دعا رئيس المجلس الأعلى للغة العربية من خلال ملتقى الموروث الثقافي الذي أشرف على افتتاحه صباح الأربعاء، بجامعة أدرار، إلى ضرورة تشكيل وعي وطني بالكنوز التي تزخر بها بلادنا، والحرص على نقلها للأجيال ضمانا للاستمرارية. وقال محدثنا إن المسؤولية يتحملها الجميع في صون هذا التراث الذي يمثل خيطا شعوريا، يضمن تواصل الأجيال، كما يحدد ملامح هويتنا، وأصبح من الضروري أن نقف على ملامح حضارتنا، ومدى ارتباطها بأصولنا التراثية، وأن نثبت عدم صدقية الحركات الجانحة نحو الاستغراب، سواء بتأثير العولمة أو غيرها من الظواهر التي أسفرت عن هجين لا جذور له ولا خصوصية. ويضيف صالح بلعيد في هذا الصدد، أن تمسك الناس بماضيهم وارتباطهم به، دفعهم ذلك بشكل تلقائي إلى إيجاد سبل جديدة تتماشى مع ما نحن فيه من طفرة حضارية تتلاءم ورغباتنا العاطفية، التي تنزع الحنين إلى الماضي، وتظل المؤسسات والفرق المهتمة، تصون الأمانة عن طريق تثمين التراث الثقافي، والرفع من الحصص الإعلامية المخصصة للتراث، وإنتاج برامج تلفزيونية وإذاعية تعريفية برموزه وأسمائه، وتنظيم المعارض التراثية والأبواب المفتوحة الخاصة بالتراث الثقافي غير المادي محليا وجهويا ووطنيا، ووضع الكتيبات والدلائل والمنشورات الرقمية المكرسة لمختلف المكونات للموروث الثقافي وتنظيم حملات توعوية، للتحسيس بأن مسؤولية الحفاظ على التراث الثقافي واعتماد نظام الشركات بين وزارة الثقافة والهيئات المحلية لتمويل العمليات ذات الصلة بتوثيق التراث الثقافي المحلي، ودعوة المجتمع المدني والقطاع الخاص للإسهام في عمليات الصيانة وحماية التراث الثقافي غير المادي، وتشجيع التعاون الدولي وجعله وسيلة لتثمين التراث الثقافي. كما شهد التراث المحلي للمنطقة حضورا قويا في المحافل الدولية من خلال الاستراتجية التي تتبناها اليونسكو. وتمثلت في الاهتمام المتزايد بالبرامج الثقافية والتربوية في سياسات الدول، وإقامة مختلف المهارات والمعارف والتقنيات، لتشكيل الوعي المجتمعي لهذا التراث، ويجب أن يبقى التركيز على الحماية من الانقراض والتشويه والسرقة والتدمير، فتحرص على حمايته وتحويل ما يمكن تحويله إلى العروض المتحفية، وبالتالي فإن حمايته وتثمينه لا يتحققان بمجرد أرشفته وتوثيقه أو تحويله إلى العروض المتحفية، بل عبر استخدامه اليومي في كل مناحي الحياة، باعتباره متنوعا ومتحركا، بل حتى إن التراث الثقافي اللامادي، كثيرا ما يوصف بأنه حي، ومن بين التدابير التي تضمن ديمومة الحفظ ونقله بكل عناية. وعدد بلعيد في هذا الصدد مجموعة من التدابير والإجراءات التي يجب اتباعها للحفاظ على هذا التراث تتمثل في تنظيم نشاطات تدريبية تعتمد على تقنيات بسيطة وفعالة لحفظ الممتلكات مع إيلاء عناية خاصة لإنشاء الأدوات التعليمية، مع أرشفة رقمية للفنون غير المادية لما له من قيمة كبيرة في المجال الأكاديمي، وضرورة تعزيز استعادة الممتلكات الثقافية، عبر نشر الوعي وإطلاق النشاطات الاستشارية والشركات الابتكارية والتنفيذ المشترك للنشاطات التشغيلية والمعيارية، لاسيما مكافحة الاتجار غير المشروط وحماية التراث المغمور في المياه. ويعد التراث الجزائري موردا سياحيا هاما تزخر به بلادنا، بمعالم تاريخية قديمة تعود إلى الدولة النوميدية، وما تراكم من حضارات مرت من هنا، ويعتبر رافدا ثقافيا لبعث السياحة في الجزائر من جبال الأهقار، والطاسيلي، إلى تمقاد إلى ميزاب، والقصبات والمدن العتيقة، تراث خالد يعتبر مرآة عاكسة لبلدنا الجزائر لماضيها وحاضرها ومستقبلها.