من كثرة ما ارتبطت ذكرى المولد النبوي الشريف بالمظاهر المستوردة , كالألعاب النارية, و المفرقعات «الصاروخية» و الشموع الحارقة , انشغلنا بها على حساب أبعادها الروحية و دروسها الدينية , التي من المفروض أن تكون تتويجا لسنة كاملة من الحرص على العيش مع الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما تعلق بحياتنا اليومية عبادات و معاملات و أخلاقا و سلوكا , من خلال اتباع سنته عملا و قولا. ولا شك أنه لو كانت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم دائمة الحضور في سكناتنا و حركاتنا , لأصبح عليه صلوات الله و سلامه ,قدوتنا في كل شأن من شؤون حياتنا , و لكان لذلك انعكاس إيجابي على سلوكنا أفرادا وجماعات رجالا و نساء و شبابا و أطفالا , و لما آحتجنا كل عام في ذكرة المولد النبوي الشريف , إلى تنظيم حملات تحسيسية وردعية ضد المفرقعات التي تؤذي الجار الذي أصى به نبينا صلى الله عليه وسلم خيرا, ومن أجل الوقاية من الشموع والألعاب النارية المتسببة في الحرائق المتلفة للمال العام والخاص , و الرسول (ص) يقول : «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد», و يقول أيضا :«الحلال بين و الحرام بين...»و شتان بين من يحتفي و يحتفل بالمناسبة وبين من يحولها إلى فرصة لإلحاق الضرر بنفسه وبغيره , و يبذر ماله فيما يؤذيه و يؤذي المجتمع , و يقدم فوق ذلك ذرائع «لنوادي الفتوى» لتثير سنويا في مثل هذا الوقت الجدل حول مشروعية الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف, التي تكرس إحياؤها في الجزائر على مدى قرون , تكريسا لحب صاحبها في قلوب الجزائريين , و لغرس سنته وسيرته في نفوس الأجيال المتعاقبة , قبل أن تشوبها شوائب الانحراف نحو المظاهر المؤذية , في غياب القدوة الحسنة في البيت وفي المدرسة و المحيط عامة . و لا علاج لمثل هذه الشوائب , إلا بعودة السيرة النبوية الشريفة و أحاديث الرسول صلى اله عليه وسلم , إلى بيوتنا و مدارسنا و شوارعنا و لا تبقى محصورة في مساجدنا , فالسنة النبوية منهاج حياة من المهد إلى اللحد , و من المفارقة أن تحتفل عائلة بالمولد , بينما يمر عام بشهوره و أسابيعه و أيامه ,دون أن يُسمَع في مسكنها حديث من أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم ؟ فالاحتفال يفرض الاقتداء .