التحويلات الاجتماعية للسنة الجارية 16.3 مليار دولار ما يساوي 23.7 بالمائة من الموازنة العامة أو 8.4 بالمائة من الناتج الداخلي الخام منها 6.5 مليار دولار لدعم الطاقة من كهرباء وغاز 4.2 مليار دولار لصالح المساعدات الاجتماعية للعائلات و1.9 مليار دولار لفائدة دعم الأسعار. أرقام جد مهمة بالمقارنة مع دول عدة لأنها ترسخ سياسة الدولة في التماسك الاجتماعي ومحاربة الفقر والهشاشة بين السكان ولكنها في نفس الوقت تحتاج لرؤية جديدة مبنية على استهداف الفئات في حاجة للمساعدة والتحويلات حيث لا يمكن الاستمرار في سياسة الدعم الاجتماعي المعمم أمام تباعد المداخيل ونشوء الثروات وسط السكان وتقدم الصناعة المبنية على المواد المدعمة مثل الصناعات الغذائية، ولهذا كان اجتماع مجلس الوزراء واضحا في إرسال إشارات ( ترشيد السياسة الاجتماعية ).
تطوير التمويل عند الاستثمار
بوابات مهمة لتمويل الاستثمار لم يتم تثمينها لحد الساعة ومازالت جل حلول تمويل الاستثمار تتبع الأنماط التقليدية وقد حان الوقت فعلا لابتكار حلول تمويلية جديدة أو التوجه نحو أنماط التمويل غير التقليدي في اتجاه تصحيح السياسة النقدية لضمان هدف التوسع وتجنب سيناريو الانكماش مع ضبط السياسة المالية للدولة لضمان هدف استقلالية السياسة النقدية، بشرط عدم المساس بقوة الاقتصاد من حيث مؤشرات التضخم، سعر صرف الدينار ( قيمة العملة )، وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أهمية إطلاق صيغ الشراكة الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص وتطبيق صيغ التمويل التشاركي لدى البنوك وتحريك رأس المال المحلي المعبر عنه بالسيولة الزائدة لدى العائلات الذي سرعان ما يتحول الى ( فائض السيولة ) في ظل سوق موازية آخذة في التوسع. وتضم السوق الموازية في بلادنا سيولة نقدية تزيد عن 45 مليار دولار حسب التقديرات ولا يتعدى معدل الاستثمار لدى العائلات مستوى 18 بالمائة بينما يقفز الادخار إلى 38 بالمائة ما يعني خزانا تمويليا مهما ينبغي توجيهه نحو المشروعات.
وهناك رأس مال الجالية الجزائرية التي يلامس حجمها 7 مليون نسمة ما يعني 17 بالمائة من عدد السكان يختزن هو الآخر قيمة يمكن إضافتها للتمويل الداخلي من خلال تطوير المنظومة البنكية والجبائية لصالح هذا النوع من رأس المال سواء تعلق الأمر ببنوك الجالية أو الانتشار البنكي الجزائري بالخارج ( افريقيا – أوربا ).
ترشيد الميزانية آفاق العام 2019
ميزانية 2017 كانت نقطة انطلاق التدبير المالي للحكومة على مدى ثلاث سنوات وهذا إنجاز مهم في محتوى الرشادة المالية للدولة. ورسخ اجتماع مجلس الوزراء هذا المبدأ من خلال توصيات فخامة رئيس الجمهورية على أن تعمل الحكومة في تجسيد رشادة الانفاق العمومي لاستهداف توازن الميزانية آفاق العام 2019 دون المساس بمصلحة العائلات. ويتعلق الأمر هنا بحسن التدبير عند الصرف العمومي وضبط الميزان التجاري ومعه ميزان المدفوعات والكف عن التبذير وعصرنة بوابات الاستيراد ( الموانئ والمطارات ) وضبط الاستيراد نفسه للتحكم أكثر في الواردات.
وتستورد الجزائر ثلث ما تستورده افريقيا مع أن سكان البلاد لا يزيد عن 7 بالمائة من سكان افريقيا، وفي سلة الغذاء وحدها استوردت الجزائر في الثلث الأول من العام الجاري حسب بيانات الجمارك 2.8 مليار دولار بزيادة 7 بالمائة عن نفس الفترة من العام الماضي ويعني ذلك أن آخر السنة سيقفل على استيراد 11.2 مليار دولار من سلة الغذاء أي 25 بالمائة من حجم الواردات إذا استمرت البلاد في نفس السياسة. الأمر يستدعي فعلا ضبط الواردات على أساس الانتاج الوطني وتنظيم عملية التسويق. الأمر يتطلب حزمة من التدخلات وفريقا من المتدخلين في القطاعين الفلاحي والتجاري وفق مبدأ واضح هو التحكم في سياسات الاستيراد.
الاتجاه العام وشروط النجاح
وفي الاتجاه العام غطى مشروع مخطط عمل الحكومة الجديدة مساحات ترسيخ دولة القانون والحريات، عصرنة الاقتصاد وتثمين موارد الدولة مع حفز الاستثمار، تطوير الاطار العام لحياة السكان مع ترسيخ مؤشرات التنمية البشرية خاصة مع التقدم الذي حققته بلادنا في هذا المجال باحتلالها الرتبة 83 عالميا والأولى مغاربيا والخامسة إفريقيا بمعدل مشجع فوق السبعة من عشرة ( 73 على مائة ) حسب التقرير الأخير للبرنامج الانمائي للأمم المتحدة. كما غطى مشروع المخطط مكاسب العائلات المحققة والتي وجب ترسيخها في مجال الضمان الاجتماعي، الشغل، التقاعد، التضامن وحاجات ذوي الاحتياجات الخاصة.
هذا الاتجاه العام يقتضي آليا إيجاد الأدوات والمنظومات والشروط الفنية الأكثر نجاعة لتحقيق أهداف النمو المستديم والتنمية المتوازنة بدءا من عصرنة الادارة وتقليد المسؤوليات من يستحقها إلى إدماج المعرفة واستخدام المنظومات الذكية وعلى رأسها منظومات اليقظة الاستراتيجية ومنظومات متابعة الاستثمار إضافة إلى منتجات الابتكار والانفتاح على حلول التنمية المبنية على المعرفة والاستشراف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.