وزارة التربية تعلن عن تعديل تاريخ الدخول المدرسي    المجلس الشعبي الوطني يشارك في جلسة افتراضية بعنوان "منصات ومبادرات لتمكين الشباب سياسيا"    ابتسام حملاوي : إبراز دور فواعل المجتمع المدني في مكافحة الآفات الاجتماعية    مجلس أوروبا يحذر من مبيعات الأسلحة للكيان الصهيوني بسبب عدوانه على غزة    مركز التحليل للصحراء الغربية يحث فرنسا على احترام القانون الدولي "بصرامة"    ولايات الوسط:الأسواق التضامنية للمستلزمات المدرسية تفتح يوم 20 أوت    وهران على موعد مع المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي بداء من 18 أغسطس الجاري    يوسف بلمهدي:"المفتي الرشيد" ضرورة شرعية في زمن العولمة الرقمية    مجلس الأمن الدولي: الجزائر ترافع لإنشاء آلية أممية مخصصة للأمن البحري    سيدي بلعباس : تجميع أكثر من 70 ألف قنطار من الحبوب    وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية : بحث سبل تعزيز تموين السوق وضبط أسعار المواد الأساسية    وزارة الدفاع تفتح باب التجنيد في صفوف القوات الخاصة    بلمهدي في مصر للمشاركة في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء    بطولة العالم للكرة الطائرة 2025 (تحضيرات) : منتخبا الجزائر و تونس في ثلاث مواجهات ودية    دعوة لترشيح أفلام من أجل انتقاء فيلم روائي طويل يمثل الجزائر في الدورة ال98 للأوسكار    السيد حيداوي يستقبل الوفود المشاركة في أشغال المؤتمر الكشفي العربي ال24    حوادث الطرقات: وفاة 50 شخصا واصابة 2180 آخرين بجروح في ظرف أسبوع    اليوم الدولي للشباب: البرلمان العربي يدعو إلى استثمار طاقات الشباب بما يسهم في مواجهة التحديات الراهنة    بلمهدي: الذكاء الاصطناعي في مجالات الإرشاد الديني والفتوى "يستوجب الحذر والضبط"    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025: المنتخب الوطني يستأنف التحضيرات لمواجهة غينيا    كرة القدم: المديرية الوطنية للتحكيم تنظم ملتقى ما قبل انطلاق الموسم لحكام النخبة بوهران    سعداوي يكرم المتوجين في المسابقة الدولية (IYRC 2025)    مزيان يوقع على سجل التعازي اثر وفاة مسؤولين سامين    مقر جديد لسفارة الصومال بالجزائر    أمطار رعدية مرتقبة لمدة يومين    نحو ارتفاع نسبة تغطية الاحتياجات من الماء    ضرورة حماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة    آن الأوان لمعاقبة الكيان    ما هي معاهدة الدفاع العربي المشترك؟    القانون المنظم للنشاطات المنجمية يعزز سيادتنا الاقتصادية    الجزائر تكتب صفحة جديدة في تاريخ الرياضة المدرسية    وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات تدعو المستثمرين الصناعيين لإيداع البرامج التقديرية للاستيراد قبل 20 أغسطس    مسرحية على واجهة وهران البحرية    مبولحي في الدوري الجزائري    قويدري يستقبل وفداً نقابياً    مساع لتحصيل 5 ملايير مستحقات لدى الزبائن    انعقاد الندوة السادسة للمجلس الاستشاري لمعرض التجارة البينية الإفريقي    أعالي الشريعة وجهة الباحثين عن هدوء الطبيعة    عين "الشفا" بسكيكدة.. هنا تجتمع الحقيقة بالأسطورة    النّسخة النّهائية لمشروع قانون تجريم الاستعمار جاهزة قريبا    دعوى قضائية ضد روتايو بتهمة التحريض على الكراهية    بنفيكا البرتغالي يستهدف عمورة    مدرب نيس السابق يشيد ببوعناني ويتوقع تألقه في "الليغ 1"    المحافظة على كل المواقع الأثرية التي تكتنزها تيبازة    فخور بنجاح الجزائر تنظيميّاً وممثلاتنا فوق البساط    دبلوماسية الجزائر تفضح ماكرون وتفجر الطبقة السياسية في باريس    "محرقة صبيح" جريمة ضد الإنسانية في سجل الاحتلال الفرنسي    تحديات الميدان في قلب التحول الرقمي    شبكة استعجالات طبية جديدة بقسنطينة    تطهير قائمة موزّعي الأدوية لضبط السوق    محطة للثقافة وللمرح في صيف عنابة    تجار مهلوسات في قبضة الشرطة    بحث تحديات صناعة الفتوى في ظل التحولات الرقمية.. بلمهدي يشارك في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء بمصر    المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية : فرصة لاكتشاف المواهب والتقاء التجارب    تنسيق القطاعات أثمر نجاح عمليات نقل الحجاج    فرقة "ميلواست" تخطف الأضواء في الطبعة 14    مناقشة الانشغالات المهنية الخاصة بنشاط الصيدلي    فتاوى : شروط صحة البيع عن طريق الإنترنت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل سوريا… نتكلّم ويفكّرون!
نشر في الحياة العربية يوم 09 - 02 - 2020

قرب نهاية الشهر الماضي استضاف معهد دراسات الأمن الوطني الإسرائيلي، وهو مركز أبحاث متصل بجامعة تل أبيب، ندوة «سوريا خلال العقد المقبل». وشارك في الندوة الباحثة الإسرائيلية كارميت فالنسي، والدكتور تشان كسابوغلو الأكاديمي التركي المتخصص في أمور التسليح، والدكتور جوناثان سباير الخبير البريطاني الإسرائيلي بشؤون الشرق الأوسط، وجنيفر كافاريلا، مديرة الأبحاث في معهد دراسات الحرب الأميركي. الندوة ناقشت جوانب متعددة مما ينتظر سوريا خلال السنوات العشر المقبلة، وكان لافتاً بعض ما عرضه الخبراء الأربعة.
مما قالته فالنسي أن الحرب الأهلية السورية انتهت لكن سوريا تواجه حرباً من نوع آخر. وأردفت أن نظام الأسد سيستعيد نحو 90% من أرض سوريا، لكنه لن يستطيع أن يحكم. وتابعت أنه سيتمكن من ممارسة سلطته بفاعلية في المدن الكبرى لكنه سيعجز عن السيطرة على الأطراف، ولذا سيتوجب عليه التفاوض مع لاعبين آخرين إقليميين وعرب ومحليين.
روسيا وإيران «منقذتا النظام» ستصبحان عقبتين، وفق الباحثة الإسرائيلية. وهو وإنْ كان سيبقى في السلطة لعشر سنوات، وسيعود للأسرة العربية، فإن سلوكه لن يتغيّر بل سيواصل القمع والعنف والاضطهاد، مع مزيد مع القوة للاستخبارات. وحول الشق الديموغرافي قالت الباحثة إن عدد سكان سوريا انخفض بفعل الحرب والتهجير من 21 مليون نسمة إلى 17 مليوناً. ومع أنه بعد عشر سنوات سيرتفع من جديد إلى 25 مليوناً ولكن هذا ليس من عودة المهجرين. إذ لن يعود سوى 1% من ال6.5 مليون سوري الذين هُجّروا، وذلك لأن النظام لا يريد أصلاً «عودة السنّة غير المخلصين».
واقتصادياً، توقعت فالنسي، خلال العقد المقبل معاناة سوريا من أزمات اقتصادية حادة وفقر وهجرة أدمغة، ورأت أن سوريا – على الأرجح – لن تستعيد عافيتها قبل 50 سنة، خصوصاً أن المال المطلوب لإعادة البناء يتراوح بين 250 و300 مليار دولار، ومثل هذا المبلغ لن يأتي.
بالنسبة إلى الجانب العسكري، رأى الدكتور تشان كسابوغلو، أن سوريا تعيش في ظل خطتين؛ روسية وإيرانية: الروس مع إعادة إعمار الدولة وبناء الجيش على النسق الروسي… لكن دون الآمال الروسية مصاعب أهمها وجود ميليشيات وزُمَر و«إقطاعيات عسكرية» مالية لها قياداتها ومرجعياتها واقتصاداتها، كذلك هناك قوات خاصة (لا سيما تلك التي يقودها علويون) لها امتيازاتها ستشكّل مشكلة للروس. أما فيما يخص الإيرانيين، فإن لديهم استراتيجية مختلفة تماماً تجعل سوريا تعبيراً جغرافياً ذا بعد ديموغرافي. ويوضح الخبير التركي أنهم بصدد تغيير نسيج البلاد وبيئتها الطبيعية وثقافتها وتركيبتها، وهذا منظور أوسع بكثير من القواعد والأنظمة والتقسيمات العسكرية التي تدخل في اعتبار الروس.
وهنا، حول المشروع الإيراني، يدلي الدكتور جوناثان سباير فيقول إن «الاختراق الإيراني في سوريا عميق وجدّي وطموح ومتعدد الأوجه». ومن ثم يعد لهذا الاختراق خمسة أبعاد هي:
1 – التغلغل والبناء الإيراني المباشر في البنى التحتية.
2 – وجود توابع «الحرس الثوري» وأذرعه («حزب الله» وغيره) وبناه التحتية.
3 – الوجود العسكري والتنظيمي الإيراني داخل الجيش السوري نفسه.
4 – تشكيل إيران ميليشيات محلية سورية على غرار «حزب الله سوريا».
5 – سعي إيران لتغيير سوريا نفسها آيديولوجياً وديموغرافياً.
بعدها، يقول سباير إن الإيرانيين يطبّقون في سوريا تجربة «الحرس الثوري» داخل إيران لجهة تغيير المجتمع بأسره. ويضيف أنهم لا يريدون مغادرة سوريا، بل هم يسيطرون اليوم فعلياً على جنوب شرقي سوريا (الميادين والبوكمال). ثم يتحدث عن تقاطع مصالح بين الإيرانيين والروس وأنه لا مصلحة حالياً على الأقل عند الروس في خروج الإيرانيين رغم اختلاف الاستراتيجيتين. أما بالنسبة إلى إسرائيل فإنها إذا كانت تريد حقاً إخراج الإيرانيين فإنها لن تتمكن من ضرب «التغلغل الإيراني» بأبعاده الخمسة بقوة طيرانها الحربي الضاربة وحدها.
واختتم الباحث كلامه بالقول إن روسيا هي حَكَم الساحة والوسيط في أي قضية ذات صلة فوق أرض سوريا، ومصالحها الاستراتيجية في شرق المتوسط ستُبقيها كذلك. أما نظام الأسد، فسيكون وسيظل ضعيفاً ورهيناً لنفوذ منقذيه.
أخيراً، خالفت الخبيرة الأميركية جنيفر كافاريلا، القائلين بأن الأسد ربح الحرب، مجادلةً بأن سوريا ستبقى ساحة حرب خلال السنوات العشر المقبلة. وتابعت أن قوة النظام على الخريطة لا تعبّر عن الهشاشة الفعلية. وقالت إنه ليس لدى النظام موارد كافية لحماية سيطرته الظاهرية على الأراضي التي كسبها، والأوضاع ستغدو أسوأ أمنياً واقتصادياً، ولقد بدا واضحاً كيف انعكس سوء أداء الاقتصاد اللبناني سلباً على الاقتصاد السوري. ثم تطرقت إلى الدور الروسي، فقالت إن قدرات الروس أيضاً محدودة في حل أزمات الأسد السياسية والعسكرية، ومع أن الطيران الحربي الروسي كان فعالاً جداً في عمليات التدمير والقصف وقتل الأبرياء فإن موسكو لن تكون قادرة على تحصين النظام عسكرياً أو مالياً.
وأشارت الخبيرة الأميركية إلى أن السيطرة الميدانية غير عميقة وثمة قوى أخرى قادرة على منع الهيمنة الفعلية للنظام منها «داعش» الذي خسر مرحلياً لكنه لم ينتهِ، والفصائل الإسلامية رغم اختلافاتها، والميليشيات الكردية. إلى أن تقول: «مع أن الوجود الأميركي على الأرض ليس كافياً» فثمة قوى أخرى على أرض سوريا قد تكسر النظام.
في أي حال، وعودة إلى الباحثة الإسرائيلية فالنسي، فإنها شرحت في تعليقها بختام الندوة نظرة إسرائيل إلى نظام الأسد، فقالت إن الإسرائيليين اختاروا ألا يتدخلوا (في الحرب السورية من أجل إسقاط نظامه) من ثلاثة منطلقات: الأول أن الشيطان الذي تعرفه أفضل من المجهول. والثاني أن النظام أبقى الجبهة الحدودية هادئة. والثالث أن لديه من الهموم الأخرى ما سيشغله مستقبلاً عن أي حرب مع إسرائيل.
أعتقد أن التعرّف على طريقة تفكير الباحثين السياسيين الجدّيين في قضايا الشرق الأوسط، بصرف النظر عن هوياتهم وميولهم السياسية، أمر مهم جداً. المسألة أكبر بكثير من الشعارات والتمنيات والمماحكات، وأهم بكثير من أن ننساق وراء الانبهار بمواقف أقنعنا أنفسنا بأن هذا ما يتوقعه الآخرون منّا.
حبّذا المزيد من الوعي… والأقل من الانبهار.
الشرق الاوسط اللندنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.