ليس جديدا أن ترفع بعض الأحزاب المغربية المحسوبة على تجارة المخدرات وإنتاجها في الريف، شعار الصحراء الشرقية، في إشارة إلى بعض المناطق الجزائرية التي ظلت محل أطماع تاريخية تعود إلى الحقبة العثمانية، فقد دأب ملوك المغرب على تحريض سلاطين الدولة العثمانية على سكان المناطق الغربية والجنوب الغربي، الذين كانوا يهبون من أجل رد المحاولات المغربية المدعومة من قبل سلاطين المغرب لاقتطاع أجزاء من أراضيهم. وتشير مراسلات تاريخية سبق وأن نشرتها بعض المواقع المغربية أن الجيش الانكشاري سبق له التدخل في غرب وجنوب غرب الجزائر لقمع الجزائريين الذين ثاروا على قوافل الجنود المغاربة الذين أرسلهم سلاطين المغرب في محاولة للاستيلاء على الأراضي الجزائرية، وتم قمع تلك المحاولات بتدخل العثمانيين بعنف لا مثيل له. هذه الخلفية التاريخية لا تزال تحكم بعض الأحزاب المغربية مثل حزب الاستقلال، المنغمس في أتون حرب المخدرات على الجزائر، وهو أكثر الأحزب موالاة للقصر وعداء للجزائر، إذ يرى أن حدود المغرب تبدأ من غرب وهران إلى غاية بشار وتندوف، وهي أطروحات تترجم العداء المغربي التاريخي للجزائر، عداء واضح في تاريخنا الحديث عندما تخلى المغاربة عن الأمير عبد القادر، وعملوا على حصاره من أجل تسليمه للفرنسيين، وهو الذي قال شعرا قاسيا بحق خيانة المغاربة له في ذلك الوقت. لقد رفع حزب الاستقلال المغربي بدعم واضح ومباشر من المخزن، مطالب الصحراء الشرقية، وهي مطالب مردود عليها، لكن شعاره يعكس حجم العداء المبيت للجزائر، مثلما يترجم محاولة فاشلة لتغييرالنقاش من ملف الصحراء الغربية وتصفية الاستعمار في القارة السمراء إلى مسألة هي أضغاث أحلام في مخيلة حزب الاستقلال الذي لا يزال يعتقد بوجود الجيوش الانكشارية التي ستقمع الجزائريين إن هم أرادوا الدفاع عن أراضيهم، وتم رفع تلك المطالب والرايات في مسيرة الرباط الأحد الماضي التي عكست هلع مغربي رسمي، حيث طار الملك محمد السادس إلى موسكو التي استقبله فيها شخصية من الدرجة الثالثة في سلم المسؤوليات في روسيا، مثلما طار وفد مغربي بقيادة وزير الخارجية يوم الاثنين إلى نيويورك، لمقابلة الأمين العام للأمم المتحدة الذي وبخ المغرب على تحريضه. كما طار وفد من مجلس الاستشاريين المغاربة إلى العاصمة البريطانية لندن لهذا الغرض. كما تم تحريك السفارات البعثات الديبلوماسية المغربية في الخارج في محاولة لامتصاص صدمة أن الأممالمتحدة أصبحت اليوم لا تخشى وصف الوضع في الصحراء الغربية بالاحتلال، وأن مقترح الحكم الذاتي كذبة مغربية، بل بهتان غير قابل للتجسيد على أساس أن المسألة تتعلق بمستقبل الشعب الصحراوي الذي لو كان مرتاحا تحت الراية المغربية لما طالب بالاستقلال والحق في تقرير مصيره بنفسه.