اليوم الوطني للجيش : رابطة مقدسة مع الشعب وعقيدة دفاعية راسخة    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025/ : الجزائر حاضرة في أربعة اختصاصات في اليوم الثامن للدورة    الجزائر تنضم إلى شبكة نظام الدفع والتسوية الإفريقي الموحد    طالبنا بموقف أوروبي برلماني لوقف جرائم الاحتلال في غزة    تترجم نجاح سياسة الدولة في مجال إعادة التربية والتأهيل    معاينة مكثفة لمدى التزام التجار بمعايير النظافة والصحة    اليونيسف : أطفال غزة يحتاجون إيقافاً مستداماً لإطلاق النار    ناصري وبوغالي يهنئان المنتخب الوطني لكرة السلة    ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 60430 شهيدا و148722 مصابا    وفاة 13 أشخاصا و إصابة 503 آخرين بجروح    الجلفة : وضع حد لنشاط شبكة إجرامية    الألعاب الإفريقية المدرسية: الجزائر تتغلب على أوغندا (1-1, 3-0 بركلات الترجيح) وتبلغ النهائي    وزارة الثقافة والفنون تنظم ورشة تكوينية دولية حول التراث العالمي بالاشتراك مع صندوق التراث العالمي الإفريقي    تصعيد الضغط على المخزن يتواصل    شباك موحد خاص ب"قرض الرفيق"    مبادرة آرت 2 : الإعلان عن حاملي المشاريع المبتكرة في الصناعات الثقافية والإبداعية    المؤتمر العالمي لرؤساء البرلمانات:بودن يدعو الى إعادة التوازن لمنظومة العلاقات الدولية    التقشف ضرورة.. الفاف يهدد وقرارات تاريخية منتظرة    اعتراف دولي بمكاسب الجزائر الاقتصادية الاستثنائية    الخطوط الجوية الداخلية تشرع في النّشاط خلال أيام    ارتفاع حصيلة ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 169 شهيد    "فنار" عنابة.. الحارس الملازم لمكانه منذ قرن ونصف القرن    سلسلة توثيقية تفضح الشركات متعددة الجنسيات في نهب ثروات الصحراويين    اختتام التظاهرة الثقافية بانوراما مسرح بومرداس..تقديم 55 عرضًا مسرحيًا على مدار أسبوع كامل    وزير الثقافة يزور الفنان القدير "قنا المغناوي" للاطمئنان على صحته    سحب فوري للترخيص ومنع الوكالات من تنظيم العمرة في هذه الحالات    وهران تكرم المتفوقين في البكالوريا والمتوسط    "الخضر" يضبطون ساعتهم على لقاء أوغندا    عمار طاطاي مربي الأفاعي والتماسيح يُبهر زوار "نوميديا لاند"    المنتخب الوطني يتوج باللقب العربي    الألعاب الإفريقية المدرسية: المنتخبان الوطنيان للكرة الطائرة الشاطئية (إناث وذكور) يتوجان بالميدالية الذهبية    المحامي سعيد موهوب... المعاق الذي يرافع من أجل الأصحاء    الجلفة تنزل بزخمها ضيفة على عروس الشرق عنابة    أمواج دوّاس تعرض "الفتنة القرمزية"    سؤال واحد أعادني إلى رسم تراث منطقة القبائل    شركة إسمنت عين التوتة تْشيد بنتائج النوابغ    فنلندا تستعد للاعتراف بفلسطين    بوغالي يتمنّى مزيداً من النجاحات    متخصصة في الاقتصاد الطاقوي..عرقاب يستقبل البروفيسور ليلى شنتوف الباحثة الجزائرية    ضبط 600 قرص مهلوس بالسوقر    البنك الدولي : إدراج الجزائر ضمن الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل    تصعيد الضغط على المخزن من أجل وقف استقبال سفن الإبادة الصهيونية في الموانئ المغربية    تجارة : تكثيف الرقابة على المواد الغذائية وشروط السلامة الصحية عبر الوطن    الفريق أول السعيد شنقريحة يترأس حفل تكريم أشبال الأمة المتفوقين في شهادتي البكالوريا والتعليم المتوسط    إبداعات تشكيلية تضيء جدران المتحف الوطني للفنون الجميلة    وزارة التربية تعلن عن تغيير مقر إيداع ملفات المصادقة على الوثائق المدرسية    واضح يُشدّد على التعريف أكثر بمفهوم المقاول الذاتي    هذه تفاصيل عطلة الأمومة..    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    تمديد أجل إيداع وثائق استيراد وسائل التجهيز والتسيير إلى غاية 15 أغسطس الجاري    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوف أجعلكم تحكمون العالم!
نشر في الحياة العربية يوم 18 - 04 - 2020

في هذا الجو العالمي المعتم والشعوب تقلّب نظرها في آثار هذه الجائحة العظمى، تطرح بعض الأسئلة الكبرى، كيف سيكون العالم بعد انتهاء هذا الوباء؟ الكثير من الاجتهادات على مستوى العالم وعلى مستوى المناطق الجغرافية، لكن أبقى في منطقة الشرق الأوسط لأقول كيف ستبدو هذه المنطقة على المستوى الإقليمي بعد هذه الجائحة؟ قبل الإجابة أريد أن أعرض السيناريو التالي، لنفرض جدلاً أن الصين الحالية قررت أن تنتقم من بريطانيا لأن الأخيرة قبل قرنين من الزمان تسببت قسراً في انتشار الأفيون وبالقوة في أراضيها وأرغمتها على الخضوع في معاهدة رسمية لقبول التجارة المسمومة! مما جعل معظم الصينيين متعاطين! بالتأكيد لو قرأ أحدنا اليوم فكرة «الانتقام» تلك لأصبنا بالدهشة المفرطة؛ فالزمن قد تغير والتاريخ مضى، فما بالك لو استدعينا أمراً تاريخياً مضى عليه أكثر من أربعة عشر قرناً وتفرقنا حوله، بالتأكيد العالم سوف يرفع حاجبيه متسائلاً، وهل الخلاف الذي مرت عليه كل تلك القرون يستحق أن يعاد تكراره اليوم،
أعود إلى مستقبل الإقليم اليوم، فدون الركون إلى بعض العقلانية السياسية في منطقة الشرق الأوسط، سوف نظل نستنزف قدرات شعوبنا حتى نصل العظم بعد اللحم. وحتى نكمل الصورة؛ فلا أعتقد أن كثيراً من العقلاء يرغبون في أن يتدخلوا في كيف تحكم إيران نفسها! ذلك متروك للشعوب الإيرانية، الخلاف القائم الذي يجب أن يعاد النظر في أسبابه هو التدخل الإيراني النشط في الجوار، من أجل توسيع نفوذ الدولة الإيرانية كما هي اليوم، تحت غطاء كثيف من المظلة الطائفية، وهي فقط تقنع البسطاء أو أصحاب الغرض، وليس الكم الكبير ممن يستخدم عقله في التحليل المنطقي في كلا الاجتهادين. التوسع يحدث من خلال تبني مجموعات – الأفضل أن تكون مسلحة – في كل من العراق، واليمن، ولبنان، وخاصة في فترة تحلل الدولة، من أجل تسهيل «التوسع».
الآن، لنَعُد إلى التاريخ قليلاً للمقارنة، فقد دخل العالم، بعد أزمات قاسية، في حروب كبرى في القرن العشرين، منها الحربان العظميان الأولى والثانية، والتاريخ يقول لنا إن الأسباب الحقيقية لكل الحروب أنها ردع (محاولات السيطرة والتوسع)، واحد من قادة العالم بعد الحرب العظمى الأولى انتبه إلى صلب المشكلة هو مصطفى أتاتورك؛ فقد تبنى مسطرة واضحة مفادها «ليس لي رغبة في أراضي الغير، ولن أتنازل عن أي أرض تركية». طبعاً يجري الآن مسح تلك الفكرة الصائبة، والتي جعلت من تركيا على أعتاب دولة حديثة، وهي فكرة الدولة الوطنية.
لقد قامت الحروب ليس دفاعاً عن الحريات ولا هي ضد الديكتاتوريات، فقد تعاون الغرب، مع الاتحاد السوفياتي، وجوزف ستالين ولم يكن يقود دولة ديمقراطية، التحالف تم ضد ديكتاتوريات نازية في ألمانيا وفاشية في إيطاليا وربانية في اليابان، حيث قالت تلك الديكتاتوريات لشعوبها «سوف أجعلكم تحكمون العالم!»؛ لهذا تكتل العالم حتى لا تحكمه تلك الديكتاتوريات. المقارنة واضحة، فإن استمرار فكرة «تصدير الثورة» من الجانب الإيراني هو الاسم الجديد لمفهوم «سوف أجعلكم تحكمون العالم»، هذا المأزق القائم على فكرة مناقضة للواقع سوف يظل معنا ربما حتى بعد «كورونا»، إذا لم يستفد النظام الإيراني من الدروس العميقة لهذه الجائحة التي لا تفرق بين المذاهب والأديان. أفهم أن يبقى بعض وربما كثير من الإيرانيين خلف نظامهم حباً أو رهبة، لكن لا أفهم الأشقاء العرب ويعيشون في أوطان عربية أن يلتزموا بتلك الفكرة، فقط لأنهم من ذلك الإيمان المذهبي أو هذا، عندي أن الإيمان واحد والوطن أيضاً واحد، لا يخلط أحد عاقل بين الإيمان بفكرة وخسارة الوطن، لكن المشروع الإيراني السياسي يقوم على خلط الاثنين معاً بشكل ضبابي؛ فدول هذه الشرائح من المواطنين – حتى لو كانت تعاني نقصاً – هي أكثر رحابة صدر من الحكم في إيران، فهو ليس ثيوقراطياً فقط، لكن قمعي وتوسعي، عينه على موارد تلك الشعوب المجاورة ولا يهمه رفاهيتها أو تقدمها، هنا العجب أن يخرج أحدهم في بيروت ويقول ما معناه «إن لبنان لا يعني شيئاً لي»، وهو قول مُوجع، لكنه قيل على رؤوس الأشهاد، أو يخرج المتحدث باسم الحوثي مؤخراً ليعلق على وباء «كورونا» في اليمن! يقول إن وقف إطلاق النار، الذي أراد تجنيب اليمن ويلات الوباء، وهو بسبب «تغير موازين القوى»! ترى أي عقول يفترض أنها تستمع إليه لتصدق؟ وهو في الغالب يعرف أن هذا الوباء – لا سمح الله – لو وصل اليمن لأهلك الحرث والزرع بسبب البنية المتردية للنظامين الإداري والصحي هناك! ليس هناك فرق بين من يتخطى وطنه اللبناني أو العراقي أو اليمني ويعتقد بخرافات وشعوذات سياسية تابعة لمشروع إلحاقي الإيراني وبين المغيب عن الوعي، كلاهما يسير في نفق مظلم. من هنا، فإن مستقبل منطقة الشرق الأوسط بعد هذه الأزمة الكبرى والتي سوف تُخلف آثاراً اقتصادية واجتماعية ونفسية عميقة، يعتمد على ردة فعل النظام الإيراني، هل يعترف بالدولة الوطنية في الجوار، وتباعاً احترام القوانين الدولية والانصراف إلى البناء الداخلي، أم يستمر في تصوره الطوبائي (سوف أجعلكم تحكمون العالم)، وهذا التوجه الأخير ليس تدميراً لأي بارقة أمل في بناء نظام إقليمي ومن ثم دولي جديد، بل هو أيضاً تدمير للسلم في المنطقة. الاحتمال الآخر الذي يجب التفكير فيه هو أن النظام الإيراني وقد فقد الكثير من صدقيته في بيئته، قد يزداد ضراوة في الجوار، بسبب عدم قدرته على تقديم حلول عملية للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والوفاء باحتياجات الشعوب الإيرانية التي سوف تواجهه جراء تأثير هذا الوباء على الاقتصاد والمجتمع الإيراني. بالطبع أي عاقل يتمنى أن يجنح النظام الإيراني إلى السلم وأن يسقط الفكرة الطوبائية (سوف أجعلكم تحكمون العالم)؛ فتلك مقولة لم تعد صائبة في زماننا وهي لم تكن صائبة في أي وقت مضى، والأكثر دماراً إن اتبعت بعد هذه الجائحة العالمية المدمرة.
..آخر الكلام:
تستطيع أن تتحكم في الناس إن أقنعتهم بفكرة ما وتجعلهم يقومون بما تملي عليهم، لكن ذلك لا يستمر؛ ففي وقت ما يرجع كثيرون إلى عقولهم، وخاصة فيما بعد الأزمات.
الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.