وسط ترقب الدوري السعودي.. ميلان يضع بن ناصر على لائحة البيع    حنكة دبلوماسية..دور حكيم ثابت وقناعة راسخة للجزائر    أكنّ للجزائر وتاريخها العريق تقديرا خاصا..وكل الاحترام لجاليتها    مهرجان عنابة..عودة الفن السابع إلى مدينة الأدب والفنون    إبراز البعد الفني والتاريخي والوطني للشيخ عبد الكريم دالي    التراث الثقافي الجزائري واجهة الأمة ومستقبلها    مطالبات بتحقيقات مستقلّة في المقابر الجماعية بغزّة    تقرير دولي أسود ضد الاحتلال المغربي للصّحراء الغربية    استقالة متحدّثة باسم الخارجية الأمريكية من منصبها    تكوين 50 أستاذا وطالب دكتوراه في التّعليم المُتكامل    ثقافة مجتمعية أساسها احترام متبادل وتنافسية شريفة    العاصمة.. ديناميكية كبيرة في ترقية الفضاءات الرياضية    حريصون على تعزيز فرص الشباب وإبراز مواهبهم    وكالة الأمن الصحي..ثمرة اهتمام الرّئيس بصحّة المواطن    تحضيرات مُكثفة لإنجاح موسم الحصاد..عام خير    تسهيلات بالجملة للمستثمرين في النسيج والملابس الجاهزة    المسيلة..تسهيلات ومرافقة تامّة للفلاّحين    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    قال بفضل أدائها في مجال الإبداع وإنشاء المؤسسات،كمال بداري: جامعة بجاية أنشأت 200 مشروع اقتصادي وحققت 20 براءة اختراع    الشباب يبلغ نهائي الكأس    بونجاح يتوّج وبراهيمي وبن يطو يتألقان    خلافان يؤخّران إعلان انتقال مبابي    بعد إتمام إنجاز المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية وتحقيق الاستقلال التكنولوجي    سوناطراك تتعاون مع أوكيو    الأقصى في مرمى التدنيس    حكومة الاحتلال فوق القانون الدولي    غزّة ستعلّم جيلا جديدا    جراء الاحتلال الصهيوني المتواصل على قطاع غزة: ارتفاع عدد ضحايا العدوان إلى 34 ألفا و356 شهيدا    الأمير عبد القادر موضوع ملتقى وطني    باحثون يؤكدون ضرورة الإسراع في تسجيل التراث اللامادي الجزائري    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    بن طالب: تيسمسيلت أصبحت ولاية نموذجية    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    المدرب أرني سلوت مرشح بقوّة لخلافة كلوب    جامعة "عباس لغرور" بخنشلة: ملتقى وطني للمخطوطات في طبعته "الثالثة"    "العميد" يواجه بارادو وعينه على الاقتراب من اللّقب    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    أمن دائرة عين الطويلة توقيف شخص متورط القذف عبر الفايسبوك    سيدي بلعباس : المصلحة الولائية للأمن العمومي إحصاء 1515 مخالفة مرورية خلال مارس    أحزاب نفتقدها حتى خارج السرب..!؟    مشروع "بلدنا" لإنتاج الحليب المجفف: المرحلة الأولى للإنتاج ستبدأ خلال 2026    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    حوالي 42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    هلاك 44 شخصا وإصابة 197 آخرين بجروح    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    الجزائر العاصمة.. انفجار للغاز بمسكن بحي المالحة يخلف 22 جريحا    من 15 ماي إلى 31 ديسمبر المقبل : الإعلان عن رزنامة المعارض الوطنية للكتاب    المهرجان الوطني "سيرتا شو" تكريما للفنان عنتر هلال    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجريمة التي تغاضى عنها المسؤولون وألِفَها الجزائريون
سبّ الله جلّ وعلا..
نشر في الشروق اليومي يوم 07 - 12 - 2017

عندما تجرّأت بعض الجرائد في عدد من الدول الأوروبية وتطاولت على مقام سيّد الخلق عليه الصّلاة والسّلام، بكت العيون وهتفت الحناجر وزمجر الأئمّة على المنابر، وانتفض المسلمون في كثير من العواصم الإسلاميّة والعالمية، وخرجوا في مسيرات حاشدة تندّد بالفعلة النّكراء، وتَنادى النّاشطون على مواقع التّواصل الاجتماعي يدعون إلى شنّ حملاتِ مقاطعة لبضائع الدّول التي سمحت لتلك الجرائد بالإساءة إلى خير الخلق، وعلى الرّغم من أنّ بعض العلماء حاولوا إفشال تلك الحملات! إلا أنّها استطاعت التأثير على الدول المعنية، فاضطرّ بعضها إلى الاعتذار ووقف الإساءات.
وعندما تجرّأ بعض المفتونين وأعلنوا الوقيعة في عرض أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، انتفض العلماء والدّعاة، وأُعلِن عن حملات للدّفاع عن أمّ المؤمنين في الصّحف والقنوات، وأبدى المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ولاءهم لمن نطقت ببراءتها الآيات؛ وباء المتجرّئون بالصّغار وحاقت بهم اللّعنات.
لقد كان من الواجب أن ينتفض المسلمون لنصرة نبيّهم المصطفى عليه الصّلاة والسّلام، فهو يستحقّ أن يفدوه بأرواحهم وكلّ ما يملكون، وكان من الواجب أن يهبّوا لنصرة زوجة نبيّهم ويدفعوا عن عرضها سهام الحاقدين، لكنّ المفارقة التي ربّما يكون من الصّعب أن نجد لها تفسيرا، هي أنّ المسلمين لا يُبدون كثير اهتمام إذا تعلّق الأمر بسبّ الخالق جلّ في علاه، في بلاد المسلمين، وبألفاظ وكلمات تتفطّر لهولها السّماوات، وترجف لبشاعتها الكائنات.

منكر عمّ وطمّ
أيّ جريمة أعظم من أن يصبح سبّ الخالق –سبحانه- يجري على ألسنة النّاس صباح مساء وفي كلّ مكان؟ في الأسواق والشّوارع وأماكن اللّعب، وفي وسائل النّقل والإدارات والمدارس؟
في الملاعب يسبّ الإله إذا ضَيّع أحد اللاعبين فرصة لإحراز الهدف، ويسبّ إذا انحاز الحَكم إلى أحد الفريقين!. في الطّرقات يسبّ المولى سبحانه في إثر خلاف في الأولوية، أو اصطدام مفاجئ، أو زحام مؤقّت!. في الأسواق يسبّ العليّ الأعلى -جلّ شأنه- بسبب خلاف بين التّجّار حول الأماكن المحجوزة لعرض السّلع!، أو بسبب سوء تفاهم بين البائع والمشتري حول جودة السّلعة أو السّعر!
ماذا بعدما أصبح كثير من الشّباب لا يجد الواحد منهم ما يردّ به على من عكّر مزاجه إلا أن يسبّ الله جلّ شأنه، ولا يجد ما يعبّر به عن سخطه إذا حصل ما لا يعجبه إلا أن يحرّك لسانه بالتّطاول على خالقه سبحانه؟ بل ماذا بعدما صار بعض الشّباب يرون سبّ الإله سبحانه رجولة وقوة شخصية؟ وماذا بعدما أصبح بعض الآباء لا يجد الواحد منهم ما ينفّس به عن غضبه من زوجته وأولاده إلا أن يسبّ الخالق عزّ وجلّ؟ وماذا بعدما صار بعض المسؤولين لا يجدون من وسيلة لإظهار حزمهم وتقريع الموظّفين وتخويفهم إلا أن يسبّوا الواحد الأحد تقدّس شأنه؟ وماذا بعدما فُجعنا بأطفال في سنّ الثّالثة والرّابعة يتعلّمون سبّ الخالق سبحانه قبل أن يحفظوا الفاتحة، ويجري هذا المنكر على ألسنتهم عشرات المرّات كلّ يوم؟

سبّ الله تعالى أعظم من الإلحاد والتّثليث وقتل الأنبياء
عندما تحدّث المولى -تبارك وتعالى- عن النّصارى الذين زعموا له الولد -سبحانه- قال: ((وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا))؛ وصف نِسبة الولد له سبحانه بأنّها جريمة تكاد تنشقّ لهولها الأرض وتخرّ الجبال وتتفطّر السّماوات، فكيف بسبّه -جلّ وعلا- بأقذع الألفاظ وأحطّ الكلمات؟ إنّها والله الداهية الدّهياء، والمصيبة العظمى التي تُنسى أمامها كلّ المصائب، والجريمة التي تُنسِي غيرها من الجرائم؛ جريمة أعظم من جريمة الإلحاد، ومن جريمة التّثليث، ومن جريمة قتل الأنبياء وجرم سبّ الصّحابة والأولياء، ووالله لَهلاك المخلوقات وزوال الأرض والسّماوات، أهون من أن يسبّ ربّ البريات وتنطق الألسن في حقّه سبحانه بأقبح الكلمات.
إذا كان يُنظر إلى من يسبّ والديه على أنّه ارتكب جريمة بشعة، فكيف بمن يسبّ ربّه الذي خلقه وأنشأه ورعاه ورزقه ومتّعه بالصحّة والعافية؟
أيّ جرم أعظم من أن يتطاول على الخالق مخلوق ضعيف لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، ولا يمثّل شيئا في هذا الكون الفسيح الخاضع والخاشع بذراته للخالق جلّ في علاه؟ أيّ جريمة أعظم من أن يتطاول المخلوق على الخالق الرّازق الذي بيده ملكوت السّماوات والأرض؟ أيّ جريمة أعظم وأشنع من أن يسبّ الخالق سبحانه بألفاظ وعبارات يستحي العبد أن يسمعها تقال في حقّ مخلوق من المخلوقين؟

الأحكام المترتّبة على سبّ الله جلّ وعلا
اتفق الفقهاء على أن من سبّ الله- تعالى- كفَر كفْرا أكبر، سواء كان مازحا أو جادا أو مستهزئا، واستندوا في ذلك إلى قول الله تعالى: ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)). يقول الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: "قد أجمع العلماء على أنّ مَن سبّ اللهَ عزّ وجلّ، أو سبّ رسوله صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم، أو دفَع شيئًا أنزله اللهُ، أو قتل نبيًّا من أنبياء الله، وهو مع ذلك مُقِرٌّ بما أنزل اللهُ، أنّه كافر" (التمهيد لابن عبد البرّ: 4/ 226).
وقد أجمع أئمّة الإسلام على أنّه يجب على الحاكم أن يقيم الحدّ قتلا على من سبّ الله تعالى، إلا أن يُعلن التّوبة ويظهر النّدم ويتعهّد بعدم العودة، ويصف الله -تعالى- بما يستحقّ من صفات التعظيم، فإنْ فعل ذلك جاز إسقاط حدّ القتل عنه، مع تعزيره تعزيرا شديدا يردعه ويردع غيره عن التّطاول على مقام الخالق سبحانه.
ومن سبّ الله –سبحانه وتعالى- حبط عمله كلّه، صلاته وصومه وصدقاته وحجّه، ومُحيت حسناته كلّها، وقد أفتى الإمام مالك –رحمه الله- أنّ من سبّ الله تعالى ثمّ تاب، وجب عليه أن يعيد حجّة الإسلام إن كان حجّ من قبل.
ومن سبّ الله حرمت عليه زوجته، ووجب على الحاكم أن يفرّق بينهما، فإن تاب قبل انقضاء عدّتها أمكنه إرجاعها، وإلا بانت منه.

لا بدّ من هَبّة لوقف هذا المنكر
لقد فشا هذا المنكر الوبيل في مجتمعنا، وأصبح أمرا مألوفا عند كثير من النّاس، ولم تعد الألسن تنكره ولا القلوب تستشنعه، ما أغرى بعض المنسوبين إلى الإعلام والفنّ بتقديمه على أنّه جزء من الثقافة الجزائرية والثّقافة المجتمعيّة، وحمل بعض المتساهلين على التّهوين من شأنه، وغدا من يسبّ الخالق –سبحانه- ينظر إليه كمن يسبّ مخلوقا من المخلوقين!
لأجل كلّ هذا فقد أصبح متعيّنا على الأئمّة والخطباء أن يعودوا من حين لآخر لتحذير النّاس خطرَ هذا المنكر الوبيل، وهولَ هذه الجريمة المنكرة، ويبيّنوا لهم الأحكام المترتبة على الانحدار إلى هذا الدّرك السّحيق، درك التّطاول على خالق الكائنات وقيوم الأرض والسّماوات، وصار لزاما على البرلمانيين الغيورين على دينهم أن يضغطوا لتعزيز القوانين الرّادعة عن التّطاول على ثوابت الدّين عموما وعن سبّ الله ودينه ورسوله خصوصا، فليس معقولا في بلد ينصّ دستوره أنّ الإسلام دين الدّولة، أن يُتعامل بكلّ حزم مع من يجترئ على الثّوابت الوطنيّة، وتسلّط عليه أشدّ العقوبات، في مقابل التّساهل مع المجترئين على الثوابت الدّينيّة!.
إنّ باطن الأرض أولى بنا من ظهرها إذا لم ترجف قلوبنا وتتمعّر وجوهنا وتتحرّك ألسنتنا بإنكار سبّ مولانا وخالقنا ورازقنا، ومن بيده محيانا ومماتنا سبحانه. إنّ الله يمهل ولا يهمل، وسننه في الانتقام من المتطاولين عليه وعلى أنبيائه ورسله وأوليائه ماضية ولا تحابي أحدا، وإذا حاقت بقوم فإنّها تأخذ الظّالم والرّاضي والسّاكت. نسأل الله السّلامة والعفو والعافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.