ولد المصور اللبناني ميشيل الناشف عام 1936 في قرية جون، قضاء الشوف، في لبنان، لم يتلق أيّ دراسة أكاديمية في فن التصوير، عمل في المغرب مدة خمسة وعشرين عاما في وزارة السكنى والتعمير، قسم الأرشيف، وتنقل بين مدن مغربية عدة، تطوان، طنجة، سلا، الرباط، مكناس، فاس، الجديدة، مراكش والصويرة.. وقد اعتمد الناشف على موهبته في صوغ تجربته الفريدة، التي يميّزها انعدام المسافة بينه وبين نتاجه الفوتوغرافي. فهو يمزج ما بين وظائف عينه وعدسته، ويريد أن يوحي، بعفوية دونما تكلف أو قصد وادّعاء، إلّا أن عدسة كاميراه هي في الحقيقة عينه بالذات. الكمّ الكبير من الصور التي التقطها المصوّر اللبناني ميشيل الناشف لا تعني وقوعه في التشابه والتكرار، فكل صورة لها عالمها الروحي الخاص، الذي يحيل على صفائه الداخلي الذي يتأتى من الزهد في كل شيء. ولا تعود للفنان إلا جماليات عابرة لا تقدّر بثمن بالنسبة إليه. صوره تعود إليه ولا تذكّر بأحد غيره، فالناشف له أسلوبه وبصمته الشخصية، نظرته ترفع الواقعي إلى مقامات عليا فيطفح بالجماليات السحرية، إن ننظر إلى صوره نشعر بعمق حساسيته، وبنظرته إلى المشهد من منطقة عميقة في داخله، وتتجلى خصوصية الفنان في اتصاف ألبوماته بوحدة ما، تنقلنا إلى تجربة مكتملة، ولا يخفى ذلك على كل من ينظر إلى صوره المحملة بزهد وتقشف يحيلان على شخصه أيضا. عن دخوله إلى عالم التصوير، وإن كان قد اتبع مسيرة أكاديمية ما، يقول ميشيل الناشف "لم أدرس التصوير في الجامعة، بل تعلمته وحيدا، وذلك بالنظر إلى أعمال المصوّرين الكبار، وقراءة مقدمات كتالوغاتهم ورؤية ما تيسر من معارضهم، والآن عندما أذهب إلى مدينة كبرى، أحرص على معرفة المعارض الفوتوغرافية التي يجب أن أزورها، وأكون على علم بأسماء المصورين الذين عليّ أن أطلع على تجاربهم". يؤكد الناشف أنه يحب المصورين الأميركيين، الذين يعتبرهم أساتذته، ويذكر هنا أنسل أدمس، و دوريتا لانج، التي صوّرت مشاهد مذهلة من الغرب الأميركي، أيضا يستحضر الفرنسي هنري كارتييه بريسونز، وروبيرت ديزنو وديوزيد الذي التقط صورا جميلة جدا في إسبانيا، وبوبات وصوره عن فلسطين، وآخرين. بالنظر إلى أعمال هؤلاء يقرّ الناشف أنه تعلم التصوير، وتطوّرت تجربته انطلاقا مما رآه لديهم وما قرأه عنهم. أغلب الصور التي التقطتها عدسة ميشيل الناشف يستخدم فيها الأبيض والأسود، فهو يؤكد عشقه للونين الأبيض والأسود في التصوير، فهما لونان مريحان بالنسبة إليه، يوضح قائلا "في تاريخ الفن فنانون كبار لم يرسموا إلا بالأبيض والأسود، أحد الفنانين الكبار يزعم أن الأسود يمتصّ كل الألوان فيحتويها، فيزيائيا هذا الكلام صحيح، هناك عدد لا نهائي يخرج من تدرجات الأبيض والأسود، إذا كان هذا يصحّ في الفن التشكيلي فهو يصحّ أيضا في التصوير الفوتوغرافي". جزء كبير من الصور التي التقطتها عدسة ميشيل الناشف، تتناول البربر والأمازيغ، عن دافعه إلى تصويرهم، دون غيرهم من سكان المغرب، يجيب "ربما يعود السبب إلى عشقي للحضارات القديمة، التي ننحدر منها جميعا، نحن أبناء هذه المنطقة، كالحضارة الفينيقية والأمازيغية والبربرية، والمصرية والإيرانية، والعربية؛ هذا ليس تنكرا للحضارة الإسلامية". ويضيف "لم يكن البربر والأمازيغ مسلمين، لكنهم تأثروا بالمسيحيين الأوائل، واليهودية من قبل، لم يكن هناك تشابه بين المسيحية واليهودية في دخولهما إلى المغرب، المسيحية كانت بقرطاج في تونس، ومن هناك دخلت المسيحية إلى جنوب المغرب. أما اليهودية فقد دخلت إلى جنوب الصحراء. هذا ما دفعني إلى تصويرهم، أنا أعتبر نفسي واحدا منهم، وأرشيفا لحياتهم اليومية وتفاصيلها الدقيقة، أرشيفا مخلصا لهم، معهم شعرت أنني أريد أن أصوّر كل شيء".