توفي مؤسس ورئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، الشيخ عباسي مدني، الأربعاء عن عمر يناهز 88 سنة، وذلك في أحد مستشفيات الدوحةالقطرية اثر معاناته من مرض عضال سيصلى على الفقيد الشيخ عباسي مدني صلاة الجنازة بعد صلاة عصر يوم الخميس بمسجد محمد عبد الوهاب (أكبر مسجد في قطر) ثم ينقل الى الجزائر لكي يصلى عليه يوم الجمعة ويدفن في العاصمة الجزائرية (على الأرجح في مقبرة العالية)، حسبما أعلن عنه جزائريون مقيمون في الدوحة نقلا عن نجله.. مسار طويل من النضال الفقيد وعلاوة على حضوره البارز في المشهد السياسي المعارض منذ الاستقلال، فقد شارك في الثورة التحريرية، كما عمل أستاذا جامعيا، قبل أن يتفرغ للسياسة مع تأسيس “الفيس” نهاية الثمانينيات، وما تبع ذلك من أحداث مطلع التسعينيات، موازاة مع إلغاء الانتخابات البلدية والتشريعية، وتعليق المسار الانتخابي. برز عباسي مدني كواحد من وجوه التيار العربي الإسلامي في الجزائر خلال السبعينيات والثمانينيات، ومارس النشاط الدعوي والسياسي، متأثرا بفكر الكثير من المفكرين الإسلاميين مثل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبدة والشيخ عبد الحميد بن باديس ومالك بن نبي وغيرهم، وقد أنشأ عام 1963 جمعية “القيم الإسلامية” المحظورة عام 1970 من طرف الرئيس الراحل هواري بومدين. وفي عام 1982 اعتقلته السلطات الجزائرية على خلفية ما يعرف بأحداث الحي الجامعي في بن عكنون بالجزائر العاصمة. بعد ذلك واصل نشاطه تحت رابطة الدعوة الإسلامية التي كان يرأسها الشيخ الراحل أحمد سحنون. التعددية السياسية وعقب إقرار التعددية السياسية في البلاد بموجب دستور 1989، أسس عباسي وعدد من رفاقه الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي استقطبت شريحة واسعة من الجزائريين مطلع التسعينيات، بدليل فوزها الساحق في أول انتخابات بلدية حرة عرفتها الجزائر شهر جوان 1990، حين فازت ب853 بلدية من بين 1539، و32 ولاية من بين 48. وفي محطة ثانية، وفي الانتخابات التشريعية تصدرت النتائج ب188 مقعد من أصل 228 بالمرحلة الأولى، وتلى ذلك قرار الغاء الانتخابات وتعليق المسار الانتخابي، ثم الإعلان عن حالة الطوارئ شهر فيفري 1992، وإيداع الآلاف من أنصار الجبهة في المعتقلات، في الوقت الذي ألقي القبض على عباسي مدني نهاية أوت 1991، والحكم عليه عام 1992 بالسجن لمدة 12 عاما بعد إدانته “بالمس بأمن الدولة”. أطلق سراح عباسي مدني يوم 15 جويلية 1997 مع عبد القادر حشاني الذي اغتيل بعد عامين من ذلك، فيما وُضع عباسي قيد الإقامة الجبرية، قبل أن يسمح له صائفة 2003 بمغادرة الجزائر لتلقي العلاج في ماليزيا، ثم قطر التي اختارها مكان إقامته خلال ما تبقى من حياته، وقد أعلن عباسي مدني في 13 نوفمبر 2003 “المبادرة الشعبية الوطنية لحل الأزمة بالجزائر” لإنهاء العنف والخروج بالبلاد من أزمتها السياسية والاجتماعية، مؤكدا أنها مبادرة جماعية تجمع الشعب الجزائري وكل من له استعداد للمشاركة فيها.