وزير الصحة يشرف على افتتاح يوم علمي حول "تاريخ الطب الشرعي الجزائري"    ميناء الجزائر: وقفة ترحم على أرواح شهداء التفجير الارهابي للمنظمة السرية الفرنسية في 2 مايو 1962    قسنطينة: صالون دولي للسيارات والابتكار من 23 إلى 26 مايو    اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحفيون الفلسطينيون قدموا مئات الشهداء وهزموا رواية الاحتلال الصهيوني الكاذبة    رالي اكتشاف الجزائر- 2024 : مشاركة 35 سائقا اجنبيا وعدد معتبر من الجزائريين    اليوم العالمي لحرية الصحافة: قفزة نوعية وانطلاقة جديدة للإعلام الوطني    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    العدوان الصهيوني على غزة : أكثر من 10 آلاف شخص في عداد المفقودين تحت الأنقاض    أكثر من مليون ونصف مترشح لامتحاني شهادة البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط دورة يونيو 2024    منظمة العمل العربية: العدوان الصهيوني دمر ما بناه عمال غزة على مر السنين    رسائل قوية وجريئة من " دار الشعب"    رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل: مقاربات الجزائر تجاه قضايا الاستعمار قطعية وشاملة    المصلحة الجهوية لمكافحة الجريمة المنظمة بقسنطينة: استرجاع أزيد من 543 مليار سنتيم من عائدات تبييض الأموال    الوالي أكد بأن قسنطينة تحضّر لزيارة رئاسية كبيرة: تدشين طريقين وملعبين و وضع حجر الأساس لمشاريع تربوية وصحية    خنشلة: مراكز متقدمة وأبراج مراقبة لمكافحة حرائق الغابات    منتدى الدوحة يدعو لبناء تكتل اقتصادي وسياسي عربي آسيوي: إشادة واسعة بجهود الجزائر لنصرة القضية الفلسطينية    مدربة كبريات النادي الرياضي القسنطيني فرتول للنصر    الرئيس تبون يؤكد بمناسبة عيد الشغل: الجزائر في مأمن والجانب الاجتماعي للدولة لن يزول    لعقاب يدعو إلى تعزيز الإعلام الثقافي    في انتظار التألق مع سيدات الخضر في الكان: بوساحة أفضل لاعبة بالدوري السعودي الممتاز    رئيس الجمهورية يحظى بلقب "النقابي الأول"    تدعيم الولايات الجديدة بكل الإمكانيات    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي شهد إقبالا كبيرا للجمهور    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    بخصوص شكوى الفاف    بداية موفّقة للعناصر الوطنية    الجزائر في القلب ومشاركتنا لإبراز الموروث الثقافي الفلسطيني    اجتياح رفح سيكون مأساة تفوق الوصف    إطلاق أول عملية لاستزراع السمك هذا الأسبوع    العلاقات بين البلدين جيدة ونأمل في تطوير السياحة الدينية مع الجزائر    انبهار بجمال قسنطينة ورغبة في تطوير المبادلات    الجزائريون يواصلون مقاطعة المنتجات الممولة للكيان الصهيوني    أوغندا تُجري تجارب على ملعبها قبل استضافة "الخضر"    دعوة للتبرع بملابس سليمة وصالحة للاستعمال    263 مليون دينار لدعم القطاع بالولاية    تكوين 500 حامل مشروع بيئي في 2024    حملة وطنية للوقاية من أخطار موسم الاصطياف    روما يخطط لبيع عوار للإفلات من عقوبات "اليويفا"    البطولة الإفريقية موعد لقطع تأشيرات جديدة لأولمبياد باريس    بولبينة يثني على السعي لاسترجاع تراثنا المادي المنهوب    دعم الإبداع السينمائي والتحفيز على التكوين    تتويج إسباني فلسطيني وإيطالي في الدورة الرابعة    الزّوايا.. عناصر استقرار ووحدة وصروح للتّنوير    المجلس الشّعبي الوطني يشارك في الاجتماع الموسّع    تكريم مستخدمي قطاع التربية المحالين على التقاعد    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    للقضاء على "الضبابية والأرقام الوهمية"..رئيس الجمهورية يؤكد على أهمية تعميم الرقمنة    الخطوط الجوية الجزائرية تعلن عن فتح باب الحجز عبر الإنترنت لعرض "أسرة"    افتتاح المهرجان الدولي ال6 للضحك بالجزائر العاصمة    قطاعا التجارة والمؤسسات الناشئة يعملان على رقمنة عملية إنشاء الشركات    خنشلة: الوالي محيوت يشرف على إحياء اليوم العالمي للشغل    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    هذه الأمور تصيب القلب بالقسوة    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    دورة تدريبية خاصة بالحج في العاصمة    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الظاهرة جد معقدة ولها تقاطعات مع ظواهر وآفات أخرى»
الأستاذ كرايس باحث في علم الاجتماع السياسي جامعة وهران 02 للجمهورية
نشر في الجمهورية يوم 20 - 03 - 2021

- كيف يشرح علم الإجتماع ظاهرة المخدرات في مجتمعنا ؟
^ هي ظاهرة جد معقدة ولها تقاطعات مع ظواهر وآفات أخرى، ليس على المستوى المحلي فقط، بل تحولت اليوم الى تهديد لا تماثلي وظاهرة عبر قومية تعصف بأمن الدول وتهدد أمنها الديمغرافي، لأنها تستهدف الشباب بالدرجة الأولى والمراهقين وبذلك هي أخطر تهديد نعيشه اليوم، وهي نتيجة تراكمات اجتماعية واقتصادية وتراجع كبير لدور مؤسسات التنشئة الإجتماعية من أسرة ومسجد ومجتمع ككل، فنحن نعيش حالة من التفكك، نتيجة مجتمع المخاطر العالمي على حد تعبير «الريش بيك»، ولذلك فنظرة علم الاجتماع للمخدرات تجاوزت المنظور التقليدي وهو يعتبرها أحد أدوات الصراع بين الدول من أجل ضرب الخصوم وتدمير المجتمعات عن طريق استنزاف طاقتها الحية وهي الإنسان، والكثير من الدول الفاشلة والمجتمعات المنهارة نجدها تعرف تفشي ظاهرة ادمان المخدرات بشكل مخيف، والتي تحولت إلى وسيلة لتدمير الشعوب بطريقة ذاتية، اذ يمكن تصنيفها على أنها أحد تجليات الحرب من الجيل الرابع على المجتمعات والدول، حيث تدمر نفسها بنفسها، ولذلك وجب التحرك ومحاربة الظاهرة وانتشال المجتمع منها.
- ماهي دوافع تعاطي المخدرات و ما تأثيرها على المجتمع؟
^ الدوافع كثيرة وهي تزداد اليوم تشعبا خاصة في مجتمعنا، الذي تتراجع فيه القيم، وهو ضحية للتدفقات الثقافية العالمية، وهي إحدى تجليات العولمةوالتأسيس لنموذج الإنسان الحر والمنعتق من كل القيم والمنتمي إلى مجتمع اللاانتماء ولاهوية، فالمخدرات يقبل عليها الكثير من المراهقين والشباب بسبب حالة الاغتراب والضياع التي يعيشونها وانسداد الأفق، إضافة إلى المشاكل الأسرية والتسرب المدرسي، وتحول الشارع إلى المؤسسة الوحيدة التي تحتوي الفرد وهي تنقل إليه قيم الشارع، أيضا هناك هجمة إعلامية تقودها شبكات متخصصة عبر مواقع التواصل الإجتماعي والميديا الجديدة، حيث لا سلطة ولا رقابة، فكل طفل أو مراهق أو شاب لديه الآن هاتفه المحمول وحاسوبه الخاص، وهو يتعرف على الكثير من الثقافات والديانات والجماعات المتطرفة، ولذلك فإن انتشار المخدرات بهذا الشكل راجع الى حالة الانفتاح غير المسبوقة التي سرقت الأفراد من مجتمعاتهم وهوياتهم، وهي نتيجة حالة الفردنة التي انتشرت، وحالة الإغتراب والإستلاب التي نعيشها ونحن عاجزون على الحد منها.
- هل ظاهرة المخدرات دخيلة و نتيجة لتداخل آفة من الغرب؟
^ نعم الغرب والثقافة الغربية والانفتاح على الغرب دون حسيب أو رقيب هو الذي أوصلنا الى ما نحن عليه الآن، فللأسف نحن لبسنا قشرة الحضارة وروح الجاهلية على حد تعبير الشاعر الكبير نزار قباني، أي نحن اقتبسنا كل مساوئ الغرب وتجنبنا كل حسناته، والمخدرات اليوم أصبحت أحد تلك المساوئ التي ابتلينا بها ونحن نعاني من مخرجاتها، فليس من مصلحة الغرب أن يستفيق الشرق ولا الجنوب بصفة عامة، ولذلك يجب تصدير كل ثقافة بائسة وحقيرة إليه، خاصة على المستوى الأخلاقي، ونحن للأسف مجتمع استهلاكي بدرجة كبيرة ومخيفة، نحن نستهلك كل ما يصلنا ونعتبره مظهرا من مظاهر الحضارة وننغمس فيه، فنحن اليوم استوردنا هذه الظاهرة وللأسف نحن نعيش اليوم نسختها المحلية، عن طريق ادمانها وتعميمها والتورط فيها، وللأسف أصبحنا عاجزين عن التصدي لها، فنحن نركز على جانب العقوبات ونغفل جانب التوعية والتربية والاستثمار في الانسان كرأسمال حقيقي ورهان لكسب تحديات المستقبل، الغرب هو مصدر كل شر، لكن نحن اليوم نقدس كل وافد من الغرب وهذه هي مأساتنا.
- أصبح معظم الشباب يدمنون مختلف الأنواع ما مدى انعكاس ذلك على مجتمعنا ؟
^ المخدرات اليوم وفي عصر التكنولوجيا الفائقة، نجدها تقتحم العالم الرقمي وهناك مخدرات رقيمة وهي اخطر من المخدرات التقليدية، والمجتمع اليوم مفتوح على كل المخاطر ونحن نسير للأسف نحو المزيد من التمزق الاجتماعي وظهور جرائم لم تكن معروفة، وأغلبها برز تحت تأثير المخدرات بمختلف أنواعها، وهي أداة للصراع ولضرب الدول وزعزعة أمنها وتدمير مستقبلها عن طريق اغراق شوارعها بالمخدرات والعمل على جر شباب الدول الى عالم المخدرات وما يترتب عنه من شذوذ وجرائم قتل، واعتداءات جنسية على الأطفال وعلى المحارم، وهذا هو هدف المخدرات تدمير المجتمعات وتفكيكها والسير بها اتجاه الانهيار الكلي، وللأسف المخدرات والاتجار بها وتهريبها أصبح يحيط بالجزائر من كل جهة، بسبب دول الجوار التي تعيش حالة أزمة وتوتر وصراع داخلي، ولذلك وجب التجنيد على مختلف المستويات من أجل الحد من الظاهرة قبل وصولها إلى حالة من التفشي يصعب معالجتها والتحكم فيها.
- هل من آليات وميكانيزمات جديدة بمجال علم الاجتماع لدراسة الظاهرة من نواحي مختلفة؟
^ في اعتقادي يجب الابتعاد عن الدراسات الكلاسيكية واعتبار المخدرات مجرد طيش مراهقة ويمكن تجاوزه، عن طريق الردع والعقوبات، المخدرات اعقد من ذلك وهي تستهدف الأمن القومي، للجزائر وأصبحت مصدر قلق للدولة بسبب تنامي الظاهرة وما يترتب عنها من انفاق حكومي، ومن تمزق اجتماعي وانهيار اخلاقي وضرب للأمة في مخزونها الاستراتيجي وهو الانسان، علينا أن نلتفت الى الأسباب البعيدة للمخدرات وننظر اليها على أنها حرب مفتوحة تستهدف وجودنا وأمننا، وعلينا أن نفكر بجدية في التعامل معها كظاهرة دولية عابرة للحدود، إضافة الى استشراف المستقبل والتخطيط للمراحل القادمة، يجب ان نتعامل معها باستراتيجية استباقية، فالمخدرات تأتي الينا عن طريق الحدود، ولذلك وجب فهم ما يحدث في محيطنا الاقليمي وعلى الجزائر أن تعرف أن أمنها القومي لا يبدأ من حدودها بل من عمقها الاستراتيجي في افريقيا، ولذلك وجب المزاوجة بين الدراسات السوسيولوجية المحلية لفهم المجتمع وأسباب اقباله على المخدرات، وبين الدراسات الجيوستراتيجية وكل ما يتعلق بالأمن القومي والتهديدات اللاتماثلية من أجل وضع مقاربة فعالة للحد من هذه الافة.
- ماهي الحلول للحد من الظاهرة على المجتمع؟
^ الحلول تكمن أولا في دراسة الظاهرة ومعرفة حجمها ومدى وأسباب انتشارها وتحديد مناطق ذلك والفئات الأكثر اقبالا عليها، مع إعادة الإعتبار للتربية الدينية السلمية وربط الأجيال الصاعدة بدينهم الصحيح، وتقويم سلوكهم خاصة في مرحلة المراهقة التي تقتضي مرافقة وصحبة من طرف الأبوين للأبناء، وتحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للشباب، فالبطالة من اهم العوامل التي تدفع الى الادمان والى الانحراف بكل أوجهه، نحن بحاجة الى مجتمع متماسك ومتضامن وإلى إعادة الثقة الى كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية حتى يتقبل الأفراد خطابها، خاصة المدرسة والجامعة والمسجد، فكلما حظيت هذه المؤسسات بالتقدير كلما أثرت في سلوك الأفراد وممارساتهم، وعلينا أيضا أن نسن قوانين واضحة للتحكم في الإعلام الجديد وتقنين استخدامه بالنسبة للمراهقين والأطفال، فنحن اليوم نعيش عصر الرقمنة لكن في جانبها السلبي، وأسرة اليوم تخلت عن دورها لصالح هذه التقنية ولذلك نحن ندفع فاتورة الجيل الباحث عن المتعة واللذة، وغير الآبه بالقيم والمعتقدات، نحن في حرب مفتوحة وعلينا أن نتجند جميعا من أجل الانتصار في معركة عنوانها اما ان نكون او لا نكون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.