إلغاء التقاعد النسبي عودة إلى قاعدة السّن الأدنى المطبّق منذ 1984 أثار تعديل قانون التقاعد رقم 83-12 المؤرّخ في سنة 1983 الكثير و الكثير من الجدل و الانتقادات من قبل الشريحة العمالية و دعت نقابات الوظيف العمومي إلى تنظيم إضرابات احتجاجا على قرار التعديل الذي ألغى بعض الصّيغ من منظومة التقاعد المعمول بها منذ سنوات التسعينات و التي تعتبرها النقابات المضربة مكسبا للعمّال و من أهمّها التقاعد النسبي و التقاعد دون شرط السّن. و لشرح مضمون مشروع القانون الجديد الذي صادق عليه أعضاء المجلس الشعبي الوطني الأسبوع الماضي و بالأغلبية يجب شرح أهم ما ورد في القانون الحالي من صيغ الإحالة على التقاعد و هي أنواع أبرزها الحق في التقاعد العادي أو الشّامل و تعني بلوغ العامل 60 سنة من العمر بالنسبة للرّجل و 55 سنة من العمر بالنسبة للمرأة مع إتمام مدّة 32 سنة من العمل و الاشتراك في الصّندوق الوطني للضمان الاجتماعي فيحصل كل منهما على معاش شهري كامل يساوي 80 بالمائة من الدخل و تحسب على أساس الأجر الذي تقاضاه العامل خلال الخمس سنوات الأخيرة. و يمكن لمن لم يستوفوا مدّة 32 سنة و قد بلغوا السّن القانوني للإحالة إلى التقاعد الاستفادة من هذا الحق فيحسب المعاش على أساس 2.5 بالمائة على كل سنة من الخدمة .فمثلا عامل بلغ من العمر 60 سنة و في رصيده 25 سنة من الخدمة و الاشتراك في صندوق الضمان الاجتماعي له الحق في التقاعد لكن سيحصل على معاش يساوي 62.5 بالمائة . و يوجد في القانون الحالي أيضا صيغة التقاعد المسبق و هو يعني إحالة العامل على التقاعد قبل حوالي 10 سنوات من السّن الأدنى القانوني و هو بمثابة تقاعد إجباري يتم اللّجوء إليه عند تسريح العمال أو تقليص عددهم أو عند تصفية مؤسّسة مفلسة ،كما يمكن للمؤسسات التي تعاني من أزمة مالية إخراج بعض العمال إلى التقاعد شرط أن يكونوا قد قضوا 15 سنة على الأقل في العمل مع دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي فتلجأ المؤسسة إلى هذه الصيغة بعد اتّفاق مسبق و مسجّل بين الإدارة و الشريك الاجتماعي. و الصّيغ الأخرى التي هي محل جدل كبير التقاعد النسبي و هو إمكانية الاستفادة من التقاعد في سنّ 50 سنة بالنسبة للرّجل الذي قضى 20 سنة على الأقل في العمل مع دفع الاشتراكات و 45 سنة من العمر بالنسبة للمرأة التي قضت 15 سنة من العمل . و كذلك التقاعد دون شرط السن و يخص الأشخاص الذين استوفوا 32 سنة من العمل و لم يبلغوا السّن الأدنى القانوني ،فهؤلاء يمكنهم حسب القانون الحالي الخروج إلى التقاعد . و بعد المصادقة على الصّيغة المعدّلة من القانون الحالي فإنه ابتداء من الفاتح جانفي 2017 سيصبح التقاعد النسبي ملغى و كذلك التقاعد دون شرط السّن باستثناء العمّال الذين استوفوا 32 سنة من العمل و الاشتراك و يبلغون من العمر 60 سنة في 2019 حسبما أفادته به مصادر مطّلعة عملا بتعليمة رئيس الجمهورية الذي أجّل تطبيق هذه الصّيغة لمدّة سنتين كأقصى تقدير. و عليه فإن المادّة السادسة من الصّيغة المعدّلة للقانون تنص على أنه تتوقف وجوبا استفادة العامل من معاش التقاعد على استيفاء شرطين و هما بلوغ 60 سنة من العمر على الأقل للرجل و 55 سنة للمرأة .و قضاء 15 سنة على الأقل في العمل مع دفع الاشتراكات . و أبقى القانون الجديد على كل الصّيغ و الأمور الأخرى المتعلّقة بالتقاعد و نذكر منها التقاعد المسبق الذي صدر في سنة 1994 تحت رقم 94-10 بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة التي عانت منها البلاد في تلك الفترة و ضغوطات صندوق النقد الدولي و ما تبعها من غلق للمؤسسات و تسريح للعمال. و تضمنت الصّيغة المعدّلة للقانون شرحا للأسباب نذكر منها بأن التقاعد النسبي و التقاعد بدون شرط السّن جهازان استعملا في الماضي في إطار التعديل الهيكلي و التكفل بعمليات تسريح العمال بعد غلق مؤسساتهم ،و بالرغم من تجاوز هذه الفترة استمر العمل بهما فألحقا أضرارا كبيرة بالتوازنات المالية للصندوق الوطني للتقاعد و إلغاءهما سيسمح بحماية النظام الوطني للتقاعد المرتكز أساسا على مبدأ التضامن بين الأجيال حسب ما ورد في عرض الأسباب . و إلغاء هذين الجهازين الذين كانا ذو طابع انتقالي هو عودة إلى قاعدة السّن الأدنى للتقاعد المحددة ب 60 سنة و المطبّقة منذ 1983 .