اليمين المتطرف المعادي للمسلمين والعرب يحل في موقع جيد حققت المعارضة اليمينية في فرنسا بقيادة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي فوزا كبيرا في الانتخابات الإقليمية التي جرت دورتها الثانية الأحد وحقق فيها اليمين المتطرف مزيدا من التقدم. ومني الحزب الاشتراكي الحاكم منذ 2012 بهزيمة قاسية في حين فاز حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" بزعامة ساركوزي وحلفاؤه الوسطيون في "اتحاد الديمقراطيين والمستقلين" ب66 دائرة من أصل 101 دائرة بحسب نتائج جمعتها وكالة الأنباء الفرنسية. وبالمقابل فاز اليسار ب33 دائرة في حين لا تزال هناك دائرة واحدة هي فوكلوز "جنوب" لم تحسم فيها النتيجة. وبالتالي أفضى النهار الانتخابي الطويل إلى انتقال 25 دائرة من كفة اليسار إلى كفة اليمين في حين أن دائرة واحدة فقط هي لوزير "جنوب" سلكت الاتجاه المعاكس. كما أن حزب "الجبهة الوطنية"، يمين متطرف، فاز بالعديد من المقاعد في نتيجة وصفتها زعيمة الحزب مارين لوبان ب"النجاح الرائع" الذي يشكل "دعامة لانتصارات الغد"، منوهة ب"المستوى الانتخابي الاستثنائي" لحزبها، غير أن الحزب اليميني المتطرف لم يتمكن من تحقيق وعده بالفوز بإدارة إقليم واحد على الأقل في هذه الانتخابات، بحسب نتائج الاستطلاعات. وأقر بهذا الأمر المسؤول الثاني في الحزب فلوريان فيليبو. وكانت الجبهة الوطنية تأمل أن تحقق في هذه الانتخابات حلمها بالفوز لأول مرة في تاريخها بإدارة أحد أقاليم البلاد، معتبرة أن إمكانية تحقيق هذا الحلم أمر وارد جدا في إقليم فوكلوز "جنوب"، حيث المعقل الانتخابي لماريون ماريشال-لوبان النجم الصاعد في الحزب وابنة شقيقة زعيمته. ولو تمكنت الجبهة الوطنية من انتزاع إدارة هذا الإقليم لكانت ستحقق فوزا تاريخيا آخر بعد ذلك الذي حققته في الانتخابات البلدية ثم الانتخابات الأوروبية في 2014. واعتبرت هذه الانتخابات بمثابة آخر اختبار للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 2017 قبل انتخابات المناطق المقررة في نهاية 2015. وحتى هذه الانتخابات كانت حصة اليسار 61 دائرة مقابل 40 دائرة لليمين. ومن أبرز الأقاليم التي خسرها الحزب الاشتراكي لمصلحة اليمين إقليم كوريز "جنوب غرب"، دائرة الرئيس فرانسوا هولاند، وإقليم إيسون "قرب باريس" ومعقل رئيس الوزراء مانويل فالس. من ناحية أخرى، أكد حضور اليمين المتطرف في الأرياف والمشهد السياسي الذي تميز طويلا بمواجهة بين اليمين واليسار، أن فرنسا دخلت عهد الأقطاب الثلاثة. وفي الدورة الأولى بدا اليسار مشرذما فيما رفض اليسار المتطرف وأنصار البيئة دعم حكومة اشتراكية تعتبر سياستها ليبرالية للغاية. وهذا التشرذم صب في مصلحة المعارضة اليمينية، أي "الاتحاد من أجل حركة شعبية" الحليف لحزب يمين الوسط "اتحاد الديمقراطيين والمستقلين" الذي سجل تقدما واضحا في الدورة الأولى بحصوله على 28,75% من الأصوات مقابل 21,47% للحزب الاشتراكي. وكان لمح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى أنه لن يغير من سياسته بعد الاقتراع وأن مانويل فالس سيبقى في منصب رئيس الوزراء.