مقتل 10 أشخاص واصابة 477 آخرين    إطلاق جائزة أحسن بحث في القانون الانتخابي الجزائري    بدء عملية الحجز الالكتروني بفنادق مكة المكرمة    جيدو/ بطولة إفريقيا فردي 2025 (اليوم الثاني والاخير): الجزائر تحرز أربع ميداليات جديدة    ورقلة: التأكيد على أهمية ترقية ثقافة التكوين المتواصل في المؤسسات الإعلامية    توقيع مذكرة تفاهم في مجال البحث والتطوير    تعميم رقمنة الضرائب خلال سنتين    عطاف يوقع على سجل التعازي إثر وفاة البابا    مزيان يُحذّر من تحريض الجمهور    سعداوي: هكذا تتحقّق جودة التعليم..    هذا موعد بداية بيع الأضاحي المستوردة    صالونات التجميل تحت المجهر    والي تيبازة يشدد على ضرورة مضاعفة المتابعة الميدانية    بلحاج يشيد بالعلاقات الجيدة    مُلتزمون بتحسين معيشة الجزائريين    صيدال يوقع مذكرة تفاهم مع مجموعة شنقيط فارما    مشاركة جزائرية في الطبعة ال39 لمعرض تونس الدولي للكتاب    السيد مزيان يؤكد على أهمية التكوين المتخصص للصحفيين لمواكبة التحولات الرقمية    لهذا السبب رفض إيلان قبال الانتقال لأتلتيكو مدريد    إعادة دفن رفات شهيدين بمناسبة إحياء الذكرى ال67 لمعركة سوق أهراس الكبرى    تربية: إطلاق 3 منصات إلكترونية جديدة تعزيزا للتحول الرقمي في القطاع    أفضل لاعب بعد «المنقذ»..    بسبب بارادو وعمورة..كشافو بلجيكا يغزون البطولة المحترفة    السيد بداري يشرف على تدشين مشاريع ابتكارية و هياكل بحث علمي بقسنطينة    "زمالة الأمير عبد القادر"...موقع تاريخي يبرز حنكة مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة    حج 2025 : إطلاق برنامج تكويني لفائدة أعضاء الأفواج التنظيمية للبعثة الجزائرية    الجمباز الفني/كأس العالم: تأهل ثلاثة جزائريين للنهائي    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51495 شهيدا و117524 جريحا    أكسبو 2025: جناح الجزائر يحتضن أسبوع الابتكار المشترك للثقافات من أجل المستقبل    تصفيات كأس العالم للإناث لأقل من 17 سنة/الجزائر-نيجيريا (0-0): مسار جد مشرف لفتيات الخضر    الأونروا: أطفال غزة يتضورون جوعا    مقتل مسؤول سامي في هيئة الأركان العامة    المرأة تزاحم الرجل في أسواق مواد البناء    ملك النرويج يتسلم أوراق اعتماد سفير فلسطين    انطلاق عملية بيع الأضاحي المستوردة في الفاتح ماي    التأكيد على تعزيز الحوار السياسي وتوطيد الشراكة الاقتصادية    مخططات جديدة لتنمية المناطق الحدودية الغربية    الدبلوماسية الجزائرية أعادت بناء الثقة مع الشركاء الدوليين    مداخيل الخزينة ترتفع ب 17 بالمائة في 2024    15 بلدا عربيا حاضرا في موعد ألعاب القوى بوهران    متابعة التحضيرات لإحياء اليوم الوطني للذاكرة    اجتماع لجنة تحضير معرض التجارة البينية الإفريقية    إبراهيم مازة يستعد للانضمام إلى بايرن ليفركوزن    رئيسة مرصد المجتمع المدني تستقبل ممثلي الجمعيات    الجزائر وبراغ تعزّزان التعاون السينمائي    ختام سيمفوني على أوتار النمسا وإيطاليا    لابدّ من قراءة الآخر لمجابهة الثقافة الغربية وهيمنتها    الكسكسي غذاء صحي متكامل صديق الرياضيين والرجيم    60 طفلًا من 5 ولايات في احتفالية بقسنطينة    وكالات سياحية وصفحات فايسبوكية تطلق عروضا ترويجية    المجلس الشعبي الوطني : تدشين معرض تكريما لصديق الجزائر اليوغسلافي زدرافكو بيكار    سيدي بلعباس : توعية مرضى السكري بأهمية إتباع نمط حياة صحي    بلمهدي يحثّ على التجنّد    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شاهد عيان يروي ل "الشروق" القصة الكاملة لكارثة أوت 2008
يوم تجاهل الصينيون تحذيرات الشيوخ
نشر في الشروق اليومي يوم 05 - 09 - 2016

عندما دخلت "الشروق" مدينة الرقيبة بولاية الوادي بعد مضي نحو ثماني سنوات كاملة من وقوع الكارثة التي أدت إلى وفاة خمسة شبان في عمر الزهور، التي تعد الأكثر فظاعة على الإطلاق، خاصة لحصيلة الضحايا التي كانت 05 قتلى. وما زاد من جسامة الحادث أن شابا لقي نفس المصير في بلدية تغزوت الملاصقة لذات البلدية قبل ذلك بأقل من أسبوعين.
وما إن وصلنا إلى المكان الذي لقي فيه الخمسة مصرعهم في 11 أوت 2008، لم ينس سكان حي العوايسة الحادث وأخذوا يتجمعون حولنا، وأخذوا يسردون للشروق ما جرى في حيهم في ذلك الاثنين الأسود من صيف عام 2008، وكان من بينهم "رضا"، أحد العمال، الذي كان يشتغل في فريق واحد مع الضحايا الخمسة وقتها، الذي أكد ل "الشروق اليومي" أن زملاءه الخمسة نزلوا إلى أسفل الخندق بعمق وصل إلى سبعة أمتار كاملة. هذا، رغم أن أحد شيوخ حي العوايسة حذر العمال من خطر انهيار "الكاف" أو "الهيالة"- وهو الاسم الذي يطلقه أهل سوف على الانهيارات الرملية- عليهم. كما قال الشيخ بصريح العبارة وحسب محدثنا: "إن هذه الأرض- يقصد الحي- ذهبت بكثير من الرجال"، غير أن رئيس فريق العمل الصيني رفض الانصياع لنصائح الشيخ. وأكملت الآلة الحافرة عملها حتى وصلت إلى العمق المقرر لها، وهو 7 أمتار، لتضع الآلة الجارفة السواتر الحديدية التي تستعملها الشركة الصينية التي كلفت وقتها بإنجاز شبكة الصرف الصحفي في الوادي، لمنع الرمال من إعادة ردم ما تم حفره، غير أن السواتر الحديدية التي استعملتها الشركة الصينية في مكان وقوع الحادثة ليست من النوع الصلب كالتي استعملتها الشركة في بعض المواقع الأخرى في الولاية. ذلك أنها مصنوعة من حديد ليس من نفس درجة صلابة السواتر الحديدية الأخرى التي جلبتها معها الشركة من الصين. ووقفت "الشروق" على عدد من هذه السواتر التي بدت أضعف من أن تتحمل ثقل الرمال المنهارة.

.. الفاجعة!
بعد أن أكملت الآلات عملها، أمر رئيس فرقة العمل الصيني "سي" كلا من عبد الرزاق والعيد وعبد المالك وبشير ومحمد، بالنزول إلى أسفل، بغية وضع قنوات الصرف الصحي أسفل الخندق، غير أن "محمد" طلب من الصيني إعفاءه من النزول بعد أن عاين المكان من الأعلى، لكن الصيني أمره بالنزول، وقال له بفرنسية ركيكة: " طرافاي (اعمل )!"، لينزل الخمسة إلى أسفل الخندق، وبقي رئيس المجموعة الصيني فوق الساتر الحديدي للإشراف على العمل. وما هي إلا دقائق قليلة حتى تحركت الرمال لتحدث ما يشبه الطوفان الرملي، الذي ابتلع عبد الرزاق والعيد وعبد المالك وبشير ومحمد. ونجا رئيس المجوعة الصيني "سي" من الموت المحقق بعد أن استطاع أن يقفز إلى الأعلى بمساعدة مجموعة من العمال الذين كانوا في الأعلى. وينقل هذا الأخير إلى مستشفى أعمر الجيلاني بمدينة الوادي.
كما أكد "رضا" ل "الشروق اليومي" أنهم بذلوا أقصى ما يستطيعون لانتشال زملائهم أحياء لكن دون جدوى. كما لم تتمكن وحدتان من مصالح الحماية المدنية من انتشال الجثث الخمس إلا بصعوبة بالغة. وبعد الاستعانة بالآلة الحافرة، بدئ في إخراج أولى الجثث عند الساعة العاشرة والنصف صباحا. واستمرت في عملية البحث والانتشال ولم تكمل عملها إلا في حدود الساعة الثانية إلا ربعا زوالا، حيث شهدت عملية الانتشال حضور عائلات الشباب الخمسة الذين لم يصدقوا خبر مصرع أبنائهم، إلا بعد أن رأوا جثثهم التي تهشم بعضها بفعل استعمال الآلات الحافرة في عملية البحث والانتشال، التي استمرت إلى أكثر من ثلاثة ساعات، حيث أكد عدد من سكان الحي ل "الشروق اليومي"، من الذين حضروا عملية الانتشال، أنه وقتها تم بتر يد إحدى الجثث، وتهشم الجزء العلوي من رأس جثة أخرى.
وبعد نهاية عملية الانتشال، نقلت مصالح الحماية المدنية، بحضور قوات الدرك الوطني وعدد كبير من سكان بلدية الرقيبة، جثث الضحايا الخمسة، إلى مصلحة حفظ الجثث بالمستشفى المركزي في مدينة الوادي، أين تم دفنهم في أجواء مهيبة.

"زوالية" أجبروا على العمل بأجر زهيد وفي ظروف صعبة
ضحايا "الاثنين الأسود" كانوا يتقاضون 11 ألف دينار شهريا

يشترك الضحايا الخمسة لكارثة حي العوايسة محمد بالعمى، عبد الرزاق قرايفة، العيد صحرواي، بريك عبد المالك، فريتح بشير، في أنهم كلهم شباب في عمر الزهور وينحدرون من عائلات فقيرة دفعت بهم الحاجة وضعف ذات اليد وانعدام فرص التشغيل في ولاية الوادي إلى العمل في شركة صينية مكلفة بإنجاز شبكة صرف المياه القذرة في ولاية الوادي، بأجر زهيد قياسا إلى المخاطر التي يتعرضون لها يوميا جراء عملهم فيها، وكذلك للارتفاعات الجنونية في أسعار المواد الغذائية إذ لا تتعدى أجرة العامل شهريا 11 ألف دينار جزائري فقط. وقام العمال لأكثر من مرة بشن سلسلة من الإضرابات المختلفة من أجل تحسين أجورهم وظروف عملهم. وعند زيارة "الشروق اليومي" إلى عائلات الضحايا الخمسة، أجمع ذووهم على أن تتحمل الشركة الصينية مسؤوليتها المادية الكاملة تجاههم، خاصة أن مسؤولي الشركة الصينية لم يحضر أي منهم الجنازة المهيبة وقتها، التي شهدتها مقبرتا الرقيبة والدميثة. وهو الأمر الذي غاظ أقارب الضحايا كثيرا. ورغم مرور ثماني سنوات على الحادث إلا أن عوائل الضحايا لم يتلقوا أي تعويض كاف، لعله يساهم في التخفيف من جراحهم التي لم تندمل رغم مرور تلك السنون، ورغم مراسلات هؤلاء العديدة إلى السفارة الصينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.