سايحي يعقد جلسة عمل ضمت إطارات الإدارة المركزية:تعليمات بتجسيد الرقمنة وعقلنة النفقات وترقية الخدمة العمومية    "على المجتمع الدولي تقديم شيء أفضل للفلسطينيين"..مصطفى البرغوثي: الاعتراف بدولة فلسطين لفتة رمزية فارغة    جدد إنذاره بإخلاء المدينة..جيش الاحتلال يقتل 30 فلسطينيا في غزة    الوزير الأول يعاين مشروع نهائي الحاويات بميناء جن-جن ويدشن مركبًا صناعيًا بجيجل    المناجم في قلب الاستراتيجية الوطنية للتنويع الاقتصادي    تنصيب ثلاث لجان مركزية لإطلاق ورشات إصلاح المنظومة القانونية لقطاع الشباب    افتتاح الموسم الجامعي 2025-2026 بجامعات الشرق: تخصصات جديدة وملحقات للأساتذة وتعزيز المرافق البيداغوجية    وزير المجاهدين يشرف على إحياء الذكرى السبعين لمعركة الجرف الكبرى بتبسة    توزيع إعانات مالية لفائدة 2458 أسرة بالعاصمة بمناسبة الدخول المدرسي    وزير الاتصال يتفقد عدداً من المؤسسات الإعلامية    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 65344 شهيدا و166795 مصابا    الأسرة الثورية تشيد بالعناية الرئاسية    ناصري يؤكد عزم الدولة    جلاوي يأمر بتشكيل لجنة مركزية    رزّيق يفتح ملف التصدير والاستيراد    لا بديل عن احترام إرادة الصحراويين    سجّاتي سعيد    المولودية تتعادل والشبيبة تفوز    هذه قائمة المرشّحين الثلاثين للتتويج..    افتتاح المعرض الدولي للواجهات والنوافذ والأبواب    مولوجي تعطي إشارة انطلاق السنة الدراسية    أمطار مرتقبة بعدة ولايات ابتداء من يوم الإثنين    جيجل: الوزير الأول يشرف على تدشين مركب سحق البذور الزيتية واستخلاص الزيوت النباتية    بلمهدي يستقبل بلقايد    أسطول الصمود العالمي" يبحر جماعيا نحو قطاع غزة"    هلاك 4 أشخاص وإصابة 222 آخرين    حجز حوالي 6 كغ من اللحوم والمرطبات الفاسدة    القطاع سينظم مستقبلا مسابقة لتوظيف 45 ألف أستاذ    ضرورة تضافر الجهود والتنسيق التام بين أعضاء الطاقم الحكومي    البرتغال تعلن الاعتراف رسميا بدولة فلسطين    انضمام الجزائر إلى "أيبا" منصة جديدة لإسماع صوت إفريقيا    الجزائر تحصد نجاحات دبلوماسية جديدة    عادل بولبينة يستهدف لقب هداف البطولة القطرية    "الموب" يؤكد صحوته و ينفرد بالريادة    نزيف النقاط ب"بوعقل" يبدأ أمام الأبيار    الهلال الأحمر يوزّع 3 آلاف محفظة مدرسية    "السفنج" أو "الخفاف".. فأل خير بسنة موفقة    كاميرات المراقبة والمعاملة الجيدة شروط الأم عند اختيار الروضة    هذه مواقيت سير القطار الليلي الجزائر – وهران – تلمسان    التحاق 240741 تلميذ بمقاعد الدراسة    "حضرة وديوان"... تكريم وتجديد    تحرير للعقل وتفصيل في مشروع الأمير عبد القادر النهضوي    المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة : محطات طربية ماتعة في السهرة الافتتاحية    عرض شرفي أول بقاعة سينماتيك الجزائر "عشاق الجزائر" .. قصة إنسانية بخلفية تاريخية    الكونغو الديمقراطية : تفشي "إيبولا" عبء إضافي يُفاقم أزمة البلاد    افتتاح الموسم الثقافي الجديد بعنابة تحت شعار "فن يولد وإبداع يتجدد"    ناصري يهنئ جمال سجاتي المتوج بميدالية فضية في سباق 800 متر بطوكيو    تثمين دور الزوايا في المحافظة على المرجعية الدينية الوطنية    العاب القوى مونديال- 2025 /نهائي سباق 800 م/ : "سعيد بإهدائي الجزائر الميدالية الفضية"    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس تحاول منذ تأسيسها إيجاد مسار ديمقراطي ولم يحالفها الحظ
نشر في البلاد أون لاين يوم 07 - 07 - 2015

الواقع الراهن أنتج عقلية متشائمة سحبت ظلالها على كل شيء
كان اللقاءُ بهاَ مليئاَ بالحكايات والوشوشات الجميلة.. يشبهُ تماماَ ترنيماتها المُغردة على ضِفاف تُونس العميقة حُباَ ونبضا. جدائلُ حُروفها لاتزالُ مُتمسّكة باليقين.. إذْ يجعلُ من لحظة الميلاد ملاذا آخر لمُمارسة الكتابة بوعي.. والتي هي بالعادة في نُمومُستمرٍ بأرواحناَ على شاكلة ِنُصوصٍ جدُ مغمُورةَ بالعطاء ..ذلك الذي يأتي إليناَ مُحمّلا بدلالات وأبعادٍ مُختلفة.. نُصوصٌ أبت الشاعرة والأديبة شادية القاسمي إلاّ أن تُغلفهاَ بوهجٍ أنيق البوح يصعبُ على كُل من يُعانقُ شذاهُ أن يُغادرهُ ..
كيف ترسمُ الكاتبة والشاعرة شادية بداياتها.. أي بُرهة الإحساس بلذة الكلمات.. ومن هي هذه الكاتبة التي تعمل على أكثر من مسار؟
للبدء لذة مغايرة وللبدء رغبة في تشكيل الخام حيث يكون الحبر دما يرسم اللغة في ثنايا العظام وسفر مجنون في دروب الرسم مذ نولد ونحن نتلذذ طعم اللغة حين نتعلمها من الآخر ونرسم الأبجدية على ألسنة متعثرة تقلب الحروف وتبعثر القاموس فتحدث لذة البداية ويكون الطفل تلميذا يحصّل دروسه اليومية من تلاوين غيره ويلتقط درر التعبير من محيطه..
كانت بداية حزينة ربما لأنني تحملت مسؤولية رسم معاناة أم أمية وأب مهاجر منذ عرفت الكتابة ظنت أمي أنني قادرة على نقل ما تريد قوله في رسائل مطولة وكنت لا أريد أن أخذلها فآليت على نفسي أن أحمل خطابها بكلماتي وأبحث كي لا تفاجئني بكلمات لا أعرفها وكم كان ذلك كثيرا ما يحصل - لذا ولّدت فيّ حب العربية ولذة الكتابة عندما يثمن والدي ما حبّرته كانت لحظات ولادة عسيرة للغة طفلة متعثرة في الكتابة لكنها طموحة في التّعبير.. كنت أيامها في سنتي الأولى ابتدائي لم تكن وقتها أمي تعلم أنها ورغم أميتها تدعم تكويني في النسخ والإملاء والتعبير.. أطال الله في عمري أبي وأمي.
لا شك أن في مسار شادية الأدبي والفكري محطاتٌ إبداعية بارزة شدّت إليها أوسع من سواها للتأمل فيها غورا.. حبذا لوتحدثينا عن ذلك..
لكل منا لحظات فارقة تخلق فينا بعدا مغايرا وتشكل طينا مختلفا وتوجه اتجاهاتنا صوب الذرى والقمم والإنسان مازال مفتونا بالبعيد يمر بمحطات تصوّب دربه وتنقله إلي أفق جديد وقد لا يمكن التفطن للتأثيرات التي تشكل وعي الكاتب لأنه يمر دوما بمثيرات ومحفزات عليها تتهندس لحظاته الإبداعية وكثيرة هي الأسباب التي بنت روحي ومرّ قلمي بمحطات كثيرة بعضها يدفعه للمضيّ إلي الأمام وأخرى تعيده إلي البدء وفي الأخير ينتصر الدفع مستنيرا بقبس الآتي.. على أناشيد السياب وهو ينادي الخليج والخليج يردد الصدى على نقرات دنقل وتعرجات الحارة في زقاق المِدَقّ يحط محفوظ نقاط العسل وبين شباك الصّياد في الاسكندرونة يحفر ياطر مينة أخاديده في ذاتي ..
من هو في رأيك الشخص المثقف.. وهل يتصادمُ فعلا ب "حسابات ضيّقة" بمُجتمعنا العربي خلال توظيف دوره به؟
المثقف هو الشخص الممتلئ بذاته العارف لمساراته كائن يحمل الاختلاف في جيناته ليصنع المنشود ويرسم بريشته وقلمه وصوته يوما بلا نظائر لكنه ربما في اغلب الحالات تخلى عن دوره التبشيري بالاتي وتشرنق مبتعدا عن أداء دور فعال في مجتمعه ومحيطه محبطا على الدوام متشائما باستمرار مما سهل اختراقه وتوظيفه لأداء أدوار لا تليق بمهماته الأساسية ودوره التاريخي .
ما هو تقييمك بشكل عامّ، لدور المثقّف العربي في مجتمعه، وهل حقّا يقوم بواجبه أم أنّ دوره وحُضورهُ يكاد يكون رقما بالنُخبة فقط؟
دور المثقف الحق هو تسليط عين واعية على الراهن الإشارة إلي بؤر الفراغ والتهميش وسدّها إنارة العقل المظلم وتفتيت العقول المتحجرة مهمته تليين المتكلس في مجتمعه ومحاولة بث روح جديدة في طاحونة الشيء المعتاد.. وقلة قليلة من ينطبق عليه التعريف المثقف ليس فقط جهازا معلوماتيا وتكوينا أكاديميا فحسب بل هو منارة أدبية وخُلقية وشحنة من المبادئ التي لا تتناقض ظاهرا وباطنا ليكون مرجعا صحيحا لا مجرد رقم في لوائح الأسماء التي تعج بها الساحات.. يكون عددا بارزا في نخبة حقيقية لا نخبة صنيعة حسابات وواقع متأزم.
ما هو رأيك في المثقّف التونسي بشكل خاص؛ خُصوصا في الغزل مع السّلطة الحاكمة، ومحاولة نفاقها والدّفاع عنها، وهل هذا العمل مقبول منه؟
في تعريفي للمثقف الحق هو العقل اليقظ على الدوام هو العقل الناقد الذي لا يكون راضيا عن واقع ولا مستكينا لسياسة ما ولا لصيقا لسلطة لان الانتماء السياسوي دوما مكبل للكلمة والحرية التي يطمح إلي الوصول إليها في كل تمظهراته الثقافية لأن أدب البلاطات منذ القديم لم ينتج ثقافة محرّرة متحررة بل قام على الإرضاء والنفاق وكان دائلا مع الدولة زائلا مع انكشاف التغييرات السياسية.. عقليات الشعوب لا تسمح إلا باستمرار الفكر الذي عاضدها وعبر عن همومها لا عن مشاغل السياسي
ما هي أزمة المُثقف العربي التي يعيشها ويعاني منها ولماذا لا يظهرُ بالسّاحات العربيّة بكل القوّة والهمّة التي يدعُو لها؟
أنتج الواقع الراهن عقلية متشائمة سحبت ظلالها على كل شيء وتسللت إلى كل شيء مما أنتج أزمة علق في معابرها المواطن والمثقف على حد سواء التهميش الذي يطال الفرد في أوطاننا العربية يمس بأشكال مختلفة المثقف فلم يعد العصر عصر نخب مثقفة بقدر ما هو عصر حسابات مكتنزة وقدرات اقتصادية فاعلة فحشر المثقف في رفوف النسيان ووجد صعوبة في التعبير عن نفسه أو إيصال فكره خاصة إذا واجه صعوبات النشر والإعلام والدعم.
إلى أي مدى طغى "المُتخيل"على الواقع بمُختلف الكتابات الأدبية التي تُولد مؤخرا بالأوساط الأدبية العربية؟
يحاول أن يجد المثقف عالما موازيا للواقع المتأزم الذي يحياه ولذة الكتابة في ما قرب للكذبة وابتعد عن الواقع لان الكتابة تعبير عن المتخيل المنشود دوما لكن لا يمنع ذلك من دأب على التعبير عن أزمات الراهن وهشاشة الموجود حينا وصلابته أحيانا أخرى فلواقعنا جمال نعيشه في تنوع تجلياته وحريّ بالكاتب أن يكون مؤرخا للحظات طفرة في حلقات زمانه وينقل وجهة نظره ورؤيته للواقع الذي تتحرك فيه مجراته .
ككاتبة وشاعرة تُونسية لها دورٌ بالنُخبة المثقفة.. هل ترين أن الديمقراطية مسار بدأ يشيعُ بتونس، وهل تعتبرين برأيك أن التعددية السياسية قد قمعت هذا المفهوم؟
منذ تأسيسها وتونس تحاول إيجاد مسار ديمقراطي ربما لم يحالفها الحظ في ساسة يخدمون الوطن كما يرتجى لكن في الكواليس أبناء دافعوا بشراسة عن حرمة الوطن وعانوا من اجل فرض التعدد والحريات والتعددية تخلق فرص تنوع وهات النظر وتعدد الخطابات السياسية التي من شأنها في تصادمها أن تجد خطابا تكون فيه مصبحة البلاد.. ومن أركان الديمقراطية التعدد والحريات والوقوف ضد أي نوع من القمع بمختلف أشكاله الظاهرة أو الخفية.
هل سنرى لاحقا بكتاباتك رسالة تسعى لتوظيف الماضي وإسقاطه على الحاضر من أجل وأدِ الفتن العرقية والطائفية مثلا التي بدأت تغزو عالمنا العربي؟
التاريخ مجال زاخر ويمكن استغلاله للكتابة وفي تونس لا يمكن الحديث عن فتن عرقية أو طائفية لأننا بلد نتوحد بالإسلام والمذهب وحتى بظهور بعض الأصوات التي تشير للاما زيغ وتهميشهم في تونس أو بعض المظاهر العنصرية ضد السود في تونس إلا أنها سريعا ما خمدت لأن التونسي أذكى من هذه الخطابات التي تسعى إلى تشتيت صفه ومنذ القديم ونحن شعب واحد لا تفرقنا بعض السلوكيات المنفردة أو المعزولة والوعي قائم.. إننا مجتمعون تحت راية علم واحد فلا يفرقنا لون ولا أصل ومعتقد.
في ديوانك "للنّهر ترنيمة مرّة"، إشارات واضحة لانتفاضة المرأة العربية وتطلُعاتها على مشاهد الحياة الأخرى التي تُعبرُ عنها، فهل هذا انحياز إلى الجُرأة والتوثيق؟
ما يزال صراع المرأة قائما أمام كثير من العقليات والأفكار التي تصنفها بشرا بمنزلة ثانوية خالعين عنها الكثير من الميزات التي تؤكد صناعتها للتاريخ وللإنسانية لذا تتململ دوما منتفضة كي تصرخ في وجه جاحدي دورها ومقزمي عملها.. لذا انتصر للمرأة دوما كي تكون.. كي تَتَحقق كما هي.. كي تُحَقق ماهية الإنسان فيها فنتخلى نهائيا عن التمييز الجنسي بين المرأة والرجل ونرتقي ونتجاوز إلي التعريف بالإنسان.
أيهم أقرب إلى شادية؛ الكتابة الشعرية أو الكتابة القصصية الروائية؟
تنتاب الكاتب حالات بوح لا تنتهي فتترجم أحيانا إلي شعر وأخرى إلي نثر وصد لا يستطيع تحديد مسار الكتابة مهما بلغ من صناعة الأدب كما قال ابن رشيق لان الكتابة حالة.. حالة تشق غيم السكون لترقد في بياض الورق.. حالة غير محددة المعالم ولا زمن لها كوحي يتشكل في عمق الكاتب..
حالة يحمله جنيّ مسحور لا يعرف اختيار الوقت والمكان.. حالة تشبه الولادة والموت والبعث والانتفاض من غبار والتخلص من أصفاد.. حالة تحرر قصوى وتمدد في اللازمان واللا مكان فقط بينك وبين الحبر سرّ يشاع وخبر ينتشر.. وينتهي عندي النص بوحا يختار نفسه يزرعني مرة في فيافي النثر والقصّ فأرحل حينا في القصة وأخرى في القصيدة.
ماهي رسالتك إلى جيل القادم؟
اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ.. تنفس حياة واصنع لنفسك باخرة الأفق ملك للجميع والبحر مصنع للأسرار "خلقت طليقا كطيف النسيم وحرا كنور الضحى في سماه.. تغرد كالطير أين اندفعت وتشدو بما شاء وحي الإله".. هي كلمات لأبي القاسم الشابي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.