والتي صنفت كأحسن عرض متكامل أمام منافسة شرسة ل 18 عرضا دخلت المنافسة السنوية نهاية شهر ديسمبر الفارط . وبدوره عاد الجمهور الذي كان جلت تركيبته شبابية من الجنسين ليشاهد العرض الذي كثر الحديث عنه بالاضافة الى جمهور جديد لم يشاهد العرض قط.تعود فكرة العرض إلى عبد القادر مصطفاوي، اما النص والإخراج فمن إمضاء عز الدين عبار، صاغ السينوغرافيا إبراهيم ولد طاطة، واشتغل وانتقى الموسيقى عبد القادر صوفي. أدى الأدوار كل من عديلة سوالم وهي من الجزائر العاصمة خريجة معهد برج الكيفان، بالاضافة الى جملة من الهواة، بشير ناصر بوجمعة، عيسى شواط، ناصر سوداني،فاطمة شيخ جاوتسي، زهرة العابد، رشيد خليفة،محمد الصديق بن بدرة، خالد قوينات.وفي ملخص العرض جاء "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا"وهذا البيت من الأدبيات التي عهدها التلاميذ في المدارس كتابة وحفظا، أما في الخارج فالحياة غير ذلك" غابة متوحشة"، وجاء أيضا " الاستثمار في الإنسان هو أساس قيام أي دولة ، ومسرحية بكالوريا هو اختبار لمستوى المنظومة التربوية الحالية. تحكي المسرحية قصة طلبة مقبلين على اجتياز شهادة البكالوريا وهم بصدد التحضير لها عند مدرسة خصوصية تدعى "حرية" لم تجد سوى قبو مهجور مغمور يتطاير منه الغبار لمالكه أمين وهو الفنان المسرحي المفلس الذي هجرته حورية لفقره ولكونه لم يستطع أن يحقق لها المبتغى ولم ينجح ماديا في حياته، فكان المكان هو القسم لدروس التدعيم، تقاسم فيه الجميع، أبطال العمل الدرامي حيواتهم، أحلامهم أمالهم ألامهم. كان الفضاء القصي القريب من البحر فاغلب آثاثه من صناديق السردين، هو المضمار الذي تدور فيه أحداث المسرحية وتتصارع فيه الشخصيات وفق اللعبة المسرحية. الطالب الغني يحاول الاقلال من أهمية زميله الفقير للفوز بقلب كل الفتيات وبقلب الفتاة الجديدة القادمة الى القسم والمسماة "نيسة". وفي نفس الوقت تتجاذب أمين وحورية الماضي ويحكي لها ويحاول إقناعها بأنه أحبها بصدق وفنون وليس بجنون فقط، لكنها ترد بأنه لم يمنحها سوى الكلمات وتلقي اللوم عليه. وبالجملة تتناولت مسرحية عز الدين عبار مواضيع كثيرة لصيقة بالفرد من جهة تكوينه والمجتمعمن جهة سيرورته وكيان الأمة والدولة ككل، فانطلاقا من دروس الأخلاق والرياضيات والفلسفة كان التعريج على ظواهر عدة، الهجرة غير الشرعية، القنوط من الحياة وانسداد الأفق والظروف المعيشية الصعبة، التفاوت الطبقي، الحب، السلطة وأزمة الحكم وغياب رجال الدولة الأكفاء في الزمن العليل، وتهميش الفنان وتركيعه و الاستغناء عن الثقافة في المجتمع. لكن المتتبع للعرض يغوص في نوع من الغبطة والسرور ويعيش أوقاتا من الضحك الممتد على مدار 80 دقيقة من الزمن الركحي، وما انتشار وتوزع الضحكات إلا دليل أخر على استطاعة العرض للاستئثار باهتمام الجمهور، فقد صيغ الحوار بطريقة فيها الكثير من الطرفة والنكت، كان بطلها ابن الغني الذي يهزا من رفيق الابن الفقير المسمى "توفيق"الذي يبيت في القبو. منذ الدقات الثلاث التي أعلنت عن التأهب للعرض ومارافقها من لعبة إضاءة سلطت أشعتها على قطع الديكور التي بدأت تتراءى بالتدريج برفقة الموسيقى المصاحبة التي كانت وئيدة موحية، وصوت الباخرة المتكرر الذي يوحي بل يؤكد أننا في مدينة ساحلية أشبه ما تكون بمدينتنا البيضاء والتعميم مسموح به طالما ان العرض قادم من مدينة ساحلية ومن المسرح الجهوي لمستغانم "الجيلالي عبد الرحيم". الطاولات في القسم المكونة لقطع الديكور صيغت من صناديق السردين وكانت تحمل عبارت واشارات تدل على التبعية الاستهلاكية مثل" صنع في فرنسا" بالانكليزية "مايد ان فرانس" وغيرها، وكانت لسان حال بل ووضعية هذا المجتمع الاستهلاكي. وعرف العرض الاشتغال على السينوغرافيا التي سارت جنبا الى جنب مع الحوار الضاحك الساخر، كما وضف الغناء، والرقصات الكوريغرافيا عند الحاجة إليها، أغنية الراي، وأغنية مصرية التي كانت مبررا للحديث عن موقعة أم درمان الكروية الشهيرة ، ووضفت الأمثال الشعبية، وتم الحديث الربيع والخراب العربي، وكانت الخاتمة مع كوريغرافية رمزية بطلها عميان يسيرون بعصي حمراء، هم طلبة البكالوريا، لانتفاء العلم عنهم واشتغالهم بالعطالة، ومصيرهم الذي ينتظرهم إذا ما لم يلوذوا بالعلم والعمل. خليل عدة