فاطمة شمنتل تغلب على الأزمة الليبية منذ بدايتها لغة السلّاح التي لم تترك للحوار بين الأشقّاء فرصة تقريب وجهات النظر، لعلّ يكون في الأمر حلحلة للوضع الراهن الذي يسير تجاه التأزّم رغم إعلان وقف إطلاق النّار من جانب قوّات حفتر الذي يقود ما يسمّى " الجيش الوطني الليبي " و الذي يحاول منذ أفريل 2019 دخول العاصمة طرابلس . و أكدت عديد الجهات الإعلامية أنّ التوقف عن إطلاق النّار كان مبادرة روسية تركية انتهت بلقاء رئيسي البلدين في اسطنبول ، قبل انعقاد مؤتمر برلين حول ليبيا الذي دعت إليه المستشارة الألمانية أنجيلا مار كيل و تسعى إلى حشد الدعم له بإشراك كل الدول و الأطراف القريبة من الملف . و يزيد تعنّت الأطراف الليبية من صعوبة توفير المناخ السياسي و يزيد تسلّح عديد الجهات في البلاد والمليشيات الإجرامية المسلحة التي تسيطر على القرار الأمني والاقتصادي من تمديد عمر الأزمة الليبية التي تفاقمت أيضا بالتدخل الأجنبي و ظهور صراع النفوذ بين القوى الكبرى في العالم ، ما جعل الحل يبدو قد تجاوز الداخل الليبي و صارت الأزمة مرتبطة برهانات جيو إستراتيجية بعيدة ومتوسطة المدى يتداخل فيها عدد من الشركاء الدوليين. في حين تسعى دول مثل الجزائر و ألمانيا و تونس إلى العمل بجدّ من أجل إنجاح الحوار بين الليبيين و البحث بجدّ عن كل المبادرات التي من شأنها فتح التقارب بين القوى المسيطرة على المشهد السياسي و العسكري في البلاد و الدعوة في كلّ مرّة إلى نبذ السلاح و التسلّح بروح النقاش و عرض كل المسائل على طاولة حوار جاد و شامل غير مقصٍ لأيّ طرف في البلاد و بالتالي التوصل إلى حل سلمي ينهي سنوات الاقتتال و تضيع فرص بناء ليبيا الجديدة التي تنهكها حرب أهلية منذ سقوط نظام ألقذافي في 2011. و كثّفت الدول الساهرة على تأمين الوضع في ليبيا و العودة إلى الشرعية من رحلاتها المكوكية والاجتماعات لوزراء خارجيتها و منها الجزائر التي أكدت أنّ دخول قوات حفتر إلى طرابلس خط أحمر. و كان وقف إطلاق النار خطوة في اتجاه التسوية السياسية ولجم مساعي الإطراف الساعية إلى العسكرة و هو الدور الذي تلعبه الجزائر التي عملت بطريقة ضابطة من أجل إنتاج هذه الهدنة. و كثفت الدبلوماسية الجزائرية المبادرات السياسية لتهدئة الأزمة في ليبيا التي تشترك معها في حدود طولها نحو ألف كيلومتر. و منذ يومين كان قد توقّف إطلاق النار بين حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليّاً ، وقوات حفتر الذي ينازع الحكومة على الشرعية والسلطة و يحاول دخول العاصمة طرابلس. وقالت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان لها "ترحب الجزائر بوقف إطلاق النار في ليبيا، وتدعو كافة المكونات الليبية ومختلف الأطراف إلى الالتزام به والعودة السريعة إلى مسار الحوار الوطني الشامل من أجل التوصل إلى حلّ سياسي سلمي يراعي المصلحة العليا لليبيا وشعبها "