يطير الرئيس بوتفليقة،الإثنين،إلى العاصمة الروسية موسكو في زيارة رسمية تدوم يومين، وتأتي هذه الزيارة لبعث التبادلات الثنائية بين البلدين في مختلف الميادين، حسب ما تشير إليه أطراف رسمية. وسيتناول الرئيسان في هذه الزيارة التعاون الاقتصادي والتبادلات التجارية والتعاون بين البلدين، حيث بلغت نسبة التبادل الاقتصادي بينهما141 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى لسنة 2007 بعدما بلغت 600 مليون دولار في سنة 2006، وهو ما يعني أن الجانب الاقتصادي لم يحظ باهتمام بالغ في هذه الفترة رغم تشديد الطرفين في لقاءاتهما واتفاقاتهما على أهميته، ويأتي هذا "الركود" في الجانب الاقتصادي في مقابل "الانتعاش" الذي حققته المبيعات العسكرية الروسية للجزائر. ففي مارس 2006 أعطت روسيا موافقتها على إلغاء ديون الجزائر بعد مشاورات بين البلدين، وقد بلغت تلك الديون 4.7 مليار دولار، وفي مقابل إلغاء تلك الديون تقرّر شراء الجزائر معدات عسكرية بحجم الديون الملغاة، وقد تنوعت تلك المعدات بين طائرات من طراز "ميغ 29" المقاتلة الحديثة التكنولوجيا، وقطع عسكرية أخرى، وهو ما اعتبره كثيرون"إحدى صفقات العمر" لروسيا، وهو الأمر الذي يجعل المسؤولين الجزائريين يبحثون عن صيغة لإيجاد توازن بين الجانبين الاقتصادي والعسكري علاقات البلدين والاستفادة من خبرات روسيا في المجال الأوّل. وتريد بعض الأطراف ربط زيارة بوتفليقة هذه بتلك الصفقة العسكرية مع روسيا، حيث تسرّب حديث بشأن ما سُمّي "غشّا" في تلك الصفقة، إذ تحدّثت ألسنة بأن روسيا باعت الجزائر طائرات ليست ذات فعالية جيدة قتاليا وتكنولوجيا، إلا أن شيئا من تلك الأحاديث لم يتأكّد، وهو ما دفع إلى تصنيفها في خانة "الإشاعات" التي يسوّق لها أعداء روسيا وفي مقدّمتهم الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا من أجل فضّ حلفاء روسيا من حولها- ومنهم الجزائر- والتشويش على صفقات روسيا العسكرية في وقت يعرف الاقتصاد الروسي مرحلة وهن، هو في أمس الحاجة فيه إلى مصادر تمويل لشدّ ركائزه والحلول دون انهياره. وعلى صعيد آخر، فقد تدعمت العلاقات الجزائرية الروسية أكثر عندما بادل الرئيس بوتين بوتفليقة زيارته الأولى إلى روسيا في أفريل 2001، حيث حل بوتين في مارس 2006 بالجزائر، وانعقدت على أثر زيارته تلك اجتماعات ولقاءات عديدة للجنان المختلطة بين البلدين كما تم إنشاء مجلس للأعمال و تبادل العديد من الزيارات بين مسؤولي البلدين، ووقع الطرفان على حوالي عشر اتفاقات و بروتوكولات ومذكرات تفاهم في الميادين الديبلوماسية و الاقتصادية و الثقافية. لكن "تقهقر" التبادلات الاقتصادية بين روسياوالجزائر في العام الماضي، جعل المسؤولين الجزائريين يتطلّعون إلى فعالية أكثر في هذا الميدان- ولربما تصب الزيارة الحالية للرئيس بوتفليقة في هذا الصدد لإعطاء جرعة دعم "حقيقية" لمستوى "الشراكة الاستراتيجية بين البلدين"- إذ لا تزال واردات الجزائر من روسيا مقتصرة على المواد الخام ومواد التجهيز والمواد الاستهلاكية غير الغذائية، هذا فيما تصدر الجزائر إلى روسيا الفوسفات ومواد التشحيم، ولمواجهة هذا الوضع "الراكد"، ينتظر أولئك المسؤولون فعالية أكبر من المؤسسات الروسية لتحديد مشاريع ملموسة تكون ذات وقع على الواقع الاقتصادي في الجزائر، مثل المشاريع السياحية التي تراهن الجزائر على مساهمة الطرف الروسي في تسخير قدراتها المالية لاستثمارها في المنشآت السياحية في الجزائر. وبعيدا عن حيثيات الزيارة الرئاسية لبوتفليقة إلى روسيا، فإنه من المهم التذكير بأن بوتفليقة يقود زيارة إلى بلد نووي هو روسيا أياما قبل زيارته إلى البلد النووي الآخر إيران في مارس المقبل، وهو ما يعني أن أجندة الرئيس تضم محطتين نوويتين هامتين ستجلبان إليها أنظار القوى الكبرى مثلما جلبت الصفقة العسكرية السابقة مع روسيا أنظار الأطراف نفسها. مسعود هدنة (الشروق اون لاين)