ولأن مواقف الجزائر من قضايا الاحتلال والاستعمار مبدئية، وغير قابلة للتنازل، كان لزاما على أعلى السلطات العليا في البلد أن تتحرك لتصحيح الانحراف الذي وقع فيه الأمين العام للأفلان، عمار سعداني، وأوقع فيه مؤسسات الدولة، الأمر هنا يتعلق بتصريحاته حول الصحراء الغربية والتي تركت الانطباع أن الحزب الحاكم بأمينه العام الحالي يريد التنصل من هذا الملف. ولأن الحرج كبير بالنسبة لمؤسسات الدولة، وقيادات البلد، فكان استقبال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للرئيس الصحراوي، تحمل من الرسائل ما يؤكد ثبات الجزائر ومؤسساتها تجاه قضية تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية. صحيح أن السياسة الخارجية من اختصاص رئيس الجمهورية ومؤسسات الدولة، وصحيح أيضا أن التعبير عن مواقف الجزائر الخارجية لا يكون إلا في الإطار الرسمي، إلا أن تجاوزات بعض السياسيين أمثال سعداني الذي استطاع إعطاء الانطباع انه يتكلم باسم الرئاسة أوجهة ما من مؤسسات الدولة، خلق لبس وغموض في التوجهات السياسية العامة. واضر كثيرا بالإجماع الوطني حول مسألة تصفية الإستعمار في الصحراء الغربية.. فهل كان سعداني مدركا لتصريحاته وخطورتها أم أن كثرة الكلام تؤدي حتما للوقوع في المحظور؟.