يُخضع الدستور الجزائري الجديد المعدّل في 2020 و أيضا القانون العضوي المتعلّق بالانتخابات جميع المرشحين للاستحقاق التشريعي سواء تعلّق الأمر بالأحزاب أو الأحرار إلى ضرورة الكشف عن مصادر تمويلهم لحملاتهم الانتخابية تحصينا للعملية السياسية التي شكّلت إلى وقت قريب موضوع انتقاد إعلامي و سياسي كبير، بعد الضجّة التي كانت دوما ترافق الانتخابات في الجزائر و التي مفادها دخول المال الفاسد على سكّة الاختيار الشعبي ، و أثبتت العديد من المناسبات أنّ هذا الفعل المسيء للتحوّل الديمقراطي في البلاد أمر واقع تحدّثت عنه الاعترافات و الشهادات في المحاكم خلال استجوابات المتورطين في الفساد . و قد نبّه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مرارا إلى القضية الشائكة و التي وُضعت لها ترسانة قوانين من أجل استئصالها و مكّنت الدولة العدالة َ الجزائرية من كل آليات التدخل و الرضع . و عليه يستشفّ من التعديل الدستوري في الجزائر جملة من التغييرات التي تؤطّر العملية الانتخابية بما فيها تمويل الاستحقاقات في البلاد بهدف الوصول إلى اختيار شفّاف يحترم الإرادة الشعبية و يفرمل نفوذ أصحاب « شركات التمويل « من أصحاب رؤوس الأموال الذين إمّا يراهنون على مرشح فيغرقون حملته الانتخابية أو يتقدمون هم للانتخابات دون رصيد سياسي أو انتماء حزبي يتنافس على أساس الفكر و تقديم مشاريع في صالح البناء الديمقراطي . حرصا على النزاهة و شفافية الفعل السياسي و تجنّبا لحالات الأزمة النفسية التي تنتاب الإدارة الشعبية في الخروج إلى أداء الواجب و التمتّع بالحق الانتخابيين و ذلك كله مرجعه التزوير من خلال التمويل المشبوه و دخول المال الفاسد على سكّة الاختيار الشعبي لممثليه ، سواء في البرلمان أو المجالس المحلية . و تضمّن القانون الانتخابي الجديد بما لا يدع مجالا للمراوغات أو الإفلات من المساءلة جملة من المواد التي حدّدت بالتفصيل كيفية تأطير الحملة الانتخابية من خلال تمويلها و تحديد مصادر و رقم و سقف هذا التمويل و إذا كان نقديا أو عينيا مع المنع التام للتمويل الأجنبي سواء من طرف أشخاص معنويين أو ماديين. و قد أفرد القانون الانتخابي الجديد للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات صلاحيات من أجل السهر على العملية الانتخابية من أولها على آخرها ، بتعمقها في مصدر التمويل و المساءلة بالإضافة إلى مهام محافظ الحسابات الذي يدقّق في المسألة من خلال ما يفرضه من وثائق على المرشحين ، حتّى تكون السلطات بالمرصاد لكل محاولي الغش و مصادرة الاختيار الشعبي لأعضاء المجلس الشعبي الوطني الذي يجب أن يكون مجالا لنقاش سياسي هادئ يرسم معالم التحوّل في الجزائر الجديدة . ف ش