أبدع أول أمس المخرج والكاتب المسرحي "يخلف بوعامر "من "فرقة لڤوال" في تقديم مسرحية "وين رانا" التي عُرضت لأول مرة أمام الجمهور بالمسرح الجهوي عبد القادر علولة بوهران ، حيث نجح في إقناع الحضور بفكرة النص وبالرؤية الإخراجية والحبكة الفنية للعرض، كما استطاع الممثلون باحترافيتهم وتمكنهم من الأدوار أن يوصلوا رسالتهم التربوية الهادفة إلى المتلقي الذي لم يجد صعوبة في التجاوب مع المشاهد الركحية، بل بالعكس تفاعل مع آداء الفنانين، وصفّق مطولا لفريق العمل الذي يبدو أنه وُفّق إلى حدّ بعيد في تقديم هذا العمل المسرحي الجميل . مسرحية "وين رانا" التي شارك فيها عدد من الممثلين أمثال عبد الحفيظ شلاوة وبلبركاني إكرام والحاج إبراهيم بوزيد وغيرهم، تصبّ في الجانب الاجتماعي رغم أنها قُدمت بطريقة كوميدية هزلية، حيث أنها تتحدث الظواهر الاجتماعية التي لا تزال تنخر مجتمعنا وتكسر أحلام شبابنا، وتمنع عنهم انتصارات لا يكاد يحققها إلا المجانين من خلال ارتياحهم من هاجس التميز الذي تجعل العاقل يواجه مصيره، فلا يتحمل الخيبة، أو المحظوظين الذين أعطاهم القدر حصة من النجاح لم تتحدث عنهم المسرحية إلا من خلال إشارات عابرة..، فكاتب النص أراد الاهتمام أكثر بالآفات الاجتماعية من خلال سرد يوميات المغلوب على أمرهم وإبراز معاناتهم وكيف تحطّمت أحلامهم وهو ما قادهم إلى الجنون أو الضياع . ومن بين قضايا العرض المسرحي نذكر أيضا قضية الثقافة التي يريدها الناس والثقافة التي تُفرض عليهم من خلال نمط تربوي غير مُجدٍ وأساليب ثقافة مفروضة غير مرغوبة ، فتمّت محاكاة فترات عرفها المجتمع من العشرية السوداء إلى السنوات الحالية ، مع ما تحمله من استمرار لمفهوم المعاناة والمواجهة، حلت فيها الآفات الاجتماعية موقع المؤدي لاسيما و أن المخرج والكاتب المسرحي "يخلف بوعامر" ولد و ترعرع في أحد الأحياء الشعبية بوهران التي تشهد مثل هذه الآفات، حيث قرر يوما ما خلال سنوات التسعينات رفقة مجموعة من الممثلين المسرحيين من أبناء حي " تريقو " أمثال محمد أدار واللوز أن تولد فرقة "لقوال "، ما منح للمخرج يخلف بوعامر القدرة على نقل التصور الحقيقي للواقع الذي يعيشه شباب حي "تريقو" ووهران و الجزائر بصفة عامة، وكيف أن هذه الآفات الاجتماعية قد أثرت سلبا على حياتهم ومستقبلهم وأظلّت بهم المسار وبدّدت لديهم الأمل، وهو نقطة تحدث كثيرا عنها نص المسرحية "وين رانا" المرجحة للعرض قريبا بولاية سطيف و كذا بدولة أخرى شقيقة إن سمحت الظروف حسبما أكده لنا مخرجها و كاتبها. وقد شهد العرض إقبالا مكثفا من طرف الجمهور المتعطش لمثل هذه العروض التي تجمع بين الهزل و العبرة و المتعة، من خلال منهج بعيد عن الفلسفة قريب من الشعور، مصنف في خانة الواقع و الأسلوب البسيط ،..ويتجلى من مقاربة النص أن الكاتب يطمح في أغلب الأحيان للتعبير عن مضمون اجتماعي مستوحى من الواقع، و هو لا ينتقد إنما يعرض المشكلة الاجتماعية، وهو ما يميز كتاباته في أغلب المسرحيات التي أخرجها والتي يقدر عددها ب6 مسرحيات، العديد منها ذات بناء درامي إجتماعي متقنة الكتابة والأداء .