تعدّ انتفاضة بني شقران التي وقعت بولاية معسكر يوم 5 أكتوبر 1914، إحدى المحطات التاريخية البارزة في مسار مقاومة الشعب الجزائري للاستعمار الفرنسي، إذ جسدت رفض الأهالي لممارسات الإدارة الاستعمارية، وفي مقدمتها سياسة التجنيد الإجباري في صفوف الجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الأولى. وأوضح الباحث في تاريخ المقاومة الجزائرية والثورة التحريرية بالمنطقة، أحمد طواقين، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أنّ هذه الانتفاضة التي شملت بلديتي الفراقيق والمامونية، جاءت امتداداً لحركات المقاومة الشعبية التي سبقتها، وعبرت بوضوح عن إصرار الجزائريين على رفض بقاء المحتل الفرنسي في أرضهم. وأشار المتحدث إلى أنّ التحضير للانتفاضة بدأ في 22 أوت 1914 باجتماع موسّع ضم قبائل بني شقران، سيدي دحو، أولاد خليفة، أهل مهاجر، وأهل البرج، حيث ناقشوا فرضية تجنيد شباب المنطقة قسراً للقتال في حرب لا تعنيهم. تلت ذلك اجتماعات أخرى أبرزها اجتماع 6 سبتمبر 1914 الذي شهد انقسام الأعيان إلى مجموعتين بين معسكر وسيدي دحو، واتفقوا جميعاً على ضرورة الإعداد الجيد لانتفاضة شعبية واسعة. وفي 5 أكتوبر 1914 خرج الآلاف من السكان في مظاهرات صاخبة رافضة للتجنيد، ما دفع سلطات الاحتلال إلى استدعاء قوات عسكرية لتفريقهم. وقد واجه المتظاهرون القمع ببسالة، غير أن القوات الاستعمارية ردّت بحملة اعتقالات وإطلاق نار مباشر. وبيّن الباحث أنّ فرنسا جندت أكثر من 15 ألف جندي بقيادة الجنرال لابي لإخماد الانتفاضة، حيث ارتكبوا مجازر بشعة، وأحرقوا قرى بأكملها، وشردوا سكانها، على غرار دوار الفراقيق. كما اعتقل المئات من أعيان المنطقة وقادة الانتفاضة، وأحيلوا على محاكم استثنائية أصدرت بحقهم أحكاماً قاسية تراوحت بين الإعدام والسجن المؤبد، إضافة إلى مصادرة أملاك القبائل وفرض غرامات مالية باهظة، وترحيل بعض القادة إلى سجون فرنسا بأمريكا اللاتينية. ولتعريف الأجيال الجديدة بهذه المحطة التاريخية، شرعت مديرية المجاهدين وذوي الحقوق لولاية معسكر منذ بداية السنة الجارية في تنفيذ برنامج خاص بالذاكرة الوطنية يتضمن محاضرات وندوات علمية من تنشيط أساتذة جامعيين ومجاهدين، إلى جانب معارض تاريخية توثّق أحداث الانتفاضة ومآثرها.