يجري هذه الأيام بجامعة "الدكتور يحيى فارس" في المدية؛ التحضير للدورة الأولى لملتقى وطني يندرج في إطار تنشيط الحياة العلمية والثقافية بالجامعة. وتسير التحضيرات، حسب المنظمين، بجدية تامة، وفقا للخطوات المرسومة والمدروسة من أجل إنجاح هذا الموعد الذي ينظم بالموازاة مع الاحتفالات المخلدة للذكرى ال60 لاندلاع الثورة التحريرية، ومع اقتراب العرس العلمي المقرر تنظيمه في ال 25 و26 فيفري القادم يرفع المنظمون التحدي من أجل الوصول إلى الغاية المثلى التي تؤطر الرؤية العامة للملتقى، وتصب في تحقيق العملية التواصلية التي يشرف على إنجاحها لجنة عملية مكونة من عدد من الخبراء ذوي الكفاءة العالية في التعاطي مع الظاهرة الصوفية وتتكون اللجنة العلمية للملتقى من الأساتذة الباحثين "الحواس مسعودي، مبارك تركي، محمد بن بريكة، فاتح علاق، حميدي خميسي، رشيد سعادة، مفتاح بن عروس من جامعة الجزائر، (أبو القاسم سعد الله) والأستاذ بوزيد بومدين (إطار بوزارة الشؤون الدينية) والأستاذ ياسين بن عبيد (جامعة فرحات عباس سطيف) والأستاذ عيادي سعيد (جامعة البليدة 2) والأستاذة آمنة بلعلى (جامعة مولود معمري تيزي)". ويعد الكشف عن محورية الممارسة العرفانية، وتسليط الضوء على محوريتها في مدونة التأليف الإنساني، من أهم أهداف الملتقى، ومن أهم القضايا التي تعني الباحثين في الوقت الحالي، بعد الخيبات التي آلت إليها التيارات العلمية، في السمو بملايين البشر التي كلفها الإيمان بالقداسة المطلقة للعقل على حساب الروح ضريبة باهظة قدرت بدماء الملايين من الشعوب. من ناحية أخرى، توضح أرضية الملتقى أن العالم لا يمكن أن ينسى ما دفعه خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، إضافة إلى الحروب التي تبعتها ولا تزال متواصلة إلى حد الآن في أوربا الشرقية والشام والعراق وفلسطين والقرن الإفريقي وكثير من نقاط الصدام في القارة السمراء بسبب قيم تستمد حضورها من خطابات تنبري في أدبياتها العامة على الإقصاء التام لقضايا الروح. ومن هنا تبرز الحاجة الكبرى إلى إعادة صياغات الإنسان الفكرية بالعمل على صياغة الخطاب التربوي والتوجيهي في التعليم وفي المساجد وفي مختلف القطاعات، إضافة إلى القطاع الرسمي، بالشكل الذي يكون أكثر وظيفية، وأكثر فاعلية في صياغة وصناعة مشاريع المحبة والسلام، وهذا قاد إلى الوعي بأهمية التصوف والممارسة الصوفية كقضية محورية في الاضطلاع بدورها في إعادة ترميم أحلام الجماهير، خصوصا بعدما تحولت إلى مشروع نخبوي، كل واحد ينهل منه بطريقة ما. وللتدليل على هذا تستند أرضية الملتقى على سياق عام من الشواهد في العالم العربي انطلق من خمسينيات القرن الماضي لما وضع أدونيس عنوان "المواقف" لدورية تعنى بالإبداع، تيمنا بكتاب المواقف والمخاطبات للنفري الذي قدمه أدونيس على أنه مثال قديم على تجربة جديدة، يمكن أن تفيد العناية بها إعطاء هاجس الحداثة دفعا قويا يخلصها من التيه الذي أحدثه فيها الاحتكاك العربي المبدع بالزخم الثقافي في المجتمع الأوروبي، كما تثير بموازاة ذلك أفضال الأمير عبد القادر الجزائري في صناعة الحدث، تأكيدا على سلامة الخيار وقداسته فيما قدمه من دفع قوي للسلام ساهم في إنقاذ آلاف المسيحيين من مذبحة وشيكة في الشام. وتتشكل لجنة تنظيم الملتقى من الأساتذة: زغذار أحمد الرئيس الشرفي للملتقى ورئيس جامعة المدية، ومحمد بن حجر مدير الملتقى ومفتاح بخوش ومسعود ناهلية وبلقاسمي رابح.