تحولت قضية ضابط الشرطة المغربي السابق، نور الدين بوفرة، إلى سجال بين الصحافة الفرنسية والمغربية والبلجيكية، بعد تناولها لبعض مما عاشه المعني في أجهزة الأمن المغربية، وارتباط كبار المسؤولين هنالك في جرائم الاتجار بالمخدرات وتبييض الأموال، لتتحرك أجهزة الاستخبارات المغربية، بكل فروعها لرسم خريطة لتصفيته على التراب الأوروبي بعد ما أن استطاع الإفلات منها في المغرب، وفضح أسرارها وأسرار القصر الملكي المتورط بشكل مباشر في عدة قضايا. وتنقل مصادر متطابقة، أن الاستخبارات الخارجية المغربية DGED شرعت كأول إجراء إلى التمويه الإعلامي، ابتداء من أفريل 2017 عبر بعض وسائل إعلام مقربة منها كشوف تيفي كود، إلى التأكيد على أن الضابط بوفرة موجود بالديار البلجيكية، والتمويه الإعلامي كانت بتواريخ متفاوتة، ففي شهر جانفي 2018 قامت الاستخبارات الخارجية DGED وعبر كل من جريدة ببلجيكا اسمها Disapora marocaine ، وبعدها موقع infor 35 و Mediapart، حيث أجمعت كلها على أن بوفرة مقيمٌ بلجيكا. ويذكر محرر في موقع mediapart أن بوفرة كان نشيطا في محاربة المخدرات وفي المقابل اتهمه بالفساد، وهذا ما روجت له كل الجرائد السالفة الذكر، مما يفيد أن المصدر الذي كانت تعتمد عليه مصدر واحد وهو المخابرات الخارجية DGED التي كانت تعرف جيدا مكان إقامته، لكنها اعتمدت الترويج على أنه مقيم بالديار البلجيكية للتمويه، وبذلك ستنتقل من عملية التخطيط إلى عملية التنفيذ. ولما قررت المخابرات الخارجية الانتقال إلى مرحلة تنفيذ عملية التصفية الجسدية، حرصت على حماية احد عملائها، الذي توصل إلى السكن الجديد لبوفرة، وكان هذا السكن قريبا من إحدى البحريات، وهذا العميل كان مجندا كذلك حسب أجندة الاستخبارات الخارجية المغربية، لجمع معلومات ضد نشطاء الحراك وضده شخصيا لارتباطه بمجموعة من العناصر الفعالة. وقد استطاع هذا العميل الوصول إلى سكناه الجديد عن طريق أحد أصدقائه المقربين الذي كان يسكن بعيدا عنه بمسافة 40 كيلومترا، ولم يكن في نية هذا الصديق المخلص الوشاية بنور الدين بوفرة، بل لم يكن يعلم أن هناك تخطيطا لتصفيته، ولم يسبق له حتى زيارته في منزله. وفي 3 فيفري الماضي، جاء العميل المكلف من طرف DGED إلى البحيرة وعمل على تسجيل بث مباشر عبر الفايسبوك يدَّعي فيه النضال ويشجِّب نظام محمد السادس وهو في الحقيقة قام بتسجيل الفيديو بعد ما علم بتغيير مسكنه وخروجه نهائيا من تلك المدينة، وكانت خطة للمخابرات لتحصين وحماية عميلها وتحضير جواب له في حالة استدعائه للتحقيق معه، كونه لم يعرف تغيير عنوان مسكنه وأنه حضر لزيارته وحين لم يجده استغل تواجده وعمل على تسجيل الفيديو، ووقتها اختفى عن الأنظار ليذهب بعيدا عن المنطقة لمسافة تفوق 600 كلم، حينها اتصل به الضابط نور الدين بوفرة مخبرا إياه بطريقته على أن المدينة التي انتقل العميل إليها، بها بحيرة جميلة، الشيء الذي أثار غضبه. وسبب الإشارة في الجرائد التي تطرقت إلى موضوع الضابط نور الدين بوفرة ومحاربته للمخدرات على الصعيد الدولي، لم يكن الهدف من ذلك الإشادة بإنجازاته، وإنما لخلط الأوراق، وكذا تواجده ببلجيكا واتهامه بالفساد، فالهدف كان واضحا بعد كل هذه الحملة الإعلامية ضده بتعليمات من المخابرات المغربية لتنفيذ عملية اغتياله وتلفيق التهمة لعصابة إجرامية بعد حسابات شخصية بينهم. وتوجِّه الأجهزة الأمنية تهم الفساد للضابط السابق، لكن رغبتها في تصفيته أو ترحيله إلى المملكة، بسبب حجم المعلومات الهامة والخطيرة التي يحوزها، ومن الشخصيات الرئيسية التي تطالب برأس بوفرة، فؤاد علي الهِمَّة المستشار الأمني للملك وصديقه إلياس العماري. لكن ما يثير الاستغراب في القضية، عدم خروج مدير الاستخبارات الداخلية DGST باعتبارها التي كانت يشتغل فيها بوفرة، بأي بلاغ رسمي لينفي فيه التهم المنسوبة إليه، بل التزم الصمت عكس القضايا التي لا تستحق حتى الحديث عليها. وحسب تصريحات الضابط بوفرة، والذي تنازل عن الجنسية المغربية، ونزع البيعة من محمد السادس، فإنه يحمِّل كل المسؤوليات القانونية للملك شخصيا ومستشاره الأمني فؤاد علي الهمة إن تعرَّض وابنه لأي اعتداء أو اغتيال من طرف المخابرات المغربية.