وأنت تدخل منزل السيد ساطوح مسعود، 39 سنة، الكائن بالمشتة التابعة لبلدية تمالوس بولاية سكيكدة، تتجسد لك كل معاني الفقر والحرمان والقهر، بيت من طوب وقصدير وزوج يعاني من أمراض مختلفة و3 أطفال أكبرهم بنت عمرها 13 سنة وأصغرهم حمزة 7 سنوات، عضَّهم الفقر بأنيابه، ونهشهم المرض، ربُّ أسرة لا يعمل بسبب داء في الرئة والطفل الصغير حمزة عبارة - حسب وصف أمه ربيحة - عن دمية، لا يتحرك لأنه مصاب بشلل رباعي، ساءت حالته لأن علاجه مكلف، كما أن الدواء الذي يتناوله حمزة وهو "ليفزويل" و"صبريل" يصل ثمن العلبة الواحدة منه إلى 6 آلاف دج، وهي من تحاول تدبير لقمة العيش بصناعة أوان فخارية وبيعها. تراجيديا إنسانية بكل المقاييس.. عائلة من خمسة أفراد محاصَرة بالآلام والحاجة والجوع، الطفلان يذهبان إلى المدرسة في عز الشتاء بثياب مبللة لأنها تغسل ليلة ذهابهم إلى المدرسة لا يملكون غيرها وليس لديهم مدفأة لتجفيفها والتلاميذ يسخرون منهما لأن رائحة دخان الحطب الذي تستعمله الأسرة بدلا عن الغاز تنبعث من ملابسهما، فطور رمضان عبارة عن حليب فقط.. الأم تربط الإبن حمزة بقطعة قماش وراء ظهرها لتحمله إلى المستشفى، أُكلته الوحيدة الحليب؛ 4 علب في يومين، ينامون على الأرض تقريبا فالأفرشة مهترئة وقديمة، ولكي تكتمل قصة البؤساء مات منذ سنتين الطفل سيف الدين ذو ال8 سنوات في ليلة شتاء من شدة البرد ويتهدم المنزل ليُرقع كالثوب وتعيش العائلة في العراء رغم أنهم داخل الكوخ. في رمضان الحالي كما في سابقه، العائلة تفطر على الحليب والخبز، وعندما تنتهي المؤونة ستفطر العائلة على الماء أو تغلي بعض الحشائش البرية أو تطبخ سميداً تشتريه الأم من الأسواق بثمن بخس لأنه غير صالح وأحيانا مليء بالدود، رابحة لم تعرف الربح منذ سنوات، لم تشتر فستاناً جديدا وإنما تلبس ما يتركه الأموات خلفهم من متاع الدنيا يتصدق به عليهم أهلهم، وأطفالها لم يشتروا لباس العيد منذ سنوات ويمكثون بالبيت بينما أطفال الجيران ضحكاتهم تملأ الأفق. لكن رغم الظروف القاسية تريد فقط أن يتكفل المحسنون بعلاج طفلها حمزة خاصة وأن العمود الفقري تحرَّك من مكانه، فهي وأطفالها صاحبوا الجوع ويتعاملون معه بحرفية كبيرة بالصبر عليه لكنها كأم لن تتحمل أنين ألم فلذة كبدها، الحالة المزرية جعلتها في العديد من المرات تسقط مغشيا عليها في الشارع وتُنقل إلى المستشفى، عائلة لا تملك أحلاماً وردية وإنما 3 أمنيات فقط وهي علاج حمزة وترميم المنزل وقضاء شهر رمضان والعيد كبقية خلق الله.