كرة القدم/المنتخب الوطني: حماس كبير للاعبين بالمنطقة المختلطة قبل ودية رواندا    الرئيس البرازيلي يؤكد أن ما يحدث في قطاع غزة "إبادة جماعية"    عيد الأضحى: تسخير أزيد من 11300 تاجر لضمان المداومة بناحية سطيف    وزير المجاهدين يعزي في وفاة المجاهد مصطفى بودينة    سايحي وبن طالب يلتقيان بليوبليانا مع مستشارة الوزير الأول السلوفيني المكلفة بالتعاون الإنمائي    الحد من مضاعفات بطانة الرحم المهاجرة محور يوم دراسي بالجزائر العاصمة    الجيش الوطني الشعبي: القضاء على إرهابيين اثنين وآخران يسلمان نفسيهما مع توقيف 6 عناصر دعم خلال أسبوع    المغرب: هيئات تستنكر بشدة قرار المخزن تعزيز تعاونه مع الكيان الصهيوني    توسعة الحرم المكي: انجاز تاريخي لخدمة الحجاج والمعتمرين    المنتخب الوطني: عمل تقني وتكتيكي في برنامج الحصة التدريبية " للخضر"    نمو الاقتصاد خارج المحروقات بوتيرة عالية في الجزائر    الجزائر لن تغفر أيّ تدخّل خبيث أو ناعم    نجوم بالمجّان في صيف 2025    نحو إطلاق مشاريع كبرى بشراكة أجنبية    ارتفاع جنوني في أسعار الأضاحي    مدير معهد الصحة العمومية: حققنا تقدما في الوقاية    دور المجتمع المدني في حماية البيئة محور يوم علمي    البرلمان العربي يدعو المجتمع الدولي للتحرك "العاجل والفوري" لوقف حرب الإبادة في غزة    الطبعة ال28 لصالون الجزائر الدولي للكتاب من 29 أكتوبر إلى 8 نوفمبر 2025    الكيان الإرهابي يتوحّش في غزّة    ويلٌ لمن خذل غزّة..    خطّة المشاعر المقدسة جاهزة    المسيلة: افتتاح معرض لأعمال الفنان التشكيلي البلجيكي الراحل إدوارد فيرشافيلت    سونلغاز: مخطط خاص لضمان الخدمات خلال عيد الأضحى والامتحانات الوطنية    انطلاق عملية تصعيد الحجاج الجزائريين إلى صعيد عرفات    تناولنا "كيفيات تعزيز التعاون و التنسيق بين الجانبين    أعددنا "خطة محكمة لضمان وفرة المياه قبل وأثناء وبعد العيد"    الجالية" جزء لا يتجزأ من الشعب والطاقات الحية للبلاد "    رئيس الجمهورية: أمن و استقلالية قرار القارة "توجها استراتيجيا"    تقديم موعد مباراة الخضر    عرض ضخم لزيدان    خطوط جديدة للقطارات    مجلس الأمة يرد على اليمين المنحرف الفرنسي: "أحلامكم واهية"    27 شهيدا وأكثر من 90 جريحا غرب رفح    "زحف" على محطة الخروبة عشية عيد الأضحى    بوغالي يدعو للدفع بالتعاون البرلماني بين الجزائر ونيكاراغوا    القافلة الإعلامية الجزائر – تونس الوجه الآخر للتعاون    جمعية أصدقاء الجمهورية العربية الصحراوية تدين بشدة    "البيام".. تنظيم محكم وتصحيح الإجابات بداية من 16 جوان    مطالب بتأمين التقاعد وتوسيع الميناء    جهود للحفاظ على الموارد البيولوجية البحرية    متابعة العمليات التجارية وأشغال نهائي الحاويات    جاهزون لخدمة الحجّاج وخطة المشاعر غير قابلة للخطأ    تطبيقات ذكية وتنسيق قطاعي لتحويل نفايات العيد بقسنطينة    صادي يراهن على الكفاءات الجزائرية    عمراني يريد مرتبة مشرفة بعد البقاء    رحيل الفنانة المصرية سميحة أيوب عن 93 عاما    الصحراء الغربية وموريتانيا ضيفتا شرف الدورة الرابعة    "الترجمة والتعليمية: بين الوسيلة والغاية" محور ملتقى وطني    دوريات رقابية بغابات البليدة لمنع مواقد الشواء    هذه أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة    برنامج ترفيهي وتربوي بالمسرح الوطني    لا بديل عن الشرعية الدولية في الصحراء الغربية    بللو يؤكّد إيداع ملف المسارات الثقافية لدى اليونيسكو    اتفاقية لاستحداث مركز بحث لتطوير وإنتاج لقاحات بشرية وبيطرية    التكفل بعدد من الأطفال الفلسطينيين المتضررين جراء العدوان على غزة    العشرة المباركة    عيد الأضحى المبارك سيكون يوم الجمعة 06 جوان 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤرخ ريتشارد أوفيري يقدم في كتابه الجديد قراءة مغايرة: الحرب العالمية الثانية حركتها أوهام إمبريالية لكنها أنهت العصر الاستعماري
نشر في الحياة العربية يوم 29 - 11 - 2021

من الشائع أن الحرب العالمية الثانية اشتعلت شرارتها بسبب توسع بلدان المحور، لا سيما ألمانيا وإيطاليا واليابان، وسعي الحلفاء إلى صد هذا التوسع، لكن المؤرخ البريطاني المتخصص في هذا النزاع الذي دار بين 1939 و1945، ريتشارد أوفيري، في كتاب صدر أخيراً، يشكك في هذه النظرية ويطرح نظرية بديلة، لقد كانت السياسات التي اتبعتها الدول الثلاث من نتائج الأزمة بقدر ما كانت أسباباً لها.
يقول في كتابه، "دماء وأنقاض: الحرب الإمبريالية الكبرى، 1931-1945" (صدر عن ألن لاين للنشر في 1040 صفحة)، إن من المنطقي أكثر اعتبار أن الحرب بدأت في الصين مطلع ثلاثينيات القرن ال 20 وانتهت هناك إلى جانب جنوب شرق آسيا وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط بعد عقد من عام 1945.
ووفق مراجعة للعمل نشرتها مجلة "إيكونوميست"، يعزو السيد أوفيري أسباب هذه الحرب إلى ذروة الاستعمار الأوروبي في أواخر القرن ال 19، وسرعان ما أصبحت الحرب السبب الأبرز لسقوط هذا الاستعمار، وهو يقتبس عنوان كتابه من ليونارد وولف، العضو في مجموعة "بلومزبيري" للمفكرين التي برزت في المملكة المتحدة خلال العقود الأولى من القرن ال 20، فوولف كتب عام 1928 يقول، "لم تعد الإمبريالية كما عرفت في القرن ال 19 ممكنة بعد الآن، والسؤال الوحيد المطروح هو هل ستُدفن بسلام أم في دماء وأنقاض".
ومن أبرز الدوافع إلى الحرب العالمية الثانية، يشير السيد أوفيري إلى تسوية عام 1919 التي أبرمت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، فقد اعتبرتها ألمانيا وإيطاليا واليابان غير منصفة لها، إذ اقتصرت عموماً على الحفاظ على الإمبراطورتين البريطانية والفرنسية وتوسيعهما. ويلفت إلى أن الأفكار المتعلقة بالتفوق العرقي التي راجت في البلدان الثلاثة ودفعت طموحاتها التوسعية لم تكن مختلفة كثيراً عن الأفكار الكامنة في الإمبراطوريتين، وهو يعتبر أن سياسة الترضية (هو يفضل "الاحتواء") التي اتبعتها بريطانيا وفرنسا في الثلاثينيات في تعاملهما مع البلدان الثلاثة عكست تعاطفاً مع هذه الطموحات إلى جانب محاولة "لم تكن متماسكة أحياناً" للجم "الاضطراب الدولي المتزايد ورغبة الدولتين في حماية الوضع الإمبريالي القائم".
لكن سياسة الترضية باءت بالفشل، على ما يرى السيد أوفيري، فالمشكلة كانت تكمن في طبيعة التوسعات الإمبريالية كلها، وفق "إيكونوميست"، فكل تسوية عززت الشهية إلى مزيد من التوسع، لا سيما مع اعتبار ألمانيا وإيطاليا واليابان أن بريطانيا وفرنسا دخلتا في تراجع نهائي. وتعززت هذه القناعة مع الانهيار الغربي إثر اجتياح ألمانيا النازية لبولندا وإبرام ألمانيا وإيطاليا واليابان في 27 سبتمبر (أيلول) 1940 الاتفاق الثلاثي الذي أسس "نظاماً جديداً" تكون فيه للبلدان الثلاثة إمبراطوريات في أوروبا، وحوض البحر المتوسط وأفريقيا، وشرق آسيا على التوالي، ولم تكترث البلدان الثلاثة في أوهامها إلى حقيقتين، أولاهما أن الإمبراطورية البريطانية لم تقر بالهزيمة وثانيهما أن الولايات المتحدة كانت تستعد للتدخل الاقتصادي من خلال برنامج الإعارة والتأجير الذي مدت به الحلفاء بالسلاح والمؤن قبل أن تشارك فعلياً في الحرب.
ورأت دول المحور بحسب الكتاب مهمتها الإمبريالية مقتصرة على نهب الموارد والاستيطان على حساب السكان المحليين الذين اعتبرتهم في الأغلب أقل من البشر، لكن مواطنيها الذين تشجعوا على الاستيطان في البلدان المحتلة كانوا قلائل، كما أن استغلال الموارد في هذه البلدان كان صعباً بسبب ظروف الحرب، فعلى سبيل المثل، في حقول النفط في القوقاز، التي توقع الزعيم الألماني أدولف هتلر أن تمد آلته الحربية بالوقود، لم يُستخرج سوى قليل من النفط قبل أن يغادر الألمان المنطقة أوائل عام 1943.
وبرزت أوهام لدى الحلفاء أيضاً، وفق السيد أوفيري، فرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل حذر عن حق من أن انتصار قوى المحور سيغرق العالم في عصر مظلم جديد، لكنه كان متمسكاً بالإمبراطوريات الأوروبية القديمة، في تناقض مع السياسة الدولية الليبرالية التي انتهجها الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت وعبر عنها عند توقيع ميثاق الأطلسي عام 1941. وبسبب تضمن الميثاق التزاماً بحق الشعوب في تقرير المصير، وقعه تشرشل متردداً. وفي حين كانت بريطانيا تعتقل عشرات آلاف القوميين في الهند عام 1942 ولا تتردد في إطلاق النار على المتظاهرين هناك، كانت الولايات المتحدة لا تفي بخطاب روزفلت، فالتمييز العنصري الذي كان يشوب البلاد وصل إلى صفوف القوات المسلحة، إذ ظل سلاح البحرية مقتصراً على البيض حتى عام 1942، ولم يزد عدد ضباط الجيش السود عن اثنين في المئة، في حين كان عمل الجنود السود مقتصراً على العمل اليدوي أو الخدمي.
ويلفت الكتاب إلى أن لندن وواشنطن لم تهتما كثيراً بإنقاذ يهود أوروبا، ففي هذا الشأن، يقول السيد أوفيري، أبدت الحكومة البريطانية " قسوة كذبت تماماً الادعاء بأن البريطانيين كانوا يقاتلون من أجل قيم [مُثل عليا]". ويهتم العمل بالمحيط الهادئ وشرق آسيا بقدر ما يهتم بأوروبا، ويتناول تكيف البلدان المتقاتلة اقتصادياً، وأثر الحرب في مواطنيها بصفتهم مشاركين فيها وضحايا لها. وتلفت "إيكونوميست" إلى وزن تقنيات القتال، فالتكنولوجيا والتصنيع في الولايات المتحدة وبريطانيا مكنا جيشي البلدين من معادلة التفوق الميداني الذي أبداه الجيش النازي.
وتقوّم "إيكونوميست" الكتاب بالقول إنه يفرط في التفاصيل أحياناً، لكن القارئ الأكثر تخصصاً ينتهي منه وقد اكتسب معلومات إضافية. وفي الفصل الأخير يستعرض المؤرخ جرائم الحرب وبشاعاتها، وهو فصل اعتبرت المجلة قراءته مرهقة، مشيرة إلى أن قدرة الناس العاديين على ارتكاب البشاعات ليست مفاجئة، لكن مقدار الوحشية في هذه البشاعات لا يزال عصياً على الاستيعاب.
ويكرس الكاتب الفصل الأخير للعقد التالي لعام 1945 وهو عقد شكل العالم كما نعرفه اليوم، فهل حلت الإمبراطوريتان الأميركية والسوفياتية محل البريطانية والفرنسية بكل بساطة؟ يجيب السيد أوفيري بلا، لكن المجلة ترى أن زعمه بأن الهيمنة السوفياتية على أوروبا الشرقية افتقرت إلى المواصفات التي تسم الإمبراطوريات غير مقنع كثيراً، بيد أنها تلفت إلى أن هذا النقد بسيط، فالعمل "رائع ويعكس القدرة البحثية والفهم الإنساني العميقين لدى مؤرخ وقور".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.